ادب وفن

معجم الشعراء الشعبيين في الحلة / عرض حامد كعيد الجبوري

صدر عن دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة كتاب (معجم الشعراء الشعبيين) الجزء الأول، لمؤلفه الباحث محمد علي محيي الدين.
مذ عرفت الباحث محمد علي محيي الدين وجدت فيه خصلة ربما استمدها من اللقب المشرف لعائلته (محييِّ)، ووجدت لهذه العائلة الكريمة رجالاً نذروا أقلامهم لإحياء ما يؤمنون به دينياً، ووجدت في العائلة أيضاً من أحيا اللغة العربية وأصبح رئيسا للمجمع العلمي العراقي الدكتور الراحل (عبد الرزاق محيي الدين)، ومن هذه العائلة أيضا برز شعراء وأدباء ملؤوا بطون الكتب شعراً ومقالات، ومنهم من عد رمزاً شعريا شعبيا رائدا وكبيرا كالشاعر الراحل (الحاج رسول محيي الدين) صاحب المعلقة المعروفة (يحسين بضمايرنه)، والباحث الأستاذ محمد علي محيي الدين يحاول بكل ما أوتي من جهد ثقافي ليحيي الأدب الشعبي العراقي ويوثق له، غير اهتماماته بالتأليف والبحث في مواضيع أدبية وسياسية أخرى، ودليلي على ذلك هذه الموسوعة الكبيرة والتي تقع في 491 صفحة من الحجم الكبير، وبورق أسمر وطباعة منسقة أزعم أنها خلت من الأخطاء الإملائية وترجم لـ 54 شاعرا شعبيا حليا، وبحسب اطلاعي سيتبعه الجزء الثاني والجزء الثالث.
لم يقسم الباحث كتابه الى فصول بل إهداء وهدية يقول فيها (الى شهداء الكلمة الحرة من رجال الفكر والأدب زملائي في جمعيتنا – توضيح من هي الجمعية - جمعية الشعراء الشعبيين العراقيين، جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي – هدية متواضعة فيها بعض من جهودهم التي نتمنى لها النماء والازدهار - المؤلف)، أتبعها بآيات قرآنية من سورة الشعراء لا أعرف لم درجها في كتابه ((وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227))، أعقبها بمقدمة أجدها خلاصة رأيه وتحليله لما مر به الشعر الشعبي العراقي وشعراؤه بدءاً من عام 1963 م وحقبة الانقلاب على الشرعية العراقية ممثلة بالثورة الخالدة عام 1958 م وتسلط البعث وأزلامه على مقاليد العراق وأهله، وصولا الى عام 2003 م وسقوط صنم الدكتاتورية في ساحة الفردوس، وقسم الباحث الشعراء الى صنوف، صنف ترك العراق وأستوطن المنافي مستمر في كتابة الشعر، وصنف بقي صامتا خوفا من الجلاد وزمرته، وصنف أنخرط مؤمنا أو مجبرا ليكتب للنظام وأزلامه، ومعلوم للكثير أن الطاغية المقبور أستغل الكثير من الشعراء الشعبيين مطية لغاياته اللا إنسانية في تأجيج الصراع العرقي والطائفي بين الشعب العراقي وجيرانه الأعاجم أو العرب، وبعد تنفيذ مأربه سن قانون سلامة اللغة العربية لأنه يعلم أن للقصيدة الشعبية وقعها الساحر عند المتلقين.
بين هذا وذاك (ورغم محاربة الشعر الشعبي وشعرائه ألا أنه برز الى الوجود خلال تلك الفترة عمالقة الفن وأساتذته وتميز فيه شعراء كثيرون وكان الشعب العراقي هو الداعم لشعرائه من خلال ترديد شعرهم وحفظه ومتابعة النتاج الشعري لهؤلاء الشعراء –) المؤلف.
وتحدث الباحث محيي الدين عن (جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي) وظروف تأسيسها وما لاقته من معوقات لإثبات وجودها مع العدد الكبير من الجمعيات والمنتديات الثقافية الشعبية، وتحدث عن المهرجانات التي نهضت بها هذه الجمعية منذ تأسيسها عام 2003 م وتعاونها مع وزارة الثقافة العراقية وممثلية رئاسة الوزراء التي ارتأت تشكيل لجنة ثلاثية انبثقت من خلال المهرجان الوطني الرابع الذي عقد في مدينة الحلة وبموجب كتاب رسمي أثبته في متن كتابه، وكانت مهمة هذه اللجنة الثلاثية لم شتات الشعراء الشعبيين وتوحيد صفوفهم تحت مسمى وطني واحد، وأنيطت بهذه اللجنة مهمة مراجعة الدوائر الرسمية ومنها وزارة الثقافة العراقية في ما سمي منحة الإبداع وما الى ذلك.
وثبت الباحث (محيي الدين) مجموعة من المقالات التي نشرت في الصحافة العراقية متحدثة عن المهرجانات الوطنية التي أقيمت من قبل جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي التي تأسست من رحم جمعية الشعراء الشعبيين، مهرجانات بابل، مهرجانات الديوانية، مهرجان دهوك، كرنفال العيد الثمانين للحزب الشيوعي العراقي والتي ساهم فيه شعراء الجمعية، مهرجانات بابل للثقافات والفنون العالمية التي ساهم فيها شعراء الجمعية.
وأخيرا لا أنكر الجهد الكبير الذي بذله الباحث (محيي الدين) من أجل أن يرى النور هذا العمل التوثيقي المهم لشعراء محافظة بابل، ومن المؤكد أن منجزاً كهذا قد يتصور البعض أن الباحث قد أهمل بعضا من الشعراء، وباعتقادي الشخصي أن محيي الدين سوف لن يترك شاردة أو واردة ليتقصى بجهد مضن للوصول الى كل الشعراء الشعبيين ويؤرشف لهم تاريخهم وشعرهم، ومن المؤكد أيضا أن محيي الدين قد أختار السمين من قصائد المترجم لهم وترك الغث ليمحوه الزمن بالنسيان.
الباحث في سطور: محمد علي محيي الدين.تولد 1950 بابل, عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، عضو رابطة الأدباء العرب، عضو اتحاد كتاب الانترنيت العرب، نائب رئيس جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي، عضو المكتب التنفيذي لجمعية الشعراء الشعبيين
صدر له :أضواء على عملية الهروب من سجن الحلة، كاظم الجاسم ودوره في الحركة الوطنية، دليل الشعراء الشعبيين في الحلة، محطات في التراث الشعبي، الدارمي أو غزل البنات، رجال في ذاكرة الوطن، حكايات ابي زاهد، في الأفق الأدبي، كتب في الميزان, معجم الشعراء الشعبيين في الحلة الجزء الأول.