ادب وفن

البيان الختامي عن مؤتمر "النجف الأشرف.. تحديات ثقافية راهنة"

طريق الشعب
على مدار يومي الأول والثاني من شهر أيار لهذا العام ٢٠١٥، عقد اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف مؤتمره الثقافي الأوّل بعنوان:"النجف الأشرف.. تحديات ثقافية راهنة".. بمشاركة عدد من الباحثين، وبحضور نخبة من المثقفين العراقيين والمهتمين بالشأن الثقافيّ.
اشتمل المؤتمر على ثلاث جلسات، أُلْقي فيها أحد عشر بحثاً وورقة أفكارٍ، وجرت فيه نقاشات جدية، دارت في الغالب على مشكلات ثقافية معاصرة تشهدها النجف الأشرف اليوم، في عالَمٍ واسِعٍ، متعدِّدٍ، متغيّر، وفي ظل ظروف تاريخية معقدة يمرّ بها بلدنا الحبيب، والمنطقة بأسرها.
إن طبيعة المشكلات التي تجتاح مجتمعاتنا اليوم، إنما هي في الجوهر مشكلات ذات طابع ثقافيّ، من حيثُ اتصالها بالبناء الفكري للمجتمع، والتدفق اليومي للمعلومات من جهات العالم الأربع، ووسط تنافس وصراع دوليّ، يستخدم القيم سلاحاً فتاكاً في إدارة الصراع، بما انعكس محلياً على مسيرة شعوب المنطقة، والشعب العراقي في مركز هذه التحديات.
ولأن النجف مركز إسلامي حيّ وعريق، له تأثيراته وتأثراته، ولأنها أيضاً مدينة عراقية محورية في صياغة تجربة العراق الجديد بعد العام ٢٠٠٣، بمستوياته كافة، ومنها المستوى الثقافي، بما تمتلكه من خزين ثقافي كبير، وإرث يمتد إلى حكمة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.. فإن طبيعة التحديات الثقافية التي تواجهها هي في العمق تحديات يواجهها المجتمع العراقي برمته.
هكذا يجيء مؤتمرنا هذا لفتح النقاش في هذا الملف المعقد الصعب، لكن المُلِحّ، وقوفاً على واقعنا العراقي وهو يزخر بأسئلة بحثية لا نهاية لها. فكأنَّ مؤتمرنا هذا ينشد أوّلَ ما ينشد: توجيه الأنظار إلى هذا الحقل البحثي الخصب، حقل الدراسات الثقافية - المتواشجة مع الدراسات الأدبية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية، انطلاقاً من فكرة مبدئية مؤداها: إن الأحداث التي نعيشها اليوم في هذا المجتمع قد أسهمت عوامل ثقافية في صياغة أسبابها، ومن الطبيعي أن تسهم عوامل ثقافية لاحقة في صياغة أحداث أخرى، فلماذا نهمل دراسة المسببات الثقافية لأحداث حياتنا في العراق؟
هذا بالضبط ما عبرت عنه محاور المؤتمر وأسئلته التي أعلّنا عنها قبل أسابيع من اختتامه هذا اليوم، وهو اختتام نريد له ان يشهد فتح الستارة لا اسدالها على هذه الأسئلة والمحاور النقاشية المهمة من وجهة نظرنا.
إن اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف، وهو يختتم مؤتمره الثقافيّ الاوّل، يود ان تتوجه عناية المشاركين فيه والحضور الكريم إلى طبيعة المخاطر التي ينطوي عليها إهمال دعم النشاط الثقافي العراقي، من جهة أنه يمثل بطريقة غير مباشرة إهمالاً لمواجهة القيم السوداء التي تجتاح مجتمعنا العراقي الآن، من احتراب على الجزئيات على حساب مصير الوطن، وتقاتلٍ على خلفيات قومية وطائفية ودينية، ونشر عنفٍ وتدمير واقصاء للشريك في هذا البلد، وهذه كلها يمكن ان تتناولها حلول مختلفة تقوم بها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، نشدّد فيها على الحل الثقافيّ، لأنه يتجه إلى الجذور الثقافية للصراع ويفكك عناصره ويحللها ويقدم تصوراتٍ واقعية لبدائلها.
