ادب وفن

علي عباس علوان.. بعيدا عن التأبين القسم - القسم الثاني / مقداد مسعود

-4-
مهمة الباحث علوان هي:
*سبر خلفيات القصيدة الجديدة
*تناول مشاكلها التاريخية المعقدة
*رصد التحولات الفنية التي طرأت على القصيدة التقليدية
*دراسة خط التطور في الشعر العراقي الحديث
*رصد حركة القصيدة ورؤية الفنان
أما أختلاف الباحث عن سواه من الباحثين فهو أختلاف في
*زاوية الموضوع
*المنهج
*النتائج
أما زاوية الموضوع فهي (دراسة تطور مشاكل القصيدة وصعوبات العمل الفني وما طرأ على نسيج الشعر من خلال تتبع يتمشى مع حركة الوعي وتطورات الاحداث والمؤثرات والمتغيرات الاجتماعية والفكرية والسياسية/ ص6)..إذن الباحث هنا يتناول الظرف الموضوعي لتطور القصيدة العراقية..
أما منهجية الباحث فهي تشتغل على(تحليل طبقات القصيدة الثلاث :
الخيال والصورة. اللغة. فالأساليب الموسقية/ص7) والباحث وهو يحفر في الطبقات الثلاث،لم يهمل(الواقع الاجتماعي والظروف الموضوعية التي رافقت هذه الظواهر الفنية) وموقفه من النتائج،يكشف عن مدى علمية الباحث في قوله..(نتائج الفن تظل في حكم النسبي،مرتبطة بمجموعة من القضايا والخلفيات يصعب وضعها في إطار واحد من حيث القيمة والزمن..
فضاء البحث
يشتغل البحث في فضاء زمني محدد في بداية القرن العشرين حتى بداية
الشعر الحر في العراق،وسيركز الباحث من خلال المشيدات التالية على
الحراك الشعري في العراق
مشيدات الكتاب
يتمفصل الكتاب من عدة أبواب وكل باب، يحمل ثريا فرعية وكل باب يتفرع الى فصول..
*الباب الأول: الاتجاه الكلاسي
الفصل الأول: مشكلة العقم في شعر القرن التاسع عشر،ويبدأ الفصل من ص13 الى ص87
الفصل الثاني: الاتجاه الكلاسي وتطور الشعر بين النظرية والتطبيق من ص89 إلى ص254
الفصل: الكلاسية الجديدة – محمد مهدي الجواهري من ص255 الى335
*الباب الثاني: الاتجاه الرومانسي ص337
الفصل الاول/الرومانسية قضيتها وآثارها في الشعر العربي وملامحها في العراق/ص341-416
الفصل الثاني/ علي الشرقي/ اضطراب الرؤية ومشاكل القصيدة/419ص514
الفصل الثالث/ نهاية خطر التطور /قصيدة الشعر الحر/ص517-557
•سعة العروض..أم سعة التجدد؟
أستوقفتني هذه الوحدة السردية،التي تؤكد بأدلة عروضية على سعة عروض الشعر العربي..(والواقع ان عروض الشعر العربي غنى واسع في تشكيلاته الموسيقية،فلقد منح الشاعر انماطا مختلفة من الايقاعات والانغام في أغلب البحور ليرضي حاجات الفنان وبحثه عن الجديد.ومن هنا يمكننا ان نقول بأن تشكيلات النغم في العروض العربي ليست ستة عشر بحرا،انما هي تتجاوز الخمسين .ان الكامل وحده يقدم للشاعر تسع تشكيلات مختلفة يستطيع خلالها الشاعر الموهوب،ذو الثقافة الموسقية والإحساس المدرب ان يصوغ تسعة انغام مختلفة.../ص502)..
