ادب وفن

عن الثقافة ودورها في بناء الانسان */ مفيد الجزائري

ليست مسألة الثقافة واهميتها للانسان ورقيّه، ودورُها في حياته وفي تقدم المجتمع، موضوعا جديدا علينا في العراق ولا طارئا. فمنذ عقود وهي تحتل موقعها على طاولة البحث والدراسة: يعالجها المعنيون من المثقفين والاكاديميين، وتتداولها وسائل الاعلام، ويتناولها الساسة الجادون، ويتصنع حتى المتاجرين بالسياسة الانتباه اليها والاهتمام بها.
واذا كان الكثير من المعالجات السابقة قد افتقر الى الجدية، او اتسم بالسطحية او الجزئية في التناول، فجاءت حصيلته قاصرة ولم تمكث على الارض، فان هناك غيرها عكس سعيا مخلصا وكفوءا الى دراسة الموضوع، وتقصي جوانبه، وتسليط الضوء على جوهره. مثلما جسد جهدا موفقا للخروج بخلاصات واستنتاجات في شأنها، يمكن الركون اليها، والافادة العملية منها في الصراع الطويل، المتواصل منذ نحو قرن من السنين، على هوية عراق هذا الزمان، وقضية بنائه على اسس التحديث والتجديد والتطوير، ورسم مستقبله كدولة مواطنة وقانون وتحضر وإنصاف اجتماعي.
غير ان اجواء الاضطراب وعدم الاستقرار السياسيين، التي حُكم على بلادنا خلال ذلك ان تعانيها، وما زالت، مكنت مَن لهم مصلحة في الحفاظ على الواقع القائم وادامة التخلف، من قطع طريق تلك المساعي النبيلة، واحباطها. فعادت بنا الى نقطة الصفر، الى ما نحن فيه اليوم: نبحث من جديد ما سبق بحثه مرة واخرى، لنتوصل ربما الى ما سبق التوصل اليه ذاته، على امل ان نباشر ما كان ينبغي الاقدام عليه منذ زمن طويل، ونسهم في اقامة عراق معافى وجميل ومزدهر، بدل هذا العراق المعذب المثخن بالجراح، اللاهث لدرء غيلان الارهاب والتعصب والتجهيل والفساد والافساد، وإبعاد سكاكينهم عن جسده المهدد بتقطيع الاوصال.
الثقافة والانسان
لا تذكر الثقافة الا ويذكر الانسان. فالانسان هو من صنع الثقافة وانتجها، وهو من ارتقي بها عبر مسيرة آلافٍ وملايين من السنين، كان في مجراها يبتعد تدريجا عن عالم الحيوان، ويبدأ التطور في مدار مستقل ككائن مغاير، مختلف عن بقية اقرانه في ذلك العالم. كائن يتميز بينهم جميعا بعقله، ويفوق ارقاهم بحجم دماغه، الذي راح ينمو ويكبر حتى تضاعف ثلاث مرات خلال الملايين السبعة الاخيرة من السنين.
بدأ هذا النمو بطيئا حتى قبل ظهور اول اشباه الانسان، المسمى "الانسان القرد". ثم تسارع بعد ظهور انسان "النياندرتال" قبل نحو مئة الف سنة، والذي عُرف بمهارته كصياد، وبصنعه ادواتِه من الحجارة والعظام، ثم باكتشافه الاعظم: كيفية اشعال النار.
وتوالت الاكتشافات وتسارع التطور اكثر، مع طلوع الانسان الحديث "كرومانيوم" قبل حوالي اربعين الف سنة. فقد امتاز هذا بكبر حجم مخه من جانب، وبقدرته على تحريك الاصابع لا سيما الابهام من جانب ثانٍ. فاستطاع المضي قدما في ميادين المعرفة والابداع والارتقاء، صانعا ادوات ادق، ومستخدما الرحى في طحن الحبوب، ومدجنا الحيوانات لينتقل من مرحلة الصيد الى مرحلة الرعي، ثم مكتشفا الزراعة التي شكلت منعطفا في مسيرة التاريخ، ومهدت لنشوء الحضارة، وسجلت بداية استقرار الانسان وبنائه القرى والمدن والدويلات فالدول.
