ادب وفن

الحافظ.. شاعر الحزب والأصالة / ماجد كاظم علي

ما من شاعر شعبي عراقي كتب وغنى وأنشد للحزب الشيوعي العراقي.. واِلتزم الصدق والأصالة والمبادئ الخيرة طوال أربعـــة عقود ونيف مثل الشاعـــر الكبير المبدع بمفرداته وخياراته ورؤيته حسين جهيد الحافظ.
حسين جهيد الحافظ أحــــد الشعراء الشعبيين الرواد في الناصرية, بدأ الكتابة مند أكثر من أربعة عقود، والآن وهو يتكئ على وسادة الثالثة والستين من عمره ترى مادا يقول في حزب الشعب العراقي الأصيل – الحزب الشيوعـــي
العراقي - حزب العمال والفلاحين والكسبة، فهو لم يأخذ شهرته الكاملة التي يستحقها بصـــدق لأنه ليس بشاعــــر منصة ويرجع ذلك لأسباب عديدة.. رغم أنه نشر العديد.. العديد للوطن والناس والحزب الشيوعي العراقي حزبه الذي تمسك به حتى في أقسى الظروف وكم من شعراء مبدعين لم يأخذوا نصيبهم في الحياة رغـــــم إنهم متفوقون على الكثير من الأسماء التي تمتلئ بها الصحف والإذاعــات والفضائيات فمع التزامه الرائع بعشــق الحزب وعمله الكبير بحيث يعادل عمل عشرات الشباب المنضويـن في بيتنا الطيب الكبير الحزب الشيوعي العراقي هو خلية نحل (لا تكل ولا تمل) كما يقــول القول المأثور، وكأن ثقل السنين لم يوهن عزيمته
المتصاعدة مثل سارية علم الحزب والتي تعانق الفضاء وهي تخفق في القلوب المؤمنة بالعدالــة والشرف والأصالة والكبرياء وصدق المبادئ انه يتحرك على مساحـــة مدينته الناصرية التي أحبها كما أحب الحزب ولد فيها وقـــد كتب فيها العديد من القصائد الرائعة التي خلدتها ووضعتها في موضعها الذي تستحقه،رغم كل السهام التي صوبت اليها في زمن الأوغاد وصنمهم المقبور صدام حسين الذي دمر كل طيب وأصيل وأحل محــله القتل والاعتقال والمرض والدجل والكذب..
لقد نشر الشاعر الأصيل حسين جهيد الحافظ الكثير من قصائده في الصحف والمجلات العراقية وأهمها طريــــق الشعب والشرارة كذلك الدستور والمنارة ومجلة البيرق وقبلها جريدة الناصــــــــرية والاتحاد و14 تموز وغيرها بحيث إن بعض قصـــــــائده تصدرت الصفحة الأولى كما في قصيدة (صفر طاس أبو اِدعير) في جريدة 14 تموز أو الصفحة الأخيرة كما في قصيدتي (شموع – بيريــــة حسن سريع والثورة) في جريدة طريــــــــق الشعب وذلك لأهميتها وعمقها وروعتها وأصالتها، فمـــــن خلال انتقائه المفردة الساحرة يأخذنا معه في دروب قصية وساحات واســــــــعة ومزارع شاسعة وغابات بكر لم يطأها قدم إنسان من قبل – انه يـــــؤكد لنا وبالتزام كبير قـــــــوة مفردته واختيارها الدقيق، فنحن حين نقرأ له قصيدته الكبيرة وهو يخاطب القائد التاريخي الرمـــــز الشهيد الأول مؤسس الحزب الشيــــــوعي العراقي يوسف سلمان يوسف – فهد – نقف بكبرياء و قوة أمام التحديات وأمام الفعل البطولي لهذا الرجل الخالد
فهد بويه... برعمك ذاك الشتلته
اِبفيّ حديقتنه الزغيره
خضرن ورداته غيره
اِتفوح هيل... اِتفوح ياس
وطگت اِويه الياس ناس
رسمت أفكارك درب
وصرنه محبوب ومحب
((أقوى اِمن الموت
وأعلى اِمن المشانق))
فهد بويه
برعمك ذاك الشتلته
فتحن ورداته جوري
اِتباهه اِبعطره العراق
طيف بعيون الرفاق
اِشما تزيد الظلمه يتلالن شهب
صار للوادم درب (1)
وأي شيء نختاره ونحن نجول في حديقة الحافظ المملوءة بمختلف الأشجار والثمار التي تعطر مائدة الفقراء، فصعب أن تختار لأن هنالك العشرات مــــن القصائد الرائعة التي تدق في
أعماقنا كما أجراس أيام الآحاد في كنيسة كبيرة اِسمها العراق
حزبنه اِمن الشهاده اِتخذ قبله
وعلى خد الزمان اِنرسم قبله
تباهه الموت بيه وچان قبله