لكن هذه السعة على مستوى الاتصال اللغوي ،تعوم بعيدا عن لغة الحياة اليومية ،كما أن هذه السعة،لا تغادر العروض ولا تطير ألا في فضاء الفراهيدي نفسه،ولقد بدأ فرسان الشعر الحر في العراق بالعمود وأحيانا بتنويعاته لكنهم شعروا انها حرية مشروطة بعدم مغادر الفضاء بل الانتقال بين الغرف فقط..ذلك الانتقال الذي لن يجعلهم من المبدعين الأحرار في ذواتهم.. وهي غرف بمقاسات فراهيدية ، تضيق بالرؤى المنبثقة من الحلم الذي غمرهم بسعته وأنواره وأجنحته،لذا ضاقت أجنحتهم بسماء خفيضة لا توائم أجنحتهم وصرخاتهم.. ضاقوا بقواميس اللغة،فنزل?ا إلى (لغة الكلام الحية التي يتكلمها الناس في واقع حياتهم) حسب الدكتور محمد النويهي في كتابه(قضية الشعر الجديد)..
• تستوقفني هذه الوحدة النقدية ... (ان الوقت قد حان لدراسة دلالات الحركات والصوتيات في القصيدة العربية، بعيدا عن الدراسة النحوية ودلالة الحركة على موقع الاسم والفعل من الجملة، وليت من يدلنا على دلالات توالي حركة الضم سواء في البيت أو حروف الروي على المعنى او الموقع النفسي لشاعر كالمتنبي حين قال(بما التعلل لاأهل ولاوطن ولانديم ولاكأس ولاسكن أريد من زمني ذا ان يبلغني ماليس يبلغه من نفسه الزمن)
وميمته الشهيره في معاقبة سيف الدولة
(واحرقلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم)
أو ما تعنيه حركة الفتحة وشيوعها في أبيات المتنبي وهو ينال من عرض عدوه ضبة بن يزيد العتبي حين هجاه قائلا:
(ما أنصف القوم ضبه وأمه الطرطبه)
وما الذي تعنيه حركة اطلاق الروي بالفتح في ميمية البحتري في حديثه عن انطلاقة الربيع
(اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد ان يتكلما)
أو فائية ابن الرومي في طيف الحبيب وقد أطلق حركة الفاء بالفتحة
(وكم ألم فأهدت لي محاسنه من الفواكه والريحان أصنافا
رمان عدن واعنابا مهدلة واقحوانا يسقي الراح رفافا
ويانعا من جنى العناب تتبعه قلب المودع تذكارا وتأسافا)
ولقد وقفنا على أمثلة كثيرة في الشعر العربي فوجدنا نوعا من العلاقة بين حركات الروي،أوتوالي حركة معينة في البيت وبين حالة الشاعر النفسية /ص512)..
أرى لو كان اشتغال الباحث في هذا المجال فقط، لأنتج لنا بحثا مغايرا للنسق البحثي الذي ألفناه وربما لقدم أضافة نوعية لدراسة الدكتور محمد النويهي لأبي نؤاس أو دراسة العقاد لأبن الرومي
خلاصة قراءة في المقدمة
نلاحظ ان الموضوع الأقل حظا في التناول هو قصيدة الشعر الحر..
إذن يمكن اعتبار كتاب الباحث علي عباس علوان أشبه بفاعلية تسليط الضوء على الممهدات للشعر الحر..
وهنا يحق لي كقارئ منتج أن اجترح عنونة للجهد المعرفي الذي قام الباحث به،وسيكون عنوان الكتاب
(مقدمة الشعر الحر في العراق والوطن العربي)
والباحث يثير لذلك ويسلم الراية البحثية للقادم من بعده
(فضلنا أن نقف في رصد خط التطور عند بدايات قصيدة الشعر،بعد التمهيد لميلادها ورسم الخطوط الأساسية لظروفها ونشأتها،لأنها كما قلنا تمثل مرحلة كبيرة وجديدة وتحولا نوعيا في تاريخ الشعر العربي يحتاج الى دراسة أخرى،ويتطلب منهجا جديدا).