هذه العملية التي استغرقت عصورا وعصورا في ما نسميه "ما قبل التاريخ"، سجلت سعي هذا الكائن العجيب ذي الدماغ الاكبر والمتنامي، للتكيف مع بيئته الطبيعية القاسية وظروفها المتغيرة ولاتقاء شرورها من جانب، ولسبر اغوارها والتعرف على اسرارها من جانب آخر، وصولا الى تطويعها وتسخيرها لخدمته وتطمين حاجاته. وهذه العملية التي تكاد تبدو لا نهائية في امتدادها الزمني، شهدت انفصال الانسان البطيء عن مملكة الحيوان، وانتقالَه في تأمين غذائه ومتطلبات حياته ووجوده، من التبعية المطلقة للطبيعة المحيطة، والاعتماد السلبي عليها اسوة ببقية الحيوانات، الى التفاعل الايجابي معها، ومحاولة "تدجينها" إن صح القول، واستحصال ما يمكن منها بالتأثير المباشر عليها، بتحوير وتغيير ما يمكن فيها.
ولم يكن هذا ليتحقق الا بالجهد الملموس، اي بالعمل.
بهذا بدأت قصة العمل الانساني، وما اثمرت من تطور وتقدم مطردين في واقع الحياة وظروف العيش، ومن ابداع على طريق التمدن، ومن نشوء للحضارات. وكان طبيعيا ان يسهم هذا كله في المقابل، كما يقول العلماء، في المزيد من تطور بنية الانسان، وفي نمو حجم دماغه.
العمل والثقافة
قصة العمل هي ذاتها قصة المعرفة والثقافة. ولعلنا جميعا نتذكر التعريف البسيط الشائع للثقافة، على انها فعلٌ جوهرُه وغايتُه التشذيب والتهذيب: تشذيب الطبيعة والانسان معا وتهذيبهما. (ينكب الانسان على الطبيعة مشذبا ومغيرا ومعدلا ومهذبا، مدفوعا في ذلك بضغط حاجاته وجاهدا لتحقيق غاياته، فيشذب نفسه عمليا في غضون ذلك، ويهذبها).
لذلك يقال ان تاريخ العمل هو ذاته تاريخ تراكم المعرفة واستثمارها، هو تاريخ الثقافة. فكل ما انتجه الانسان وابدعه بعمله، بجهد يديه وعقله وعصارة مشاعره، من قيم مادية وروحية، انما هو ثمرة عملية التشذيب والتهذيب تلك، لبيئة الحياة اصلا، وفي سياق ذلك للنفس.
لقد كان الانسان وما زال وهو يحوّر ويغير، بجهده الذهني وعمله الجسدي، الوسط الطبيعي الذي يعيش فيه ويحيا، وينزع عنه مظاهر الوحشية والقساوة، ويجعله اكثر ملاءمة لاحتياجاته ومتطلباته الحياتية، كان في الوقت عينه يغير نفسه تلقائيا ويهذبها ، وبتعبير ذوي الاختصاص "يؤنسنها"، مبتعدا اكثر واكثر عن عالم الغاب والحيوان، ومتطهرا من مخلفاته وتأثيراته، ومرتقيا بذاته كانسان. ككائن ثقافي، مُنتجٍ للثقافة وناتجٍ عنها، كائن عاقل، مفكر، عامل، مبدع.
الثقافة وبناء الانسان
ان الانسان الذي انتج الثقافة عبر عمله وابداعه على مر العصور، وما برح ينتجها، هو في الوقت عينه وليد الثقافة. فالثقافة هي صاحبة القسط الحاسم في تشكيل جوهره وسموّه الانسانيين، المميزين له عن اقرانه من عهود الهمجية والبدائية، وفي تحديد سماته الفريدة بين الكائنات كافة على وجه الارض.