وما النجف الأشرف بعيدة عن مثل هذا الحلّ، وهي المدينة التي تتعرض إلى تشويه إعلامي منظم، على خلفيات طائفية للأسف الشديد، في حين هي مدينة التعدد الفكري، والسماحة العلمية، وذات الإرث الحضاري المتنوع الضارب جذوره في أعماق تاريخ حضارات المنطقة.
كما إن اتحادنا، إذ يختتم أعمال هذا المؤتمر، يود أن يعلن لحضراتكم عن عزمه إقامة مؤتمره الثقافي القادم في الربع الرابع من هذا العام، حول قدرة الأدب على تغيير الانسان في بلادنا، وكيف يتسنى له ذلك. بالإضافة إلى تكرار مؤتمر التحديات الثقافية هذا في كل عام، لما له من اهمية بالغة في رصد أبرز التحديات وجعل النقاش حولها مستمراً ومتجدداً في كل عام.
ختاماً، أيها الحضور الكريم، نودّ أن نبارك لكم ولنا وللمشاركين في هذا المؤتمر، نجاحه الذي تضافرت عليه عوامل مختلفة أهمها استجابة اسماء ثقافية وأكاديمية لامعة للكتابة في هذا الشأن المهم. فللمشاركين منا كلّ الشكر، والمحبة والاحترام، ونعلن لهم ولكم أننا بصدد طباعة بحوث هذا المؤتمر واوراقه في كتاب، راجين منهم تسليم النسخ النهائية منها إلى إدارة الاتحاد بأسرع وقت ممكن.
كما يسعدنا أن نقول إن تجربة إقامة هذا المؤتمر قد نجحت بفضل دعم رائع من عدد من المؤسسات والشخصيات، التي منحت ثقتها لاتحادنا، وكلنا أمل أننا سنضع هذه الثقة في موضعها الذي تستحق في الروح وفي القلب، ولنتذكر جميعاً ان البلدان يعمرها أبناؤها، وإن الثقافات ينهض بحمايتها والإخلاص لها عقول مفكرة وداعمون أحرار لا يهمهم من دعمهم إلا نجاح الحدث، وتحقيق غاياته.
فالشكر لداعمي المؤتمر: السيد عدنان الزرفي محافظ النجف الأشرف "بصفته الشخصية"، وأمانة العتبة العلوية المقدسة، والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ورجل الاعمال الحاج عبود الطفيليّ، ورجل الاعمال الحاج صاب أبو غنيم.. متمنين لهم، مؤسسات وشخصياتٍ، دوام التوفيق والنجاح.
الشكر كلّ الشكر، لمن استجاب لدعوة اتحادنا من أعضاء المكتب التنفيذي والمجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وكذلك رؤساء الاتحاد في المحافظات المجاورة للنجف: بابل، وكربلاء والديوانية، والشكر موصول إلى عدد من المثقفين الإعلاميين المشتغلين في مجال الصحافة الثقافية في بغداد، على حضورهم بيننا.
الشكر كلّ الشكر، للنخبة الاكاديمية والثقافية والدينية والإعلامية في النجف الأشرف، ومنظمات المجتمع الدني، والمهتمين بالشأن الثقافي، وأعضاء الاتحاد على حضورهم ودعمهم المستمر لأنشطتنا وحرصهم العالي المخلص على إنجاح أحداثه الثقافية.
كل يوم: النجف عاصمة للثقافة الاسلامية.
كل يوم: والنجف عنوان حرصٍ على بلدنا وشعبنا.
كل يوم: النجف بيتنا الذي نحب، ووعاء شغفنا، ومنطلق طريقنا إلى دروب العالم المختلفة.
كلّ يوم: والنجف بكم عامرة، وبأهلها المخلصين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف
في الثاني من أيار العام ٢٠١٥