ذليل اِيلوذ بكتار المنيه
ذليل اِيلوذ مو ونسه ولعب
والموت بسم الحزب
أصبح شهادة وفه
وأصبح خريطة درب
شالت اِهموم السنين (2)
حسين جهيد راية خفاقة تخفق في مدينة الناصرية التي التصق فيها أول منشور شيوعي على جدرانها.. والحافظ على الدرب يمشي بذلك الإصرار الذي يحمله الشيوعيون في أعماقهم من أجل الشعب والوطن من أجل الصدق والعدالة والسلام.. لنسمعه وهو يرثي الشهيد – سعدون – البطل المبدئي الذي سقط مضرجاً بدمائه بيد أعداء الشعب
بس عي الرثاء وماگدر يرثيك
لأن هيهات مو ميت..عدل يدريك
هذا انته النخل يتلاوه وي الريح
ويتباهه الوكت حگه ويزامط بيك
يا زهو الجبل يا شيمة العگيد
شأوصف والوصف ما يگدر اِيجاريك
چلمات الوصف واشما تريد اِتصير
أحس بيهه زغيره وما تكفي اِعليك (3)
ان الحق لا يمكن أن يضيع ومهما مرت عليه من سنين.. وحزبنا الخالد الذي وجهوا له آلاف الطعنات لا يمكن أن يموت لأنه حزب أصيل يمثل كل أطياف الشعب العراقي بطيبته وأخلاقياته ومبادئه وإصراره على الاستشهاد والعمل في صفوف الجماهير.. وقد أثبتت الأيام أن الحزب الشيوعي العراقي وكما قال الرفيق الخالد فهد (أقوى من الموت) لأنه بعد سبعة عقود ونيف منذ اللبنات الأولى لتأسيسه والسهام مصوبة نحوه بدناءة وحقد كبيرين وظل يكبر ويكبر الى أن صار بحجم خارطة العراق.. فمن يريد أن يقتل العراق عليه أن يقتل الحزب أولاً..
وانته اِبمنجزاتك من يعد يعجز
چثيرات وأصيله اِشحده العدد
يبدن من فهد من حازم وصارم
من ستّار ومحمد
من قصر النهايه النگرة السلمان
لاِضراب السكك والصولة الأحرار
والمشهد
طويل ومخرجه انته
يلگلبك زلال الماي وأكثر
مو گلب أسود
الوثبه وقطار الموت الك يشهد
حمد وصويحب وسعدون
جمال الحيدري وعادل
فريال ونجيه
وسحر وأم أسعد
طويله القائمه ودم الشهيد اِشعاع (4)
عرفت الشاعر حسين جهيد الحافظ خمسة عقود ونيف فهو صديق طفولة وزميل ورفيق وجار.. ولم نفترق طوال هذه المدة الزمنية الطويلة.. كنت أطلع على كل قصيدة يكتبها حتى في أيام الجحيم التي عشناها.. إلا في الأيام التي أبعدتني عنه الجدران في سجون ومعتقلات الأوباش.
كنت الأول الذي يستمع إلى قصائده وومضاته وهمساته وأبوذياته وقصة حياته التي وهبها لحزب المناضلين و الفقراء و الكادحين بإخلاص نادر قل مثيله.. وفي امتزاج لا ينفصم حتى كأن الحزب مفصل على مقاسه، فهو من المدافعين عنه.. الحاملين لمبادئه.. المتصدين لأعدائه.
أن الشاعر وهو يطبع أقدامه في الأماكن التي عاش فيها الشهيد الرفيق الخالد فهد فانه يستذكر تلك المسيرة المعطرة بالأصالة والنضال والتي لم تهن وهي في السجون وعلى أعواد المشانق.. انه يلامس الجدران التي ألصق عليها الرفيق الخالد أولى منشوراته وهو ينبئ عن مسيرة الشرف والعطاء والأصالة يفجر نبعاً عراقياً خالداً ليكون نهراً ثالثاً في العراق يسقي الأرض الطيبة ويبعد العطش عن أعماق الناس البسطاء – يمدهم برواء العمر – يقدم الطعام على مائدة الجياع مع الشاي المهيل خمر الكادحين بعد تعب وعناء ساعات النهار.. والحر الذي لا يرحم – انه يحلم بعراق قوي أصيل متقدم لا مكان فيه لجائع أو معتقل أو مهان أو متألم. وما أكثر الجياع والمعتقلين والمهانين والمتألمين في عراق الخير. انه يتواصل مع الحزب وشهدائه وتضحياته في الكثير من المواقف النضالية التي خلدت ضمير العراقيين والشرفاء في العالم
وحده... وسجّان... وسجن
ووحشة الزنزانه واِهمومه قصيده
وجدحة اِعيونه رساله
اِنكتبت بأجمل جريده
شوگ زاهد للشهاده
أسرار وأسرار ومصير
رسمت اِهلالين للعيد الچبير
طبعه عالم... رايه وتاج...وأمير