لقد دخلت الثقافة دائما في صلب كيانه كانسان. لذلك يصعب تماما تصور اي بناء حقيقي وراسخ له، في اي زمان او مكان، بمعزل عن الثقافة او بعيدا عنها.
طبيعي اننا لا نتحدث هنا عن اي انسان، وانما عن الانسان المتحرر من همجية كائنات الغاب، والذي يسمو فوقها وفوق بدائيتها الغرائزية. نتحدث عن الانسان المتحضر ذي الصفات الايجابية والخصال الحميدة، المحب لوطنه وشعبه والساعي الى خدمتهما، الحريص على ارواح الناس ومصالحهم وحقوقهم، والتواق الى الوصول بابناء وطنه ومعهم الى مصاف المجتمعات المتقدمة والمرفهة. الانسان المفكر، المحب للمعرفة، والمحب للعمل، المجتهد، الامين، النزيه، الكريم المضحي، المتسامح والمنفتح، الذي يحب اخيه الانسان ويحترم الآخر وآراءه وقناعاته.
وبديهي ان انسانا يحمل ولو بعض هذه السمات، بما يجعل منه مواطنا صالحا في مجتمعه، لا يتشكل من تلقاء ذاته. فالكائن الانساني الوليد لا يخرج الى الدنيا الا كصفحة بيضاء محايدة كما يقال، وان عملية التنشئة والتربية والتعليم والتمرين والتدريب، سواء كانت حاضرة ام غائبة، وسواء كان تنفيذها موفقا او غير موفق، هي ما يرسم هوية هذا العضو الجديد في المجتمع، هي ما يبنيه ويجعل منه صالحا او طالحا.
لا يولد المرء لا هرّا ولا سبُعا – القول هذا للجواهري:
لا يولد المرء لا هرّا ولا سبُعا وإنما هو محض تدريب وتمرين
والجواهري هنا يترجم بطريقته ما يقوله العلماء، من ان الهمجية والتحضر ليستا مسألة جينات ووراثة، وانما هما حالتان تُكتسبان بالتربية ومحاكاة القدوة.
وما التربية، ومعها التمرين والتدريب والتعليم وتقديم المثال الصالح، الا التجسيد الملموس لعملية التثقيف والاعداد، عملية التأثير ثقافيا في الاجيال الجديدة.
وهذا كله يجري، في الظروف العادية، عبر الوسط العائلي ابتداءً، ثم من خلال المحيط الاجتماعي، وصولا الى المدرسة ذات الدور الحاسم في العملية الى جانب العائلة. يضاف الى هذه وتلك التأثير المتعاظم لوسائل الاعلام، والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في ايامنا هذه، فضلا عن المؤسسات الثقافية والاجتماعية المتنوعة.
هكذا تجري الامور كما سبق القول، في حال كانت الظروف عادية. اما اذا لم تكن، فالنتيجة تأتي معكوسة بالطبع، بمستوىً او بآخر، وقد يكون هذا المستوى عاليا مخيفا، كما هو الحال عندنا اليوم.
فالوسط الاسري المعافى، الحريص على التربية السليمة والقادر على النهوض بها، يغيب اكثر واكثر بفعل انتشار الفقر والبؤس على مستوى الملايين، وما يرافق هذا الحال من انصراف اضطراري عن كل ما ليس له علاقةٌ بسد الرمق، وما ينجم عنه من شيوع للجهل ورجوع الى العادات والقيم البدائية. كذلك تُفتقد البيئة العائلية المناسبة بسبب الازدياد المطرد لاعداد الارامل من ضحايا الاعمال الارهابية وغيرها، وتصاعد اعداد الامهات المطلقات وسط الاستفحال المخيف لظاهرة الطلاق، وغير ذلك من العوامل.
والمدرسة من جانبها لم تعد، من مختلف النواحي وبدرجات لا يستهان بها، في مستوى مثيلاتها في الدول المجاورة على الاقل، لتحقق ما يفترض ان تحققه من مهمات تربوية وتعليمية. كما ان نسب غير الملتحقين بها من الاطفال، ثم المتسربين خارجها من بين الملتحقين، في صعود مستمر.
