ادب وفن

الاتجاه الخامس: معرض لرسامين سوريين وعراقيين في اوبسالا السويدية / محمد المنصور

وسط حضور ملفت وجميل من المهتمين بفن الرسم، والفن التشكيلي خصوصاً واشتغالات الثقافة عموماً، وطيف واسع من مواطنين سويديين من فئات عمرية مختلفة، ومهاجرين من بلدان أخرى وقوميات متعددة، وبرعاية مؤسسة (Nyby Vision)، أفتتح معرضاً للرسم بعنوان: (الاتجاه الخامس)، في الكنيسة الواقعة قبالة المكتبة الرئيسية في مدينة أوبسالا، وهوالمعرض الأول لخمسة فنانين من سوريا وفلسطين والعراق، وهم جميعاً من القادمين الجدد إلى السويد، جمعتهم اهتماماتهم في دورة للرسم في مؤسسة (ABF)، واتفقوا على تكوين فريق للفن التشكيلي، وأطلقوا عليه تسمية رمزية هي خمسة (Five)، كناية بعدد الأصابع في اليد الواحدة، منطلقين من مبدأ (إن اليد التي ترسم تنتج الجمال)، ورغبة منهم في نقل صورة عن الفن في بلدانهم، وتزاوجها مع الفن التشكيلي في السويد، لأن الفن رسالة إنسانية ولغة عالمية.
اقترحت مؤسسة (Nyby Vision) بالإتفاق مع الكنيسة على مجموعة (فريق الخمسة)، الدخول في ورشة عمل في الرسم للقادمين الجدد من الفنانيين لمدة اسبوعين، ومن ثم عرض أعمالهم في المهرجان السنوي، (الليلة الثقافية) في العاشر من سبتمبر / أيلول (2016)، الذي يقام عادة خريف كل عام في مدينة أوبسالا، ويستمر المعرض لمدة اسبوعين أيضاً في ذات المكان، على أمل أن تتاح لهم الفرصة لإقامته في مدن سويدية أخرى، ويضم المعرض (14) لوحة، توزعت مدارسها بين (السريالية، التعبيرية، الواقعية، والتجريدية)، إضافة إلى عدد من اللوحات الصغيرة التي تحاكي صمت الطبيعة، وعن تسمية المعرض (الاتجاه الخامس) تقول الفنانة أحلام زراع: "بعد الحرب سافرنا إلى الاتجاهات الأربع، لكن الاتجاه الأهم الذي يجب أن نسعى له هو الإنسان، وهو القيمة الأكبر التي نرسم عنها ولها".
الفنانة أحلام زراع
أحلام زراع: فنانة فلسطينية / سورية، شاركت بعدة معارض في دمشق والمحافظات الأخرى في سوريا، وصلت إلى السويد في نوفمبر / تشرين الثاني عام (2015)، ومن خلال دورة للرسم في مؤسسة (ABF)، تعرفت على أصدقائها الفنانين الأربعة وشكلوا فريق الخمسة، وهي تؤمن بمبدأ (حيثما زرعك الله اثمر)، وتقول: "تحمست لفكرة المشاركة بالمعرض ضمن فعاليات المهرجان، كخطوة أولى للتعريف بأعمالي، وفرصة مناسبة للتعرف على الوسط الفني في مدينتي الجديدة أوبسالا".
تشارك زراع في معرض (الاتجاه الخامس)، بثلاثة أعمال: الأول بعنوان (الحدود)، وفيه كفان ممتدان باتجاه بعضهما لطلب النجده، أو يشيران إلى وداع الأهل والأحبة، وهو من وحي الهجرة وانعكاس للمشاعر التي مر ويمر بها اللاجئون، والعمل الثاني هو: سترة للنجاة تطوف فوق الماء لوحدها، وعليها خيالات لأشخاص: (طفلة مع حقيبة مدرسة، عاشقين، أب وإبنته، وطفل يلعب الكرة)، على خلفية ضربات قوية للأزرق والأبيض والأحمر، تمثل البحر بغضبه وهيجانه، وتريد أحلام زراع أن تقول في هذه اللوحة: (إن من غرقوا في البحر، قصص أصدقاء، ذكريات عائلات وأحبة، وليسوا مجرد أرقام)، والعمل الثالث والأخير بعنوان: (الهامش)، فتاة تقف في سهل بفردة حذاء واحدة وترفع رجلها الثانية، وتحتها العديد من الأحذية، تعني بها الطرقات، فأي منها تختار؟.
الفنانة سناء زاهد
سناء زاهد: فنانة سورية، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق قسم النحت، وحاصلة على شهادة الماجستير في دراسة اللوحة، قدمت إلى السويد عام (2014)، وهي من أعضاء فريق الخمسة، وتشارك بمعرض الاتجاه الخامس بثلاثة أعمال: واحد تعبيري عن المرأة وتحررها من القيود، من خلال رسم راقصة باليه وانعكاس ظلالها في اللوحة، واثنين تجريديين عن الحرب، وقد عبرت بضربات الألوان القوية المختلفة، عن اختلاف الأحداث وتعدد الصراعات بألوان واضحة وجريئة.
