ادب وفن

مهرجان برلين السينمائي الدولي 2016/ عصام الياسري

مهرجان الفيلم العالمي "البرليناله".2016.. آفاق سينمائية جديدة واكتشافات فنية نوعية
افتتح الخميس 11 ولغاية 21 فبراير 2016 في العاصمة الألمانية برلين مهرجان الفيلم العالمي "البرليناله" السادس والستون. ويعتبر مهرجان برلين واحداً من أهم المهرجانات السينمائية في العالم. ويعمل لإدارة وتنظيم المهرجان جيل من الحرفيين والفنانين والنقاد الذين تم انتقاؤهم من قبل رئيس المهرجان ديتر كوسليك "Dieter Kosslick" وفريق عمله عند تسلمه هذا المنصب قبل سنوات، بهدف اعطاء المهرجان دفعة مختلفة لتحقيق نجاح دولي وجعل جمهور السينما والمعنيين من اعلاميين ونقاد، لان يحظى بمشاهدة افلام عالمية تعرض لأول مرة في هذه المدينة القديمة الحديثة الموسومة بتقاليد ثقافية عريقة اصبح المهرجان امتدادا لها. ويفترض ان يكون انتقاء الافلام بطريقة مهنية، تخضع، لقوانين وشروط المسابقات العالمية التي تنص عليها لوائح الاتحاد العالمي لمنتجي الأفلام، ايضا، الى ضوابط النظام الداخلي للمهرجان والمتعلقة بشروط المشاركة في البرليناله. أما الأفلام التي تجتاز اختبار الترشيح أو التأهيل لدخول المسابقة، فلها مواصفات فنية وتقنية عالية. عروض مهرجان هذا العام تكتسب أهمية على جميع المستويات والتصنيف، الامر الذي سيجعل مهمة اكثر من 4000 صحفيا وناقدا اتوا من جميع انحاء العالم صعبة ومتشابكة.
يحتوي برنامج المهرجان في دورته لهذا العام على اكثر من 400 فيلم بين روائي وتسجيلي وقصير من اكثر من مئة بلد. من بين الافلام الـ 23 المشاركة في عروض المسابقة الرئيسية من الدول (بلجيكا، ايطاليا، كندا، المانيا، البوزنا والهرتسك، أيران، الدنمارك، الفلبين، بريطانيا، فرنسا، المكسيك، نيوزلاند، هولاندا، بولونيا، بورتغال، السويد، سينغابور، تونس، امريكا، الصين) سيتنافس 18 فيلما منها لحصد احد الجوائز الرئيسية للمهرجان " الدب الذهبي أو الفضي" و19 فيلما سيحتفل بعرضه الاول في العاصمة الالمانية. وسيقدم المهرجان 63 فيلما عالميا، طويلا وقصير، لـ 35 شركة انتاج وانتاج مشترك، فيما ستكون المشاركة العربية لهذا العام ولأول مرة متميزة، اذ وصل حجم العروض في جميع اقسام المهرجان الى 20 فيلما بين القصير والطويل، الروائي والتسجيلي. والاهم من هذا فان الفيلم التونسي "انحبك هادي" انتاج فرنسي بلجيكي تونسي من اخراج محمد بن عطيه وبطولة مجد مستوره وريم بن مسعود وصباح بو تسويته وحكيم بوسويدي وامنيه بن غالي، هو احد الافلام المشاركة في المسابقة الرئيسية للمهرجان.
سيستمتع الجمهور خلال زياراته لعروض أقسام المهرجان الاخرى افلاما متنوعة مثل عروض "البانوراما" وأفلام "رتروسبيكتيف ـ هوماج" "الفوروم" "الفيلم الأوروبي" أو عروض "آفاق الفيلم الألماني" أو عروض مهرجان "فيلم الأطفال" الذي يتمتع بإقبال واسع، أو قسم "المواهب الناشئة" وغيرها. ويحمل مهرجان هذا العام الكثير من المفاجئات الفنية والفكرية والقيمية، السياسية والاجتماعية، إذ تزامن انعقاده مع انشغال وسائل الإعلام والسياسة بما يجري في العالم، تحديدا الاوضاع التي تعاني منها الانسانية في العديد من البلدان كالإرهاب "داعش" الذي بات يهدد كافة المجتمعات وثقافاتها، ايضا قضايا اللاجئين الى اوروبا والمخاطر التي تهدد حياتهم طلباً "للحرية" والحصول على عدالة اجتماعية افضل، تقيهم شر الحروب والمجاعة والمصير المجهول.
والجدير بالذكر ان لجنة التحكيم الدولية الخاصة بأفلام المسابقة المتنافسة على الجوائز الرئيسية للمهرجان "الدب الذهبي أو الفضي" فتترأسها الممثلة الامريكية الحائزة على العديد من الجوائز العالمية والمرشحة للأوسكار مريل ستريبMeryl Streep وعضوية كل من ممثل المسرح والسينما والتلفزيون الالماني لارس آيدنغر Lars Eidinger والكاتب والناقد البريطاني نك جيمس Nick Jamesوالمصورة المعروفة الفرنسية بريكيتا لاكوم Brigitte Lacombe والممثل البريطاني كلف اوفين Clive Owen والممثلة الايطالية آلبا رورفاخر Alba Rohrwacher والمخرجة الحائزة على جائزة الفيلم الاوروبي البولونية مالكورساتا سوموفسكاMałgorzata Szumowska.. اما لجنة التحكيم الدولية للأفلام القصيرة ومجموعها 25 فيلما من 21دولة، تتنافس على حصد احدى الجوائز الرئيسية "الدب الذهبي ـ الفضي" او جائزة شركة صناعة سيارة آودي المالية البالغة 20 الف يورو، فتتكون من الشيخة الاماراتية الثرية حور القاسمي مديرة مؤسسة الشارقة للفنون، والكاتبة اليونانية كاترينا كريكوس Katerina Gregos والمنتج الاسرائيلي آفي مغرابي Avi Mograbi. السؤال: هل ستستطيع الشيخة الشابة ان تتخذ من موقعها دون تحيّز او تأثير موقفا لصالح الافضل والاهم من الافلام المتنافسة، سيما العربية، ام ستترك شأن سبق الربح في قرار التحكيم من باب "سياسة المصالح" وليس "الاخلاقيات أو الموهبة" لزميلها الاسرائيلي ليحقق بذلك رغبة دولته.
انطلاقا من مبدأ لننتظر ونرى ماذا سنكتشف ومن سيحصد ثمن الفوز في النهاية!! أعتقد بأن مهرجان برلين السينمائي "البرليناله" لعام 2016 قد أتاح لنا قياساً مع طاقة وحجم الأفلام المشاركة فيه نوعاً وكماً، رؤية آفاق سينمائية جديدة وفرص ثمينة لاكتشافات فنية نوعية غير مألوفة ومؤثرات تعبيرية وتقنية وصوتية راقية، أشكال ومهارات سينمائية ساحرة. كما جعلنا نقترب بانفعال شديد لمشاهدة أعمال سينمائية فائقة التوليف ‘خيالا’ كانت أم ‘واقعية’ ستترك في ذاكرتنا على الصعيدين الفني والاعلامي سردا انطباعيا الى حين.a