وعندما ننتقل الى المحيط الاجتماعي، نجد السلبي فيه يفوق الايجابي على مستوى القيم والمثل وانماط السلوك، وفي ما يخص الموقف من المال العام وممتلكات الدولة وثروات الوطن وكيفية التعامل معها، وعلى مستوى العلاقات المتبادلة بين افراد المجتمع، وحياتهم الاجتماعية، وغير ذلك.
اما وسائل الاعلام والتواصل، فلا تخفى على احد تأثيراتها المتناقضة، الناجمة عن الفوضى في التعامل معها، وغياب المنهج والمهنية والحرص في ادارة ملفاتها .
وبالمثل يدرك الجميع العواقب السلبية للتعامل المستهين من جانب الدولة والاجهزة الحكومية، مع المؤسسات الثقافية والاجتماعية والمنظمات غير الحكومية، وإهمالها، وتقييد تمويلها، ومنع تفعيلها.
الممكن والمطلوب
من الواضح في ضوء هذا الذي اوردناه، اننا نواجه ازمة على مستوى تكوين الانسان وبنائه بناءً صحيحا. وهي ازمة خطيرة تغذي الازمات الاخرى التي تعصف ببلدنا ومجتمعنا، وتؤسس لمزيد منها، لان الضحية فيها هو العامل الاساس في نجاح او فشل مجمل المشروع الوطني والديمقراطي، للخروج ببلدنا من محنته المقيمة، ومعالجة معضلاته المتفاقمة، وإعادة بنائه على اسس المواطنة والديمقراطية واحترام القانون وضمان العدالة الاجتماعية.
ولا ريب في ان المعالجة الناجعة والنهائية لهذه الازمة غير ممكنة، الا في اطار حل مجموع الازمات المتشابكة، التي تثقل كاهل بلادنا وتكبح كل محاولة تقدم حاسم الى الامام. الا ان من الممكن والضروري الاقدام على خطوات اصلاحية في الميدان الذي نحن في صدده، تعيد الاعتبار الى الثقافة - كجزء اساسي من حياة الانسان، وكشرط واداة لبناء شخصيته وتشكيل سماته الايجابية، ليتمكن من النهوض بدوره الذي لا معوض عنه، في اقامة عراق جديد، عصري ومتقدم ومرفه.
ومن هذه الخطوات ما قد يصعب الاقدام عليه في الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد، مثل اعمار البنى التحتية للثقافة، واطلاق عملية تنمية ثقافية واسعة في البلاد. الا ان من الضروري مباشرة نقاش حولها منذ الآن، والتوافق على اعتمادها ومن ثم تنفيذها حالما يتغير الحال وتزول اسباب العجز الراهن.
ومن بين تلك الخطوات ايضا وضع استراتيجية ثقافية واضحة ومدروسة جيدا، تقوم على فهم عميق لدور الثقافة في بناء الانسان وترقيته، وإدراك لموقعها المؤثر في حياة المجتمع باسره وفي تقدمه وازدهاره.
وهناك اجراءات اخرى يمكن اقتراحها على هذا الصعيد. واسمحوا لي هنا، وانا اكاد اختتم مداخلتي هذه، ان اقتبس مما يرد بشأنها في برنامج حزبنا – الشيوعي العراقي، في جزئه الخاص بالثقافة، والذي يشير الى ضرورة:
• اعتماد مشروع ثقافي وطني، انساني النزعة، وديمقراطي المحتوى، يكون حاضنة لكل التيارات الداعية الى بلورة هوية وطنية منفتحة متجددة، تحترم التعددية الثقافية والفكرية، وتتفاعل مع سائر روافد الفكر العالمي وتياراته.
• تحرير الثقافة من قيود الفكر الواحد والرأي الواحد، ومن الجمود والانغلاق وكل سمات الفكر الشمولي، وضمان عدم تسييس المؤسسات الثقافية للدولة أو تسخيرها لمصالح حزبية أو مذهبية، ورفض تهميش المثقفين والمبدعين، واحترام استقلاليتهم، ورعايتهم وتكريمهم والاحتفاء بانجازاتهم.
