ادب وفن

مسح ضوئي ... سرد السيراميك / مقداد مسعود

أثناء بعض الترميمات والمتغيرات في البيت قارنت بين تجربتين ، الأولى كانت قبل سنوات والثانية في هذه الأيام ، رغم ازعاجات العمل في البيت والعائلة فيه، وما يتساقط من مواد انشائية، والعمال "رايحين جايين"، وصراخ "الدريل والقلم والجاكوج" ، وضرورة تواجدي كمراقب عمل. فإن ثمة اختلافا واضحا جدا بين التجربتين خلاصتهُ: مهارة الأسطة وتنويعات مهارته أيضا ، وتوفر كل وسائل انتاج العمل لديه. فهو "يطبّك" السيراميك ، وينصب انابيب المياه "بايب فيتير" بطريقة حديثة وأنيقة، مثل أناقته ودقته مع السيراميك الأرضي والجداري والسقوف الثانوية. وأثناء كل خطوة من العمل كان يتقدم بخطوة جديدة في الجانب الثاني وحين انتهى العمل كله حصلت على شبكة إنارة جديدة في البيت كله وكذلك شبكة مياه أفضل وكان سرد الأسطة للسيراميك بشكل أجمل مما جرى في التجربة السابقة التي كلفتني أكثر، بينما في هذه التجربة كان الاسطة يعمل على أكثر من مجال في الوقت نفسه وبمهارة فائقة بشهادة ذوي الاختصاص. والجميل في عمله هو أسلوبه في تعليم عماله على كل ما يعمله ويسمح لهم ان يخطئوا ليحدد لهم موضع الخطأ: لماذا هذه السيراميكة منحرفة؟ أو تلك أعلى من السيراميكة الثالثة، ليس السبب نسبة الرمل ولا قلة سائل "البورك" أو في ضربات "الطخماخ" على السيراميك.
وبعد أسبوع من انتهاء العمل يتصل ليسألك "أشلونه شغلنا"؟ يقصد هل ثمة خلل طارئ ظهر الآن في ما انجزه لك في بيتك .. جميل ان نحصل على إنسان يتعامل بمهارة وأخلاق ويأخذ الأجرة التي يأخذها اي أسطة. لكن هذا النوع من الأسطوات غير مرغوب بالنسبة للعاملين معه في الاختصاص ،فهناك من يتمنى ان تكون له قدراته لكن ليس هناك اسطة أو خلفة اتهمه بعدم المهارة في أي صنف من الأصناف.. مثلما يجري في الوسط الأدبي.
فكاتب القصة القصيرة ، إذا ألّف مسرحية واشتهرت ، اشاعوا ان فلان يشتت جهده، وإذا افتتح روائي معرضا لرسوماته!، تهامسوا في ما بينهم معترضين واذا اشتغل الناقد في حقل معرفي غير النقد ، صاحوا: يشتت جهده!
أيها الأصدقاء، رحم الله المتنبي:"على قدر أهل العزم تأتي العزائم".. ماذا نقول عن "أنتوني برجس "؟ مؤلف رواية "البرتقالة الميكانيكية". هل تعرفون أن له انتاج موسيقي بديع؟ رحم الله يوسف الصائغ، فهو الشاعر والرسام والروائي وصاحب الصفحة الاسبوعية في مجلة "ألف باء"..
تهمة التشتت الابداعي: متهمة هي نفسها، لأن العين التي أطلقتها هي عين الحاسد العاجز ، المبتلي بإهدار وقته في حلقة الافتراض الإلكتروني والمتحصن باسمه في بدايات تألقه ذلك التألق الجميل، الذي للأسف استدار ثم أقعى في غيابة الجب الالكتروني..وشتت جهده فتراخت كل قدراته الإبداعية ..