ادب وفن

إبتسام الطاهر في المقهى الثقافي العراقي :تستعرض خطواتها نحو (ضجيج الذكريات) / عبد جعفر

 

 

في أمسية قدمت فيها العديد من المداخلات وأثيرت فيها الحوارات الساخنة، إستضاف زبائن المقهى الثقافي العراقي في لندن في مقرهم الجديد في بلدية كامدن يوم 29-6-14 الكاتبة إبتسام يوسف الطاهر للحديث عن تجربتها الإبداعية وخصوصا عملها الروائي (صمت الشوارع وضجيج الذكريات).
وقدمت في هذه الأمسية ثلاث شهادات حول الرواية لثلاثة مبدعين هم كريم كطافة وكاظم الجماسي وفهد الصكر.
وفي تقديمه تناول الفنان فيصل لعيبي موضوعة الأدب النسوي. مشيرا الى أن العمل الذي بين أيدينا هو للروائية والكاتبة الصحفية السيدة إبتسام الطاهر، وهو نص تتحدث فيه إمرأة عن تجربتها في الأحداث التي ترويها الرواية. وهذا مختلف في رأيي عن ما يتحدث الرجل عن التجربة نفسها. إن (مادام بوفاري) و (آنا كارنينا) لتولستوي نصان مكتوبان من قبل الرجلين رغم الذروة التي بلغاها في التعبير عن مشاعر المرأة، لكنها يبقيان وغيرهما من النصوص التي كتبتها الرجل عن المرأة نصوص ذكورية.
وأضاف من هنا يمكن رصد الروح الجديدة للنص النسائي الذي يتكلم عن معاناة المرأة من خلالها هي، يملك خصائصه المتميزة والحقيقية فيما يتعلق بمشاعر الأنثى وهواجسها وعذاباتها في مجتمع يسيطر عليه الذكر منذ قرون.
وأعتبر الإبداع النسوي اليوم هو جزء من الثورة الجديدة في عالمنا ويقدم نصوصا مهمة في معالجة الكثير من مشاكل عالمنا المعاصر.
وفي تناول تجربتها، قالت الكاتبة إبتسام: إنها أختارت صحبة الكتاب منذ الصغر، فالكتاب الصديق الوحيد الذي يمنحك أفكارا ومسرات وأوجاعا أحيانا.. كانت تستهويني الروايات والسير الذاتية وكتب الفلسفة والتاريخ .أي كل ما يتوفر في مكتبة الوالد وما كان يشتريه عمي الشاعر طه الطاهر، وأول روايتين أشتريتها في المتوسطة كانت الكرنك وقطار الليل لنجيب محفوظ.
وبعد ذلك أصبحت الكتابة، بالنسبة لي هي الملاذ وأول قصة كتبتها كنت في الخامس إبتدائي لا اذكر غير أسمها (مدللة) وأذكر منها فكرة مضببة ربما أوحت بها رغبتي الشديدة حينها في ترك المدرسة .
وفي مرحلة المتوسطة تبلورت تلك الرغبة أو الهواية فكنت أجد ضالتي بمواضيع الأنشاء. وبقيت هذه الحالة تلازمني حين أكتب نصا أحبه وأنسجم معه.
وأضافت أن الكتابة كانت ومازالت هي المنقذ والأسنفجة التي تمتص حالة الحزن أو الحيرة أو حتى الفرح. فكتبت قصصا كثيرة في مراحل عديدة وبقيت أحتفظ بمسوداتها ونشرت بعضها فيما بعد أي بعد عشرين عاما. ورغم قلة نشري لإعمالي أو نشرها بأسماء مستعارة، ألا أن ذلك لم يؤثر على علاقتي بالكتاب و لم يكسر قلمي في مواصلة الكتابة.
وحول عملها الروائي (صمت الشوارع وضجيج الذكريات) ذكرت أنه من خلالها إختلاطها بالمغتربين وجدت لكل مغترب تجربته بالحياة والمنفى، وتطرح الرواية الشخصيات المغتربة المحملة بألأم التهجير والإضطهاد السياسي، وذلك في إطار عاطفي وإجتماعي، حين عودتها الى الوطن بعد التغيير عام 2003 وما فجعت ما شاهدته من أحداث. والشخصيات تكمل بعضها البعض وتصبح في بوتقة واحدة أسمها العراق.