• السعي إلى تكريس الرؤية السليمة الى الثقافة باعتبارها وسيلة لارتقاء الانسان روحياً، وشرطاً لأنسنة المجتمع وتحقيق نهضته .
• التزام الدولة بدعم العملية الثقافية وإدارتها بالتعاون والتنسيق مع الوسط الثقافي ومنظماته غير الحكومية، وتمويل النشاط والانتاج الثقافيين مع احترام استقلاليتهما وتأمين ما يتطلبه ذلك من مرافق حديثة في المحافظات كافة: مكتبات بكل أنواعها ومتاحف ومسارح ودور سينما وقاعات عرض وغيرها.
• حماية الموروث الثقافي المادي - من آثار ومبانٍ تراثية ومعالم تاريخية ومخطوطات ومطبوعات وغيرها - كذلك الموروث الشفاهي، والحفاظ عليه .
• تبنّي الدولة سياسات ثقافية تهدف الى تشجيع الفكر والابداع، والى تأمين تفتحهما وانتشارهما، وبناء المؤسسات الضرورية لتحقيق ذلك، وتُعنى برعاية الثقافة والفنون وتأمين متطلبات تطورها المستديم .
• إصدار تشريعات تكفل حرية الفكر والتعبير والابداع والنشر، وتحمي حقوق الملكية، وتمكـّن المنظمات الثقافية، غير الحكومية، من ممارسة دور مؤثر في الحياة الثقافية .
• تفعيل دور المثقفين والمبدعين والنخب الثقافية على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية والسياسية، في رسم واعتماد التوجهات والخيارات الوطنية في شتى مجالات حياة المجتمع، وبلورة الرؤى وإنتاج الأفكار والتصورات، لإثراء الحوار والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل .
• إدامة الوشائج العميقة بالمثقفين العراقيين (علماء وفنانين وأدباء وأكاديميين) في المهجر، وحفز تواصلهم مع الوطن، وتشجيعهم على العودة إليه، وتيسيرها .
• تبنّي الدولة تخصيص نسبة لا تقل عن (1) في المائة من الدخل الوطني سنوياً لدعم الثقافة، وتشجيع التنوير والتحديث الثقافيين، ولحماية وحفظ الموروث الثقافي .
ضرورة الثقافة لبناء الانسان
ان ظاهرة تغييب العامل الثقافي في تكوين الانسان وبنائه، ليست ابنة اليوم عندنا، ولا ابنة السنوات الاخيرة وحدها. بل هي تعود الى عقود عديدة سابقة، لا سيما في ظل تسلط الطغم الدكتاتورية، التي تناصب الثقافة والمعرفة العداء، بسبب ما تفضيان اليه من ارتقاء بوعي الناس وادراكهم، وخوفها من ذلك على مصالحها غير المشروعة، وعلى تسلطها ومستقبل نظمها الممقوتة.
ولقد كانت حصيلة ذلك دائما حرمان الناشئة من النسغ الثقافي، والحيلولة دون صيرورتهم كائنات ثقافية، تستخدم عقلها في التفكير والبناء وقيادة المجتمع الى الامام.
لكن المفارقة هي ان هذه الظاهرة تفاقمت في وقتنا الراهن، وبصورة مقلقة حقا. ونحن اليوم شهود جهود دائبة، للعودة باجيالنا الجديدة الى الازمنة السحيقة السالفة، من حيثُ خرج اجدادنا بشق الانفس، وهي جهود تتواصل امام ابصارنا وتتصاعد.
وليس لنا، وليس من حقنا، ان نلزم ازاءها الصمت.
ــــــــــــــــــــــ
* القيت في ندوة "بناء الانسان في عالم متغير - العراق حالة نقاشية" التي اقامها مركز الرتوة للدراسات والاستشارات يوم 5 / 11 /2016 في بغداد.