ادب وفن

مساهمات حول ورقة الأصلاح الثقافي

توطئة
حول ورقة "الاصلاح الثقافي"
عقدت لجنة العمل الثقافي التابعة للحزب الشيوعي العراقي جلسة حوارية لمناقشة "ورقة الاصلاح الثقافي" على قاعة جمعية الثقافة للجميع مساء الرابع من ايار الحالي. وجرى خلال الجلسة التي حضرها جمع غفير من الأدباء والكتاب والأكاديميين والمثقفين وشخصيات عديدة أخرى مناقشة بنود الورقة وفصولها، وقرئت مساهمات ومداخلات كثيرة أسهمت في اغناء خطاب الورقة النقدية ومعالجاتها ومقترحاتها، كما قُدمت مساهمات وملاحظات أخرى الى اللجنة المشرفة لم تتسن قراءتها خلال الجلسة.
وكانت ورقة الاصلاح الثقافي قد حظيت في الأسابيع الماضية بالتداول والنقاش من قبل أدباء ومثقفي محافظات عراقية عديدة لغرض التدقيق والمناقشة، ومن المؤمل استمرار عقد الجلسات الحوارية في محافظات عراقية أخرى.
**********
أسردُ وطنا حتى لا أموت / عبدالكريم العبيدي
كلما خضتُّ في محنة الثقافةِ والمثقفين، أتذكر "نظّارة اينشتاين" التي لم يجدها لحظةِ وصولِ عامل المطعم، فاضطر العالمُ الكبير الى الطلبِ من العامل قراءة قائمة الطعام عوضا عنه ليختار طعامِه، لكنَّ العامل اعتذر قائلا: إنني آسف يا سيدي، فأنا أميٌّ جاهلٌ مثلك لا أقرأ ولا أكتب!
دعوني أصف النداء الذي أطلقه المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي بنداء ثقافي خصَّ به المثقفين العراقيين من علماء وأدباء وكتّاب وفنانين وصحفيين وأكاديميين. وهذا اللجوء الثقافي يعني تسليم الأَزَمَة الثقافية الى أهلها، كسلطةٍ لها ما لها وعليها ما عليها، داخل نُظُم الدولة المدنية العامة.
تطلَّع النداءُ الى إقامةِ مشروعٍ ثقافيٍ وطني، وصفه بإنساني النزعة، وديمقراطي المحتوى، ليكون حاضنة لكلِ التياراتِ الداعيةِ الى بلورةِ هويةٍ وطنيةٍ منفتحةٍ ومتجددة، تحترم التعددية الثقافية والفكرية.
الملاحظ أن النداءَ صِيغ كمدخلٍ الى الورقة التي تسعى هذه الجَلَسَة الى قراءتها ونقدها، واغناءِ مسعى خطابِها، ما يعني أننا ازاء تفاعل جمعي مع فحوى الورقة أولاً، ومع مِنحةٍ حرةٍ تفاعليةٍ من خارج متن الورقة، ستستند على ما دعت اليه الورقة ذاتها ووصفته بضمانِ حريةِ التعبيرْ، وهو داعم أساسي استقلالي لا مهرب منه.
نبحثُ اليومَ في أخطر مِنطقةٍ تنويريةٍ بنائيةٍ فاعلة، يُراد لها أن تغدو عجينةً رخوة، غير قادرة على صياغةِ أسئلتِها وتفعيلِ مُؤثراتِها في تخليقِ الحياةِ العامة، باعتبارِها معرفة وتبصرا ومنهجا سلوكيا واستمرارية وتراكما وتأهيلا، ناهيك عن كونها مركبا عاما يشتمل على الآداب ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻘوانين، ولا يمكن فصل نهضتها بمعزلٍ عن النهضةِ الأخلاقيةِ والاجتماعيةِ والعسكريةِ والتنميةِ البشريّة.
نحن ازاء مفهوم محوري معقد اذن، له ما يقرب من مائتي تعريف، وقد تحرر من التداول الفردي، إلى البُعد الجماعي، في سعيه الى تحقيق التكيف والتفاعل، وتحقيق التجانس والوحدة الثقافية والتهذيب المجتمعي، من خلال تهيئة الفرد وتكييفه مع أنساق ونُظم المجتمع القيمية والجمالية والأخلاقية والسلوكية والرؤيوية.
من هنا تأتي اجتماعية الثقافة وعموميتها، التي غدت بحق، مَهَمَّةً وطنيةً وأخلاقيةً، باحثة وصانعة ومؤثرة.
