ادب وفن

نصوص / جواد وادي

وصيةأوصيكم أن تحرقوا البخور
عند مدخل المدفن
لا تنشّوا الذباب عن أجساد الموتى
دماء المنحورين ما جفّت بعد
وخوذة المحارب ما لامسها الغبار
فلماذا تكيدون للموتى وأنتم الهالكون
لا تطْلوا أسماءكم بالألوان
ولا تزوقوا شواهد قبوركم
بنعي منقوع بالدماء
ما معنى أن تقيموا بتلك الغابات
وأنتم من أحرق آخر الفسائل
وهشّم كل الجرار
فاندلقت منها المياه
لا لتسقي الأرض العطشى
ولكن لترتوي من فوقنا سحبٌ سوداء
ركام الكلمات يتناثر على أجسادنا
بطعم الملح
ونحن نزأر خوفا في أقبيتنا
من الذئاب القادمة نحونا
دعوني أنا وحدي
من يرمم الأجساد المنخورة
الملقاة على حافة الوطن
الطاعن في الخراب
أنا وحدي من يلج الحانات
دون أن يعثر على رفاق أحياء
كلما ناديت النادل
سمعت قهقهات لا أعرف من أين تأتيني
فأرتشف بغلٍ نبيذي
وأنا أتذكر رفاقي الذين غدرهم الرصاص
ولم يتركوا لي غير وصية تقول:
لا تدع الأقاويل تحوم حول بقايا أنخابنا
تلك التي تركناها عند ضفة النهر،
أيها الرفيق
هي من سيجمعنا ثانية
حين نعود من متاريسنا البعيدة
بقاماتنا الباسقة
سنطرد الغبش بأجنحتنا السماوية
لنعرج على وطن
اسمه عراق...