ادب وفن

نص لمحمد سعيد الصكار/ عدنان محسن

في أواسط التسعينيات من القرن الفائت، مرّت على صديقنا الراحل محمد سعيد الصكار ظروف شخصية ومهنية في غاية الصعوبة والتعقيد. حسين كركوش وأنا، كنّا معه، معه ولكن بالكلام الذي لا نملك ولا نُحسن سواه.
آنذاك كان معهد العالم العربي في باريس قد أقام حفلا تكريما لبدر شاكر السياب. وبعد الأمسيات كان الصكار يستضيف أصدقائه من المشاركين. وفي أمسية جمعت سعدي يوسف وبلند الحيدري وصلاح نيازي وصديق آخر نسيت اسمه، وكنّا نحن الاثنين في بيته،كان في أعماقه يترنح كالطير المذبوح،لكنّه أخفى على الجميع بفروسية النبيل وبكبرياء الشعراء.
في اليوم التالي، اتصل بي قائلا: أقراُ وسمعتها اقرأ، أجبته مازحا:لست بقارئ، انفجر ضاحكا: لك آني اللي يقرأ.
وقرأ هذا النص مهدى إليّ. لم أعثر على النص في كتبه المتوفرة لدي. ربما كتبه ثمّ نساه في خضم تلك الفترة.
وأحسب أنّ الهادي والمهدى أليه واحد. هو محمد سعيد يكتب عن الصكار، بمحاكاة الشاعر لذاته الجريحة بحضور الصديق. وجود اسمي هنا فرضه الوزن واقتضته القافية وذلك الحضور الذي أنجب علاقة كبرت في رحم المحن.هو تقريظ للصداقة،تلك التي حلّق فوق تخومها حسين كركوش عندما رافقه حتى آخر لحظة في حياته.

الشاهد
محمد سعيد الصكار
إلى عدنان محسن
عدنان..
هذا قمر يترنّح بين غيوم الآلام
وشاهده أنت.
هذا قمر يُسرج لونا أخضر لم تألفه الأقمار،
وشاهده أنت.
هذا قمر يتمثّل ألوان الأرض ويحلم أن يمنحها لونا آخر
شاهده أنت.
يا عدنان..
تتوالى الألوان،
تتوالى الأحزان،
تتوالى قمم تُنفي قمما،
شاهدها أنت.
يا قمرا ينشئ ألوانا أخرى
ضاعت صبغتها،
ألوانا ليست في دائرة الألوان
شاهدها هذا القمر المترنح بين الغيم وبين الحلم
وبين خريف لا رأفة فيه،
فالتمس الرأفة في ألوانك يا عدنان،
يا قمرا يتنزّه مأخوذا برفيف الألوان.
باريس
1995