الفنان فادي الجزماتي
فادي الجزماتي: فنان سوري شاب يهوى فن الرسم وله اسلوبه الخاص، وصل إلى السويد عام (2015)، يشارك في معرض الاتجاه الخامس بعملين رصاص، واحد بعنوان (أين أنا) وهو عن الطفل الحلبي الغريق (عمران)، وعن كل الأطفال ضحايا الحروب وهم لا ذنب لهم فيها، والعمل الثاني (ضوء لكن مختلف) وهو عن الحرب أيضاً.
الفنانة رجاء ميقري
رجاء ميقري: فنانة سورية، وهي خريجة فنون تشكيلة جامعة دمشق، قدمت إلى السويد عام (2015)، وقد أصبحت أماً حديثاً، وهذا ما نراه منعكس بقوة في أعمالها، تشارك في معرض الاتجاه الخامس، بعملين قياس (55 x 45)، أحدهما بعنوان (أمومة) والآخر بعنوان (دمشقيات)، وتتميز أعمالها بالألوان المشرقة، بالإضافة إلى مشاركتها بعدد من اللوحات الصغيرة عن الطبيعة الصامتة.
الفنانة غفران الصائغ
غفران الصائغ: فنانة عراقية من مدينة الموصل الحدباء في محافظة نينوى، حاصلة على دبلوم من معهد الفنون الجميلة، قسم التصميم عام (2009)، وشهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة، قسم الفنون التشكيلية فرع الرسم من جامعة الموصل عام (2013)، أقامت العديد من المعارض خلال فترة دراستها في المعهد والجامعة، من ضمنها معرض للنزاهة حصلت فيه على المركز الثاني، والمسابقة الإبداعية لجامعة الموصل، حصلت فيها على المركز الثالث، والملتقى الإعلامي الأول لشباب العراق، حصلت من خلاله على شهادة تكريم من محافظ المدينة، ومعرض مشترك مع مجموعة من الطلبة الأوائل في كلية الفنون الجميلة، ومعرض لرعاية الأطفال الأيتام في العراق.
وصلت الصائغ إلى السويد عام (2015)، وتعلمت اللغة السويدية قبل حصولها على الإقامة، بدعم ومساندة وتشجيع من أهلها، وأصبحت أحد المدرسين لدورة تعليم الرسم، بقلم الرصاص والألوان في مؤسسة (ABF)، وقد أقامت معرضاً في مكتبة (Gottsunda) لطلابها، وهي الآن أحد أعضاء فريق الخمسة، وتشارك في معرض الاتجاه الخامس بأربعة أعمال، زاوجت فيها بين مدارس فن الرسم: (الواقعي، السريالي، التجريدي، والانطباعي)، وقد غلبت الألوان الزيتية على جميع أعمالها.
أعطت الصائغ اسم: (العراق) إلى أول أعمالها، الذي تتحدث فيه عن احدى بيوتات العراق القديمة، والعمل الثاني الذي اسمته: (نظرة أمل)، يتضمن نظرات رمزية بسيطة لإيصال رسالة مفادها، إن المرأة نصف المجتمع، أما العمل الثالث فهو بعنوان: (الصراع من أجل البقاء) وهو بشقين: القسم الأعلى من اللوحة يجسد كفاح المرأة، والقسم الأسفل من اللوحة يظهر امرأة تنظر إلى الأعلى، نظرة أمل في الحياة وتحمل المستقبل في أحشائها، لتتوقف في عملها الرابع عند مجموعة من الأفارقة يؤدون رقصتهم الشعبية، لتقول للجميع: نحن البشر لا يوجد أي فرق بيننا.
مجموعة الخمسة أو فريق (Five)، الذين لم يمض على مجيء أقدمهم إلى السويد أكثر من سنتين، حملوا في صدورهم عذابات وأوجاع أوطانهم، وفي ذاكرتهم مشاهد الدمار والموت المجاني، وعلى أكتافهم إرث حضاراتهم الضاربة في عمق التأريخ، ليجسدوها في لوحات تفضح لعبة الأقطاب، وتكسر جدران الصمت، وتستصرخ ضمير الإنسانية، ولعل هذا ما قصده السيد (Bernt Jonson) المسؤول عن المهرجان، في كلمة قصيرة بافتتاح معرض الاتجاه الخامس، بعد أن رحب بالفنانيين واصفاً إياهم بجيل اللاجئين الأول، لقد نجح الفنانون في معرض الاتجاه الخامس بتحقيق جزء من رسالتهم، وهي التزاوج بين موروثهم الحضاري ورصيدهم الثقافي والفني وبين منجزات الثقافة وآفاقها في المجتمع الجديد، ففي الوقت الذي فيه هناك أياد تزرع الموت، فهنا أياد ما لبثت تصنع الحياة وتنتج الجمال.