وقالت : كانت ردود فعل مشجعة حول الرواية، ولكن البعض يرى إني ظلمت الرجل في الرواية، وأهتمت بالشخصيات النسائية، والحقيقة أن الرجل موجود فهنالك الأب والأستاذ والزميل والزوج الذين يشكلون حياة المرأة البطلة.
وأشارت الى إنتقاد البعض (الأخطاء الأملائية والنحوية) في العمل، وبررت أن المصصح يتحمل المسؤولية.
وفي ردها على ما ذكره الفنان فيصل لعيبي حول الأدب النسوي، أبدت إعتراضها على هذه التسمية معتبرة أن الأدب لغة عالمية وهو نتاج إنساني يشمل كل فرد رجلا كان أم امرأة، ولكن من الممكن القول أن هنالك أقلام نسائية.
بعد ذلك قدمت ثلاث شهادات في أفلام مصورة، كانت الأولى للناقد كاظم الجماسي قال فيها: إن رواية إبتسام هي علامة مهمة في السرد العراقي ، وهي تحمل الشوق الجارف الى الرحم، والإحباط المدمرعند شخوصها التي شاركت الناس أحزانها.
ويرى أن أبطال العمل كلهم من النساء وجرى تهميش الذكور.
ويرى الكاتب فهد الصكر أن الرواية وثيقة للوجع الكبير والفجيعة في العراق ، لقد دونت فترة مهمة من تاريخه، وعكست الأحزان المعتقة للمهاجرين والمنفيين.
والرواية دخلت في قاع المدينة مدونة ذكريات شخوصها و ألامها.وعلمتنا هذا الوجع الذي ينتمي ألينا.
وأكد الكاتب كريم كطافة: لقد جلبت الرواية أنتباهي في موضوعها الجديد عن العراقيين الذين يعودون بعد سقوط الدكتاتورية، وتناولها ثيمة الحزن وموضوع المنفى وما فعله بالعوائل والأفراد وصدمتهم حين يعدون الى الوطن. كانت أحلام الكاتبة تشجير بغداد لحمايتها من الغبار الكثيف، ولكن كل ما غرسته مع أصدقائها تم قلعه.
وطرحت في نهاية الأمسية الكثير من الأراء ولكنها كانت خارج أطار موضوع الأمسية، منها حول أدب الخارج وأدب الداخل، ووجود الكثير من المواضيع غير المبحوثة في السرد العراقي عكس مايتناوله الأدب في المغربي العربي، وأن ألأدب العراقي لم يرتق الى مرحلة الأحداث الكبيرة، أو أنه لم يتحدث عن الأمور بشكل دقيق.
فردت ضيفة المقهى قائلة: أنها لم تشعر أنها قد غادرت العراق، ولا تؤمن بأن هنالك أدب داخل أو خارج فكلنا نكتب عن الهم العراقي، وأشارت الى خطل مقارنة الرواية أوالسرد العراقي بغيره بحكم أن العراق مر بفجيعة لم يمر بها بلد مثله، عكست نفسها على المبدع العراقي ، كما أنه لا يمكن إجبار الكاتب أن يكتب في هذا الموضوع أو ذاك.
وعقب الشاعر عبد الكريم كاصد أيضا قائلا : أنه من غير الصحيح إطلاق ألأحكام الجزافية والقول أن ألادب العراقي لم يرتق الى مرحلة الأحداث، فهذا يدل على عدم معرفة بإنتاج المبدعين العراقيين، وعلى سبيل المثال، صدور حوالي 500 رواية عراقية بعد 2003 والعديد منها أعمال مهمة ومتميزة وأعتقد أن أصحاب هذا الرأي لم يطلعوا عليها.
بعد ذلك جرى توقيع الرواية وقد تبرعت الكاتبة بأثمانها لدعم المقهى الثقافي.