وضحك طفله... وعيد واِجفون وحلم
طگ شذه القدّاح بأحضانه اِو تسده
*****
من فهد..... عنده أمانه
نامت اِبوسط الضمير
رسمت اِهلالين للعيد الچبير
جدحة اِعيونه رساله
اِتخطت أسوار السجن
وصلت الشارع مطارق (5)
لم يترك شاعرنا واردة وشاردة.. لم يسطرها قصيدة تؤرخ للحزب ونضاله الكبير ومسيرته الخالدة. لم يترك حدثاً أو شهادة إنسان مناضل في مدينته والعراق والإنسانية جمعاء لم يشكل منها باقة ورد معطرة.. يهديها إلى كل من صم أذنيه عن سماع الحقيقة ووضع يديه على عينيه عن رؤية طريق الحق
من هويتك عاتبوني
وگاموا اِيلومون بي الماكو غيره
وگالوا اِشحبيت منه وهذا حيره
هذا طارش من بعيد
گلت أحبه وشوفته لعيوني عيد
آنه منه وهو مني
ومو بعيد...مو بعيد
هذا اِبن ذيچ الصريفه
اللامه اِهموم الفقير
هذا اِبن ذيچ الثنيه
الطيبه.... وذاك الحصير
هذا ابن ذوك النشامه
العاشوا اِبگرصة اٍشعير
خطوا اِبدمّهم مسار
وللخلك رسموا منار
هذا اِبن تمّوز واِكتوبر
....... واِبن آذار
شيمة الگالوا فكر ةأبدان اِحنه
ومن تموت أبدانّه تبقه الأفكار
أنطوا الدنيه درس تتباهه بيه
وخطّوا اِبسوح المجد أعظم شعار
(حر وطنّه
وللشعب
عيشه سعيده)
أحرار كلنه وما نود غير الأحرار(6)
ان الألم كبير والحزن أعمق ونحن نرى أشباه الرجال ينعقون في كل واد ويسرقون حق الشعب ويصادرون سعادته..
لا تتحير
شتريد اِتصير انته اِتخير
بس كون اِتورق للمله
.... واِسمع شرطي
عشر أوراق اِتصبح ضابط
.... خمس أوراق اِيلبسك شرطي
والفرّاش...؟
اِبورقه ونص ورقه ولازم تنطي
وخسران اِبشرعه الماينطي
والما يملك يا مولانه ؟
مو مشكلتي (7)
ومهما ظن الآخرون أن مسيرة الحزب في تراجع وانه اِنتكس وخسر الكثير من المواقع فهم واهمون والعكس هو الصحيح فهاهو الحزب وطوال عهوده المضيئة وفي كل يوم يثبت إرادته وسعيه الكبير إلى تحقيق آمال وأفراح الشعب في الحياة الحرة الكريمة المعطرة بأريج الحب بعيداً عن السرقة والاستغلال والصورية وهو يقف بشرف إن (لا شيوعي واحد ومهما كان صغيراً أو كبيراً أتهم بسرقة أو رشوة أو اِنتهاك حقوق الآخرين) وما أكثرها انتهاكات حقوق الناس في بلادي الحزينة.
إن الحزب الشيوعي العراقي شرف العراق وبيته الطيب الكبير والمنار والمرفأ والحضن الدافئ لكل الشرفاء من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لا فرق فيه بين مسلم ومسيحي، بين صابئي مندائي وأيزيدي، بين عربي وكردي فالكل سواء راية ملونة من رايات الحزب وما أكثرها في عراق الصابرين. إن شاعرنا الحافظ لا ينسى جريدتنا الشماء (طريق الشعب) صوت الشعب العراقي ولسان حزبنا الخالد، فهو يهديها هذه الكلمات المعطرة..
طبعة اِحروفچ گاع
بس يا گاع من جنة عدن
شالت اعيون الرفاق اِعيون ذيب
واِختصر بيهه الزمن
والنقاط اِنجوم يتلالن حنين
.. وبالوفه يتسابگن
رسمت اِسوالف أهلنه
لوحه بيكاسو رمزهه
ليل واِنجوم وگمر
ساحة التحرير بيهه
وشارع العشرين وي وادي حجر
والرميثه بيهه وفايق حسن
اِگلادة ألماز وعروس
لظمت ادموع اليتامه
اِخيوطهه اِبلون النهار
اِتنگط أفراح وشجن (8)
ان من الصعوبة أن نفصل بين قصيدة وقصيدة من قصائد شاعرنا الحافظ فهنالك العديد من القصائد التي تغني للحزب وتشيد بمبادئه ومواقفه النضالية إضافة إلى القصائد الوطنية الوجدانية الغزلية لنا عودة إليها.
المصادر
1- قصيدة برعم فهد – مجموعة ترانيم على أوتار المحبة ص 68
2- قصيدة الحزب والشهادة – المجموعة الكاملة ص 153
3- قصيدة في رثاء وضاح – جريدة طريق الشعب- العدد 75 لسنة 71 الخميس 17/11/2005
4- قصيدة المنجز المجموعة الكاملة ص 69