ادب وفن

مسح ضوئي... عبد الكريم العبيدي: من برحي وآس.. / مقداد مسعود

أيها الكريم العبيدي ..يا أعذب الناس في معاملتي، الحميم المجبول من برحي البصرة وآس حديقة الأمة، لك من الأحجار الكريمة (حجر عراقي) وهو من الأحجار الغريبة ، فهو لا يشتعل إلاّ حين نسكبُ الماء عليه !! لا ليحرق .. يشتعل الحجر العراقي ليضيء مثل كل العراقيين الذين يشتعلون ليطردوا سلالة ابن النابغة من عراق الأنبياء والأئمة والمناضلات الشهيدات وعرسان الشهادة .. على ضخامتك ، لك رشاقة عصفور وزهده في تناول الحياة ، فأنت من أولئك الذين ذكرهم بصري قبلك وأطلق على إشكاليتهم الوجودية (أنه كان يتناول الحياة شعريا)..من المؤكد أنت تعرف ذلك البصري الزبيري العملاق ..أعني المترجم والمثقف الموسوعي نجيب المانع، صاحب رواية(تماس المدن) تلك الرواية التي لا يعرفها إلا القلة الآن، صدرت أواخر السبعينات عن دار الشؤون الثقافية- بغداد وفي حوار معه في صحيفة عراقية، وعدنا نجيب المانع بروايته الثانية( كل إنسان كوكب) ..!! وبعد 2003 قرأتُ له (ذكريات عمر أكلته الحروف)..لا أدري لماذا لا أحد غيرك يذكرني بالكبير، نجيب المانع !! التقينا صدفة يا كريم وكلانا يعمل في مصنع الكلمة ذاتها أعني طريق شعبنا، من يومها شعرتُ أننا التقينا كثيرا ولكن ليس في الامكنة بل في بساتين المعارف الكبرى وفي التصدي للفاشية بطبعتها الرعوية في عراقنا المبتلى بالحكام الأجانب..أحببت ُ روايتيك.. فالروايتان (ضياع في حفر الباطن) و(الذباب والزمرد) : بتوقيت ما جرى ويجري وقادتني سرودك نحو درابين سمكة الصبور المأكولة / المذمومة والتي من أسمائها الحسنى : بصرة..نعم فهي ليست نكرة حتى تعرف بألف لام..!! وأنت تصف سوق (الصيّاغة) في( الذباب والزمرد) ، حيث يرتقي أحدهم إلى عمارة في السوق ويدخل شقة ، أعادتني هذه الشقة الى الشقة المقابلة لها كنا نجتمع فيها طلبة ومدرسين وإعلاميين ، والكل مظلتهم زهرة الرمان ..في روايتيك الفضاء السردي : بصري.. والشخوص كأنني التقيتهم في شارع الكويت أو في مقبرة اليهود وبعض الوجوه أدخلتني في (بار حنا) المستظل بوردة الحديد المتعالية التي كانت يوما خزان ماء تطل على شارع بشار بن برد، الشاعر الذي شفلات الأخوة عارف هدمت بيته وبيت الحسين الخليع وحمّاد بن عجرد في المنطقة التي كانت تحمل اسم ( بستان كصب).. لكن تشويه بصرتنا الآن يستحق رواية ثالثة منك فأنت مسكون فيها مهما سكنت بغداد فأنت لن تتبغدد لهذا السبب أحبك أكثر لأنك نخلة برحية وسدرة من النبق التفاحي تطل علينا من العميرية في أبي الخصيب. وفضاؤك مفتوح مثل شوارع الزبير الفارهة ، وقميصك الأخضر بياضه من ملح الفاو..
..تعال أيها الكريم سأنتظرك في شارع 14تموز المؤدي الى بيتنا ننتظرك أنا وولدي مهيار الذي يحبك ويسألني عنك وانتما تتحاوران ، لنلتقي بعدها في الجلسة المخصصة لك في قاعة الشهيد هندال في مقر حزبنا ..كنتُ من السعداء ،وأنا أقدمك للجمهور الذي ضاقت به القاعة الكبيرة ..أيها الكبير العبيدي عبد الكريم ..النقي الناصع ..