ادب وفن

ناجح المعموري.. يغتال أنكيدو..! / ريسان الخزعلي

* آه، لقد غدا صاحبي الذي احببت تراباوانا، ساضطجع مثله
فلا اقوم ابد الآبدين.
- وانا انظر الى وجهك -
أيكون في وسعي ألا أرى الموت
الذي أخشاه
وارهبه..
* هذا صوت (كلكامش) في الملحمة التي كُتبت عنه، وفي هذا الصوت يتحسر على موت صاحبه (أنكيدو)، ويتحسب أيضاً لموته الذي سيحصل، حتى أنه يسأل صاحبة الحانّة (سيدوري)، هل بإمكانه ان يتخلص من الموت الذي يخشاه؟
* لا أريد هنا ان اشرح تفاصيل الملحمة، وإنما أشير الى حدود معرفياتنا التي اكتسبتاها من الدراسات العديدة حول هذه الملحمة، والتي وصلت إلينا، أن (أنكيدو) - هو صاحب كلكامش - الذي ضحى من أجله طواعيةً، وقد قادته هذه التضحية الى رحلة البحث عن الخلود. إلا ان القاص والروائي والمفكر (ناجح المعموري) قد هزَّ وزعزع هذه المعلومة المتراكمة زمنياً، وجاء بالمدهش والجديد من الاكتشاف المعرفي، في حوار تلفزيوني، من ان أنكيدو قد تم إغتياله، وبذلك أضاء المخفي والمستور في هذا الجانب من الملحمة. وناجح المعموري الذي عرفناه قاصاً وروائياً في الكثير من الأعمال (الشمس في الجهة اليسرى، النهر، شرق البصرة.. شرق السدة وغيرها)، عكف ومنذ سنوات على دراسة وتحليل الأساطير والملاحم والديانات القديمة بقدرة كشف واستنباط تضاهي ما بُهرنا به، في كتابات الباحثين من العرب والأجانب، ولا غرابة في ذلك، لأن الأستاذ ناجح المعموري الذي يقيم على الفرات، سليل الحضارة البابلية، وها هو في كل يوم يرنو الى آثار بابل، بعد ان ينفض تراب ثيابه من غبارها.
* لا أنوي هنا، في هذه الإشارة، ان اكتب عنه، فلا تسعه الإشارة هذه ولا غيرها، غير إني التفت كثيرا الى موضوعة اغتيال الصاحب، وقد تذكرتُ المتشابهات (هتلر ورومل، بروتس، هاملت، عبدالسلام عارف، الجبهة الوطنية، وغيرها الكثير)، قد أحالني أيضاً بانتباهته البارعة هذه الى التاريخ السياسي العراقي الحديث، حيث ينعى الرئيس اصحابه المقربين كونهم قد ماتوا قدرياً، إلا ان المخفي يقول: انهم قتلوا اغتيالا. ان اغتيال أنكيدو في اكتشاف المعموري سيفتح باباً جديداً لدخول بيت الملحمة، واذا كانت هذه الملحمة عراقية، فان الكشف الجديد عراقي الأصل والتأصيل. إذن لقد اغتال ناجح المعموري أنكيدو معرفياً،وجعلنا ندرك الدال والمدلول في فكرة الصاحب الملكي،
وبالعراقي كان المثل يقول:
(الملك ما عدّه صاحب).