ادب وفن

مختارات من شعر البريكان

الموسيقى تصدحْ
الجمهورُ يصفق لدخول ملوك السيرك
الأطفالُ يمطّون الأعناقْ
ليروا دائرةَ الضوءِ
الخيلُ تدور
الأفيال تهرولْ
الفتياتُ يوزعنَ البسَماتْ
ومواكبُ أبطالِ السيرك
تتقدم ..
الساحرُ في بدلته السوداء
يظهر في الخلفيّةْ
الإستعراضُ الأكبرُ يبدأُ
وسطَ ضجيجِ الألوان.
***
لحظاتُ سكونْ
الأسد المتحفّز يزأرُ في وجه مروّضهِ
يستقبلُ قرقعةَ السوط
يكشف عن أنياب صدئةْ
الأسدُ الهرم يحدق في الجمهور
ويطأطىء هامتَهُ
قرقعةُ السوط
اقفزْ
يقفزُ، يتوازنُ فوق الكرةِ الضخمةْ
يقفزُ نحو الكرةِ الأخرى
يتنقل بينهما و يدحرج نفسَهْ
قرقعةُ السوط
اقفزْ
يقفزُ ويحُطُّ على حبْلٍ
ويؤرجحُ نفسَهْ
قرقعةُ السوط
اقفزْ
يعبرُ قوسَ النار
قرقعةُ السوط:
انزلْ
يتمددُ فوق الأرض
يفتحُ فاه على آخرهِ
يستقبلُ رأسَ مروِّضِهِ
ويعانقهُ
ويقومان معاً
تصفيقْ
يتلقى الأسدُ المتعبُ وخْزَ عصا
يدخُلُ في قَفَصِهْ
يُرمى بقشورِ اللب
ويحدّقُ في الجمهور طويلاً
يُحملُ، يُطرحُ خلف الحلَبَةْ
ويُصيخُ إلى الأصداءْ..
***
إنتهى الاحتفالْ.
المصابيحُ مطفأةٌ،
المقاعدُ خاليةٌ،
الممراتُ غارقةٌ في السكونْ.
الظلالْ
وحدها تتراعشُ في العَتَمَةْ
لاعبُ السيرك يرقُدُ،
في حُلْمِهِ يتوترُ حبلُ الخطرْ.
المهرجُ يغفو بلا أقنعةْ.
الأسدْ
هاديءٌ في القفصْ
تتوازى ظلالُ الحديدِ على جسمِهِ
يتخايلُ بين الظلالْ
شبحاً غامضاً لإله القبائل
وجهاً مضيئاً لليلِ الطبولْ
مَلِكاٍ للسهوبِ وللغابةِ الصامتةْ
يتحسسُ موتَ مخالبِهِ
وتَفَتُّتّ أنيابِهِ
ويُحَدِّقُ متحداً بالظلام.
***
-1-
السفينة راسية بجوار الرصيف
تستقر بهيكلها المتآكلِ،
تخفي بداخلها صدأَ الأزمنةْ
غادرتها النواتيُّ منذ القديمْ
وأعيدَ طلاءُ جوانبها
زُيَّنَتْ بمصابيحَ مصفوفةٍ في الهواءْ
وطيورٍ ملونةٍ من ورقْ
وهي تقبع عند الرصيفْ
مطعماً عائماً
هاهنا يسعد القادمون برائحة البحر
ما بين رائحة الأطعمة
ويمدون عبر الموائد أبصارهم
نحو طوق نجاة وحيد.
-2-
هو ذا النسر
نسر الجبال المنيعة والأفق المنفتح
يتسمر بين الطيور المحنطة الساكنة
يتفرس فيه التلاميذ
في ريشه المتغضن في شكل منقاره
في غرابة نظراته
يا لعينيه! يوهم في لحظة
انه سيحلق ثانية
فجأة…
-3-
الجواد القديم،
جواد السباق الأصيل
الذي توجته الملاعب
واحتضنته الغمائم عند الأفق
يستمر يجرجر أثقاله
ويصارع طول النهار شكيمتَهُ
تتصاعد قعقعة العربةْ
فتخدِّرُهُ. يَتَسَمَّعُ من داخل الجلبةْ
الهتافَ الطويلَ وأصداءَ تصفيقهمْ
في الفضاءِ، ويسحب جُثَّتَهُ
داخل الطرق المتربةْ
***
عالمٌ أزرقٌ
يتشعشعُ في هُوّةِ الليلِ
يقفز من ظلُماتِ العدمْ
أفقٌ مائلٌ
يتلألأ سيفاً رهيفاً تكهربه شعلةٌ باردةْ
دوحةٌ واحدةْ
تتهدّلُ أعطافُها في فراغِ المسافاتِ
مئذنةٌ
تَتَحدّدُ أقواسُها بالوهجْ
طرُقٌ تنطلقْ
كالأشعةِ نحو مراقي السماءْ
سُحُبٌ تتصادم إذ تحترقْ
وفضاءٌ يشقُّ سطوحَ فضاءْ
إنهيارُ الرعودْ
وتدهورُها في التخومْ
إستغاثةُ كلبِ مروَّعْ
وارتجافةُ كفِّ ترُدُّ الستارَ على النافذةْ.