ادب وفن

مجداً لك أيها الشاعر المناضل*

السلام عليكم أيها المبدعون يا أمل شعبنا وموضع حبه وتقديره
السلام عليكم أيها الاحبة الحضور
نحتفي اليوم بقامة سامقة من قامات النضال والثقافة والإبداع في عراقنا المترع بهؤلاء الحالمين بغد مشرق، ومستقبل سعيد لهذا الشعب المكتوي بنار التخلف والجهل والضحالة لحكامه الذين تعاقبوا على منبر السلطة فيه. انه الشاعر الكبير لوركا العراق "خليل المعاضيدي" الذي جسد مقولة التقاء الشعر بالحلم وان الشعر يرتفع على الحلم في القدرة على قراءة الغد واستشراف حركة المستقبل، بما يتمثل من حاضر ويستوعب من موجود الأمس، وهو في هذا المسعى يشكل قوة دافعة للتطور، ممهدة لهذا التطور مرهصة به احيانا.
كان مبدعاً بالفطرة، وهو العارف بأن الإبداع في جوهره لا يعني غير النقد، والطامح الى التغيير، والتشوق الى الحرية والحق والجمال. وفي هذا الطريق سار بشجاعة الحاملين أرواحهم على أكفهم، ونجح في نسج قلائد من خيوط الشموس طرز بها اجياد الكادحين العراقيين، فكانت قصائده تلهبُ حماسهم وتدفع بهم الى ترسم خطاه في مقارعة الظلم والاستبداد وكلِّ ما من شأنه الحَطْ من قيمة الانسان باعتباره اثمن رأسمال في الوجود، بالاضافة الى تهذيب الذائقة الفنية واعتلائها ذرى جديدة، تصب وتمتح في آن واحد من نهر الثقافة التقدمية والإنسانية.
كان الشهيد مؤمناً كل الايمان بما قاله "جان بول سارتر" ذات مرة ايها المثقف أنت مسؤول حتى عن الجرائم التي لم تسمع بها "ولهذا السبب تحديداً أطفأ نظام الجريمة شمعة حياته، لأنه أبى ان يضيء ، لأعداء الإنسان والحياة، وتوهموا شأن كل القتلة والمستبدين ان الليل الذي نسجوا عباءته الثقيلة بمساعدة الأجنبي، سيظل جاثماً على صدورنا الى الأبد. لكن "خليل" ابن بعقوبة النجيب كان لهم بالمرصاد شعراً ونضالاً وتأليباً على الطغاة، فما كان منهم إلا ان سفحوا دمه كما سفح زملاؤهم دم لوركا في مدريد، ونيرودا في شيلي وايلوار في باريس.
أنهم القتلةُ أنفسهُمْ، وان تعددت الوجوه والأقنعة.
"خليل المعاضيدي" الشاعر الشيوعي الذي احدث ضجة في صفوف شبيبة ديالى مطلع سبعينيات القرن الماضي في قصيدته "هلا قرأت البيان الشيوعي" وكان قد قرأها في جموع حاشدة في بساتين الهويدر وبهرز وعلى حدائق نقابة المعلمين، الأمر الذي أثار حفيظة وحقد السلطات آنذاك، فبيتوا له أمراً مدافاً بالخسة والنذالة التي تعودوا عليها وكانت ديدنهم طيلة حياتهم، وظلوا ينتظرون الفرصة لتنفيذه، فسنحت لهم يوم اعلنوا الحرب على كل الرافضين لتدمير الوطن وإفناء الشعب، تجسيداً لمقولة كبيرهم الذي عملهم السحر "سوف لن نترك العراق إلا ارضاً خالية من البشر" او بالتعبير المعاصر "ما ننطيها" فأنضم الى قافلة شهداء الوطن وديالى الأبطال (محمد صالح العبللي، خزعل العدي، قيس الرحبي ابو ازهار، علي ياس ابو عفاف، دهش علوان دهش، مصطفى الديو، الحاج كامل كلاز، داخل أبو نهاد، ماجد هاشم الياسين، عدنان الحداد، كريم عيسى التتنجي، خالد جسّام، وحيد الجليلي، رزاق الجيليل، شاكر الخشالي ابو مصطفى، جاسم كسارة أبو كفاح، عبدالحميد التميمي أبو مهند، كريم خزعل الكرادي، وليد محمد المحامي، هشام هاتف ابو أمل، عدنان كفشي، محمود عبدالحسين الزبيدي، محمد عباس الزبيدي، فاضل عزيز، منير جبارة ابو يسار، عماد الأخرس، حسب الله، د. عبدالكريم الزهيري، نجاح حمدوش أبو ولاء وياسين أبو ظفار، والرفيقات الشهيدات أم صوفيا، كوثر مجيد، رجاء مجيد، سهيلة عبدالقادر، وغيرهم.
أنهم ابطالنا، ومفخرتنا، والمثل الأعلى الذي نحرص على اقتفاء اثره، التزاماً، وسلوكاً وتضحية، لنواصل مسيرة هؤلاء الأفذاذ، دون ان تثنينا أكداس الصعوبات والمشاكل العويصة التي تعصف بحياة شعبنا، بسبب هيمنة رجال الصدفة على مقدراته، والمرض الخطير والمعدي الذي جلبوه لشعبنا ونعني به المحاصصة الطائفية - الأثتية، ودون ان تفت في عضدنا حربُهم المعلنة وغير المعلنة على الثقافة والمثقفين والمبدعين في مختلف مجالات الحياة، لأنهم حملة مشعل التنوير والتثوير، التي تناقض ما أمنوا به من نهب وسلب،/ وتزييف لوعي الناس، مستغلين عواطفهم وسهوات التلاعب بهم، متوهمين في ذات الوقت ان التضليل والخداع والكذب، سيظل سائدا ما داموا قادرين على إعادة انتاجه وتزويقه، وبالتالي ازاحة من يهدد مصالحهم الأنانية، وتطلعاتهم الاجرامية متناسين أنهم ربما كانوا قادرين على قتل كل الازهار، لكنهم عاجزون تماماً عن منع قدوم الربيع كما يقول نيرودا العظيم، فربيع شعبنا قادم لا محالة شاء هؤلاء النصابون أم أبو.
المجدُ كلُّ المجدِ لشهيدنا الغالي الشاعر "خليل المعاضيدي" ولكل شهداء الشعب والوطن.
ــــــــــــــــــــــــ
*كلمة الحزب الشيوعي العراقي، القاها الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي في حفل استذكار الشاعر المعاضيدي.