ادب وفن

مسرحية «الرماد» تفضح السائد لتغييره «2-2» / د . عباس الجميلي

لقد قدم حازم الشخصية بما يناسب الفعل النفسي المنهار أمام خيانة الزوجة فنراه بخطوات مترددة بطيء الفعل ضائعاً وبطبقة صوتية مكتومة يمتزج بها الم الخيانة والفضيحة التي عجز أمامها من الدفاع عن نفسه أمام امرأة قوية جدا تقتل وتمشي في الجنازة، أنها امرأة النكبات والتهميش فكان حازم يأخذ طريقة أدائه ليساهم في خلق قوة دفع لزوجته كممثلين عبر علاقة فنية متميزة بين الممثل وشخصيته وكذلك مع الشخصيات الأخرى، ان هذا الثلاثي الناجح ذلل صعوبة العمل التي لا تبدو سهلة فهو عمل احترافي بالكامل، كما ان اليوم الثاني حيث مثل دور الزوج مثله د. مجيد الجبوري بقدرته المعروفة كونه ممثلاً متمكناً وتجاربه كثيرة الا ان عمر الجبوري وشخصيته المتعبة جراء توعك صحته أعطى للعمل إيقاعا أخر اختلف عن أداء حازم الشاب الذي كتب العمل وأخرجه، كل هذا منح الدور حيوية من جانب ومن جانب آخر كان مجيد الجبوري اكثر تلاؤما مع الشخصية في عمرها وتعبها وكأن مرض الجبوري تحول عنصراً مضافاً لقدراته كي تجسد الشخصية بهذه الطريقة التي أداها الجبوري رغم مرضه في حين نجد حازم قدم دورا بتقنية أخرى أكثر حيوية، إخراجيا استطاع المخرج ان يمسك بقوة إيقاع العمل ويحافظ عليه الى نهايته وان يشخص أضلع الجريمة او الخطيئة بقدرة واضحة منفصلة لكل شخصية في ملامحها ومعاناتها وسلبيتها كما ان استثمار الديكور كان ايجابيا تماما ومصمماً بطريقة قد تربك أحيانا الممثل في زحمة الفعل الدرامي متطلبات إتمام هذا الفعل الا أنها ساهمت في حفظ إيقاع العمل وزادة من رغبة الممثل في الحرص على إتمام قدراته المتنوعة الذاتية لكي يقدم عملاً متنوع المسؤوليات وبقدرة واضحة، الجو العام مأساوي بالعموم استطاع ان يمسك متفرجة رغم طول العمل فلم نسه لحظة واحدة كنا ننتظر على سبيل المثال المواجهة بين المعوق الأخ والزوج المدمى بزوجته او كما سماه وطنه وهل هناك اقرب من الزوجة وطن، الموسيقى اختيرت بعناية وكان منح العمل نوعاً من التكامل الذي نسعى إليه، استطاع المخرج من تجسيد صراع واضح المعاني الخاصة الا إننا أحياناً نجد الأفكار تتقطع ولا تكتمل ربما كان كاتبها لا يريد ان يكشف مبتغاه الدرامي ليحرقه فكانت الصورة اقرب بدقتها خوفا من تشظيها من اللغة قد تودي بما يفكر فيه التي قد يغشاها فالمسرح يتطلب ذكاء كبيراً في انتقاء المفردة وتحدياً في جانب وخفي المقصد في جانب آخر نطق الحوار والتركيز والصرخات كلها عوامل أسس لها المخرج المبدع حازم عبد المجيد. ان تدخل المؤلف أحيانا في قيادة شخصياته والتدخل في انفعالاتها وسلوكها عوق قدرتها نجدها في لحظات محددة ربما كان لها سلوك مخالف للمخرج بمعنى انه كان ذا سطوة موجهة يحسب على فئة المخرج المتحكم بكل شيء.
المشاهد وهو يرى دفاع وندية الزوجة أمام زوجها المصدوم تبدو أنها غير نادمه والسؤال المهم هنا لماذا أخطأت ولماذا لم تستسلم رغم اعترافها الكامل للزوج المصدوم لتتحول الخطيئة الى فعل مستساغ والذي قد انتهت عشرته مع هذي الزوجة الخائنة ، المنطق المقبول يقول هناك فعل ورد فعل وهنا يجبرنا حازم عبد المجيد على الخروج من الخاص للعام ليبلور مفهوم امتداد الخطيئة وخروجها من البيت الى المجتمع فقد تحولت الخطيئة لتعبر عن واقع اجتماعي واقع بلا تردد ، الإنسان ابن ظروفه وبالتالي فالأفعال الناتجة هي غير غربية تماما فالإضطهاد والقسوة والتجاوز على حقوق الغير وطريقة المعاملة والتجاوز على قيم الفرد والمجموع نتائجها لأبد ان تأتي متساوية مع الفعل ، فالذي يسرق الخبز وهو لا يملك ما يسد رمقه وأطفاله او المجبور لفعل أي عمل مرفوض اجتماعيا وأخلاقيا ولكن أليس جدير بنا ان نتساءل عن أسباب سرقته او فساده فنقطع يده دون ان نسأله لماذا سرقت هذه اليد ؟ والبحث في ظروفه الخاصة كوننا مجتمع نتحمل مسؤولية ان يعيش الإنسان بكرامة وعدالة. هل التمايز الطبقي سبب في أفعال الخطيئة بالعموم وكما دافعت الزوجة عن فعلتها بتحد مع زوج مبهور؟ والمستغرب من الزوجة هذا الدفاع المستميت عن فعل الخطيئة فهل سمحنا لأنفسنا ان نحقق في مقالته المرأة في دفاعها الذي أبكانا وبنفس القوة تحدي النسيب المعوق إذن ما أردت التأكيد عليه هو ان المجتمع اذا تلوث وسحق بأفعال حكامه الظالمون فسنسوق أنواعاً لأفعال مرفوضة والتي ستشكل خطيئة كبرى لانبرئ أنفسنا جميعها منها كبشر ،الخطأ هنا او الخطيئة لا يبرر على أساس انه فعل مقبول ومستساغ لكننا نريد العقاب ان يكون عقابا حكيما علاجيا قوامه تأديبي يلغي استساغته تماما فاستساغة الخطيئة تتطلب تفكيكها لنعرف أسبابها وتداعياتها المجتمعية القاتلة للوقوف أمامها بقوة وصلابة وفق قانون العدالة ومفهوم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ألان من يقتل شعبنا ببرودة دم من الارهابيين أليس جديراً بنا ان نتساءل لماذا يقتلنا هؤلاء وهم الغرباء وليسوا من العراقيين ؟السؤال هنا هو لمصلحة من نقتل بهذه البساطة وهل هناك خطيئة اكبر من خطيئة القتل السؤال المهم، من المستفيد من قتل شعبنا المظلوم، الم تكن تلك خطيئة كبرى لنحاكم وندين؟ ونعاقب ولا خوف علينا الآن لا ننا نسير لتغيير الواقع وهذه لعمري مهمة المسرح المعاصر ألتغييرية.