ادب وفن

في بدء الغياب / طريق الشعب

هي صدمة بحجم يوم عصيب، نحمل أهوالها بصمت، ومن دواخلنا يتشظى حزن على صفاحات الحلم، ليتسلل إلى مآثر قامتين رحلا ولم يرحلا، فارسان كبيران، كتبا بدمهما فكرا وشعرا وحروفا من ألق. فلك الدين كاكائي، شيركو بيكس.. قمران لن يتواريا عن سماء العراق، وعن سمائي كركوك والسليمانية، لن تحجبهما غيمة، ولن تكل عن حبهما قلوب العاشقين. اليوم، يا كاكائي نقرؤك حياة نضال وفكر وثقافة، لم تخفك الدكتاتورية التي أخفتها، فكنت مجدا في خنادق النضال والثقافة والصحافة، وكنت الزاهد الناسك يا حلاج.
لم تغرك المناصب مهما علت، بل تغريك كل دعوة مهما صغرت، لتخط بمداد حبك مقدمة لكتاب أو مشاركة في أمسية أو ندوة، هكذا غدوت في مصاف المفكرين وأنت تلوح ب:" العلويون، موطن النور، احتفالا بالوجود، حلاجيات، البيت الزجاجي للشرق الأوسط، انقلاب روحي، بيدارى، روناهي زردشت".
كنت فريدا، منفتحا، متواضعا، عميقا، محلقا، بعراقيتك وكرديتك معا.
واليوم يا شيركو بيكس، بكت استوكهولم على رحيلك، والسليمانية ناحت، وبغداد يا شيركو حزنت.
كنت شاعر "عدالة القضية" بفنارات إبداعك، وكنت الألق الحي الذي لا يخفت في واحات قصائدك، يا لسان حال نصوصك الخالدات،
منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي وأنت المزهو بوجع الألم، تترعرع في واحة أبيك الكبير وحكايات أمك وأساطيرها، فنشأت في تحولات مدهشة أغاضت الدكتاتورية البغيضة، فجاء السجن والإقصاء والتهجير والهروب والإقامة الجبرية واللجوء، لكنك ظللت مقاوما شرسا بقلمك وفكرك وعذوبة أغانيك.
أكثر من ثلاثين مجموعة شعرية، هي أناشيدك للحرية والإنسانية والحياة.
كاكائي، شيركو.. فاتتنا قبلة على جبينكما، لكن قلوبنا تقبّلكم الآن وغدا...