نتحاور اليوم حول ورقة جُنَّست بعنونة الاصلاح الثقافي، وترى في جوهره، اتخاذ اجراءات للتغيير نحو الأفضل. رغم أن الاصلاح كما تراه الورقة يختلف عن التغيير الجذري وهو، في جانبٍ منه، مفهومٌ فكري، مرتبط بطائفة من الاجراءات ضد التخلف والفساد والظلم. ثم يعود خطاب الورقة ويبرر الاصلاح، بوصفه قضية مجتمعية في ظلِ وجودِ قوى اجتماعية تسعى الى تغيير الوضع القائم بصورة سلمية، في سياق برنامج شامل وخارطة طريق وآليات عملية.
من الأنسب أن نتفق، بعيداً عن الخلط، حول سعي الورقة أولاً، هل ترمي الى الاصلاح أم الى التغيير؟ فالإصلاح، كما هو معروف يرمي الى الرضا والتوافق بوجود الأطراف جميعا بما فيها رؤية النظام المستخِفَّة بالثقافة والمثقفين أصلا، أي أنه يحفظ للكل خطاباته بما فيها الخطاب غير الراغب بالإصلاح، بينما التغيير يقفز في مستوياته التفاعلية الى طور الاكراه والإجبار، وهو ما لا ترتضيه السلطة حرصا منها على الاحتفاظ بموقعها ومكاسبها، بعيداً عن العقل الثقافي، وخطورة خطابه المعارض والمشاكس لظلامية خطابها.
هنا تبدو جملة "اتخاذ اجراءات للتغيير نحو الأفضل"، من داخل غطاء الاصلاح واهنة، لا يشفع لها تعريف الاصلاح كقضية مجتمعية تتبناها قوى اجتماعية تسعى الى تغيير الوضع القائم بصورة سلمية، بل أن هذا الخلط الواضح لا يواري نية التغيير الذي عمد خطابُ الورقة الى تخفيفه فوقع في اشكالية ينبغي دراستها وتفاديها، ذلك لأن الاصلاح حتى بوصفه إصلاحا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا يقتضي الإقرار بمبادئ وتشريعات تشرعن لمؤثرات فاعلة متحررة من ممارسة القسر والإقصاء والعنف، وهو ما لن نجده في خطاب أحزاب السلطة، بل هو خارج ثوابتها وسعيها الى الاحتفاظ بمواقعها ونفوذها بغياب العقل الثقافي.
اننا ازاء مَهَمة وطنية ضرورية، أحدُ أهم شروط تحقيق نهضتها هو السعي الى تجديد النظر إلى مسألة التراث وفصل الدين عن الدولة وبناء دولة مدنية مؤسساتية علمانية تُقاس بحجمِ ثقافتها ومثقفيها، وبقانون الحركة في العَلاقة بين الثقافةِ والمجتمع، وتقويمِ ودعمِ الحياةِ الاجتماعيّةِ والاقتصاديةِ، وصنع الفرد الملائم للتطور داخل مجتمعٍ مهيَّئٍ له، بوجود برامج ثقافية وتربوية وأخلاقية وعلمية ومنهجية واجتماعية وسلوكية، في مُمْكنات الحراك المجتمعي المتعددة، فهل سنجدُ رائحةً من كلِ هذا في عقلِ السُلطةِ وفي طروحاتها؟
ان أيَّة محاولةٍ للتغييرِ الثقافي، وردم سكونية مشاريع التنمية الثقافية، بعيدا عن اشراك السلطة أو من يمثِلُها في الحوار، وعدم تبني وسائل ضاغطة لتنفيذ خُلاصة ما نتوصل اليه ستغدو غير مجدية ولا تمثل طموحَنا، نحن المثقفين المهمشين المحاربين الموصوفين بشتى النعوتِ المرعوبةِ منّا ومن تطلعاتِنا وأقلامِنا ومنجزِنا، ومن فاعليةِ عقولِنا المتنورةِ المتحررةِ الحداثويةِ والمشاكسةْ.
