ادب وفن

في الطريق إلى جنة سلام عادل* / شعر: موفق محمد

لم يكن موحشا .. فقد كنت تشرق فيه***
قبل خمسين عاما..
كانت الأرض واقفة على أطراف أصابعها
لترى من كوة ما تبقى من جسدك
الذي نهشته نيوب ضباط القرى المتوحشين
الشاربين دم العراق
فتلطم ناثرة نخيلها وجبالها
إلى سماء فقدت بصرها وبصيرتها
هذا جميلك يا سلام
فقد كنت سوطا من دم يتوهج في الزنازين
لتلسع عيون جلاديك
فلم تكن وحدك ...
يا سلام
كنت تقاومهم بأمة من الشهداء
وكأن روحك اختصرت الشهادة كلها..
فطارت مرفرفة بآلاف الملائكة
راسمة بأجنحتها على طول المدى
لبيك يا عراق
لبيك يا عراق
فلقد كانت آيات بياضك فاضحة لسوادهم
فهي مدى لا ينتهي إلى مدى
وآية تظل تتلى أبدا
***
اللهم أطل في أعمار جلادينا.. آمين
ليذوقوا جهنم أخطائهم
التي نصطلي بها الآن جميعا
والتي رسموها في شباط الأسود
بالمناشير وهي تحز رقاب العراقيين
وبالسواطير وهي تهرس أجساد الأمهات
والفتيان والصبايا
ما لهذا الليل الذي
لا يلتف إلا على أجساد أمهاتنا
ليعود إلى السماء
مثقلا بالأسى والضيم
ليطبق ثانية على صدور العراقيين
وبالحروب التي طحنت العراق
في فوهات البنادق والخنادق والربايا
فلم يعد وطنا
وها نحن نلملم ما تبقى منه
فلقد اكتظت سماؤه بعيون الشهداء
التي تنز دما وندما
واسود وجه الرافدين
واحدودبت ارض العراق ولا عصى
ونكست الأنهار
أمواجها إلى إشعار آخر
فما من أحد في هذا الكون يعرف
متى تنتهي نوبات الغضب المزمنة في العراق
***
لا ذنب للشيوعيين..
سوى حب العراق والعراقيين
فهم يكتفون من كل سنابله بحبة واحدة
يزرعونها في قلوبهم لترافقهم في حلهم وترحالهم
ومن كل أنهاره بغيمة واحدة
تمطر القلب لتكبر شجرة المحبة
راسمة بثمارها:
"وطن حر وشعب سعيد"
***
هذا جميلك .. يا سلام
كان الحمام يتطاير من
جراحك المعفرة
بالملح ضاربا بأجنحة
وجوه الجلادين الكالحة
حاملا بمناقيره عناقيد صبرك
وهي تصدح بالمحبة والسلام
كنت تمسد جراح.. رفاقك
لتحليها من صبرك
فقد كان حلوا رغم مر النازلة
وتخبأ آلامهم في قلبك
الذي يتفايض بالنور
فيشرب الظامئون
إلى المعرفة من سواقيه
فتهتز البلابل طربا
وتغادر أقفاصها إلى غير ما رجعة
هذا جميلك يا سلام
فلقد علمتنا أن نرى.. جراحك في جمار النخيل
هذا جميلك يا سلام
فإنهم سيقتلونك
حتى لو لم تكن شيوعيا
فان مجرد اسمك
كاف لإثارة الفزع في قلوبهم
فهم يرتعدون من كل سلام وعادل
أرعبت جلاديك
حين نزعت عظام صدرك للسكاكين الطويلة
أبكيت جلاديك..
حين وقفت مبتسما أمام البندقية
أفزعت جلاديك
حين صرخت رغم الموت:
يا كل رصاص العالم المسعور
كن وردا..
وصدري مزهرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*القاها الشاعر في احتفالية الشهيد يوم الجمعة
14-3-2014