ادب وفن

خليلي .. ذو الوزارتين / ابراهيم الخياط

جادك الغيث اذا همى
يا زمان الوصل في الاندلس
لم يكن وصلك الا حلما
في الكرى او خلسة المختلس
وما إتياني بهذين البيتين إلا لغرض الإحالة، أن أحيلكم ونفسي إلى قائلها، لسان الدين الخطيب، الذي عرف بذي الوزارتين.
واليوم أتحدث عن علي الفواز وهو ذو الوزارتين: الشعر والنقد، اذ قلّما مالَ النقاد إلى جنس إبداعي آخر غير النقد وما هم بمخطئين، ولكن الفواز قال وأجاد وفاز.
وهنا أقول وأشدد أن الإجادة لوحدها لا تخلق مبدعا ما لم تتلألأ الإجادة بموقف نقدي أخلاقي من الأدب والناس والحياة والى الأدب والناس والحياة.
والموقف هنا موقفان، أولهما الاصطفاف مع أحلام الأنام وحمل آمالهم وآلامهم والتغني بها، وثانيهما هو نوع التصدي للكتابة، وفي النقد بخاصة، فالتشهير والتسقيط والحطّ ليس من غايات الكتابة بل الغاية في التقييم والتقويم والارتقاء بالذائقة الاجتماعية.
وهذا الجميل الجيد الحسن هو ثوب الفواز، وأضيف أننا كثيرا ما نقرأ لكاتب ونعجب بما يكتب وقد نتبناه وما أن نلتقيه حتى نكفر بالساعة السوداء التي وقعت أعيننا أولَ مرة على اسمه، فيما الفواز تزيد من إعجابك اعجاباتٍ بعد ان تلتقيه غبّ قراءات ماضية.
إنه المثقف المستقل، وأعني غير "الثارد" مع الحكومة أو مع الحكومات، انه المثقف النقدي وأعني صاحب الموقف الجمالي والمصدّع لحائط التلميع والرافض للوقوف على "التل" المزدحم بالأشباه، انه المثقف العضوي وأعني النازل الى معمعات المهرجانات الأليفة والنقابيات الصادقة والساحات الضاجة لأنه لا يملك برجا ناهيك عن العاج، فنراه مؤسسا وخائضا في لجّة المهرجانات، ونراه صار ويستحق، من القيادات التاريخية لاتحاد الأدباء، ونراه مدنيا تنويريا، منيرا بكل قزحه وبكل فصاحة.
علي الفواز، بعد ذلك أو قبل ذلك، هو أحد أمهر مصممي المشهد الثقافي العراقي الحالي، فلا يمكن لذي عقل من صاحب قرار أو حزب أو جريدة أو منظمة أن يفكر بمشروع ثقافي دون أن يستعين او يتشاور مع ثلاثة مثقفين على الأقل، وحتما تصيب الخيبة والإخفاق من لا يختار الفواز أحد هؤلاء الثلاثة، فما بالك إذا استعان بأكثر من ثلاثة.
علي الفواز قد تختلف معه لكنك لا يمكن إلا ان تتواصل معه لأنه رمز للحوار العراقي او قل هو رمز عراقي للحوار.
علي الفواز، مبدع كبير لأنه إنسان كبير، ولم أستسهل مفردة "كبير" أو أجازف بها، فأنا أعني ما أقول.... والفواز، أستاذ بحقّ وصديق أثير ورفيق درب شائك مفضّ..
إنه خليلي في وقت بحّ صوتي وأنا أقول وأردد:
أخاللُ من؟
أخاللُ من؟