ادب وفن

شمعة حسين عبد اللطيف / مقداد مسعود

في الضحى الأخير للشاعر حسين عبد اللطيف، كانت مكالمتي الأخيرة، أخبرته أنني جهزتُ له قرص سي دي ثالث عن سعدي يوسف وسأترك القرص في مكتب الشاعر كاظم اللايذ فأخبرني انه سيرسل المترجم عباس محسن، ليستلم القرص.
آخر لقاء مع الشاعر كان في بيت الأديب احسان السامرائي في حزيران من هذا الصيف، وكانت أمسية جميلة، حسين عبد اللطيف والدكتور عامر السعد وحسين عجمي وإحسان وأنا.. دعاني حسين للمشاركة في ملف سيعده عن الشاعر سعدي يوسف فلبيت الندوة خصوصا وإنني كنت يومها أتناول جانبا من قصائد سعدي، ثم تطور الأمر، حيث وفرت له من ترجمات سعدي لفلاديمير هولان وأورنغاريتي، وغونار، وفاسكو بوبا، وأقتطعتُ له من حوار أجراه مع سعدي بيت الشعر المغربي.. أثناءها كنا نتواصل يوميا حسين وانا وأكثر من اتصال في اليوم، انتبهت الى نبرة حسين، كانت خافتة متأنية مسترخية فأتوجس بنفسجا يتضوع منه صوبي!، فسألته عن صحته فيجبني: على الله..
ذات ليلة اتصلت مرتين ثم... في صباح اليوم الثاني اتصلتُ جاءني صوته فرأيتُ وجهه المبتسم بنبرة صوته، كنتُ نائما البارحة بسبب الدواء.. أين وصلنا؟، في اليوم الثاني وكان ذلك قبل ان يغدر بنا ويغادرنا بأيام، هو اتصل بي فأقلقني صوته؟، سألته:......، فأجابني قبل قليل كنت واقفا وسقطت على رأسي، شعرتُ يقولها بهدوء مريب.. وربما شَعَرَ بشعوري، فصاح بي: لا تقلق، سأذهب الى كاظم اللايذ وآخذ القرص الذي أودعته أنت عنده..
بعد مكالمتي الاخيرة معه بثلاث ساعات وثلث الساعة، يظهر شريط نعي في "العراقية".. فأقرأ الشريط كما كتبه حسين في أحدى قصائده
"يوم كل الأرواح
أشعل شمعة
وأحتفل
بموتي".
يا لها من مصادفة قاسية، كنت أشارك الشاعر حسين عبد اللطيف، في ملف يعده عن الشاعر سعدي يوسف، أتمنى لسعدي العمر المديد بزهوه الأخضر، وها نحن ننشر ملفا عن حسين عبد اللطيف، ويتأجل الملف المعد عن سعدي يوسف، وهكذا يستبق الموت مع الإبداع، وكالعادة يصل الغراب، ليعيق الحمامة وغصون الزيتون... أجل .. أجل يا حسين:
"حتى البحر يموت".. هكذا علمنا لوركا...