في التاسع من نيسان عام 2003 حصل مشروع غزوٍ خارجي معني بمصالح الدولة الغازية وشركائها، ومن المحال أن يُدرج خارج هذا السياق، بل هو مؤثر تخريب وهدم، أكمل بسخاء صفحة الدكتاتورية البغيضة، المكتظة بكل صنوف الخراب والهدم والضياع، واذا كان المثقف المبدع في "الفترة المظلمة الأولى"، قد تمَّت تصفيته أو قُذف به في أقبية الأمن أو انتهى به الحال في المقابر الجماعية أو شُرد أو أضطهد أو هاجر أو رُمي في محارق الحروب أو جُرِّد من حريته أو تحول الى بوقٍ للنظام، فان ما حصل له في ظل المشروع الأمريكي الاجرامي الفاسد وما تلاه من صعود الأحزاب المتنفذة قد فاق صفحات الرعب الأولى، وبات المثقف الحلقةَ الأضعف والأكثرَ بؤسا وتهميشا بين أطلال بِنيةٍ تحتيةٍ مهدَّمةٍ، وخطابٍ إسلاموي مناهض، جرَّده من أبسطِ حقوقه الثقافيةِ والابداعيةِ، وتركه في مهب الريح، مع شرائح عديدة، توهمت بحلم التغيير، فأمست تحت خط البؤس والضياع، بينما وصل المشروع الثقافي الذي ما زلنا نحلم به، ونتمسك بتلابيبه الى أخطرَ طورٍ سكونيٍ ارتداديٍ مُخيف.
الأحرى بنا أن نجاهرَ بضرورة تحرر عقل النخب السياسية الحاكمة الجمعي من رواسبه التراثية الماضوية الجامدة، واجبار الدولة على المساهمة الفاعلة في انعاش القطاع الثقافي، وتفعيل دورها في اعادة الاعتبار الى الثقافة والمثقفين ودورهم الحيوي، وإعادة إعمار البنى التحتية لفضائهم، وتأمين شروط نهوض ثقافي فاعل، وضمان حرية التعبير، وتخصيص الأموال اللازمة لعملية النهوض الثقافي بكل اشتراطاتها وأدواتها، وادماج الثقافة كعنصر استراتيجي في السياسات الانمائية، والسعي الى تغيير المناهج الدراسية والجامعية وتفعيل القطاع التربوي، ومنح الأولوية للمثقف المبدع باعتباره عملة وطنية نادرة تتباهى بها الشعوب والأمم المتحضرة.
ان تأهيل عقل الدولة للقيام بهذه المهام يتطلب اعادة النظر في وزارة الثقافة باعتبارها الحاضنة الشرعية للثقافة والمثقفين ومشروعهم، وأرى أن فصل هذه الوزارة عن نظام المحاصصة والتوافق هو الخطوة الأولى، في طريق بناء تجربة ثقافية مميزة تتبنى اخضاع ترشيح وزيرها وانتخابه من داخل مؤسساتها، ومن داخل الاتحادات والنقابات والمنتديات والتجمعات وكل المنابر والشرائح الثقافية ذات العَلاقة، ومنحها التخصيصات المالية المجزية للنهوض بمشروعٍ ثقافيٍ وطنيٍ مميز، فاذا تعذر ذلك، أجد من الأحرى والأصوب الغاء الوزارة وتأسيس هيئة عليا لرعاية الثقافة والآداب والفنون عوضا عنها، وتشريع قانون داخلي جديد لعملها ولصلاحياتها ولعمل الاتحادات المنضوية تحتها، وتنظيم صيغ الترشيح والانتخابات الخاصة بها وبالمؤسسات التابعة لها، بما يضمن عدم حصول السبات والكسل والترهل، واعادة الوجوه ذاتها ، و الفساد ذاته والمحاصصة الخفية والأخوانيات والشِلل، داخل الاتحادات الممثلة لها، حتى يحصل المثقفُ العراقي على مرجعيةٍ ثقافيةٍ وطنيةٍ حقيقيةٍ راعية وله، تتكفل بحمايته واعانته والاهتمام الجاد بأدوات مشروعه، ودعمه بكل ما يَلْزَمْ.
***********
اشاعة ثقافة الاحباط ليست رسالة المثقف تحليل سيكولوجي / أ. د. قاسم حسين صالح *
افادتنا الالفية الثالثة باكتشاف معرفي خطير هو ان هنالك متلازمة بين التطرف والرذيلة بكل مسمياتها، واقبحها الفساد والنفاق والانانية الخبيثة. ومع ان منطق العقل والتفكير المنطقي قد تراجع على صعيد العالم لصالح الانفعالات والمشاعر، فان تراجعها في العراق تعدى حدود المعقول.. وأكثرها غرائبية ان المواطن ما عاد يعطي صوته في الانتخابات لأصحاب الكفاءات بل يهبه لطائفي متخلف وسارق نهّاب.. ولمرات!
ان التحليل السيكولوجي للمثقفين الذين يشيعون الأحباط بين العراقيين يمكن تصنيفهم الى ثلاثة:
الأول: صنف يتصف برهافة الحس، أوصلته قسوة المحنة الى الشعور بالاغتراب الاجتماعي.. أي حالة من الانفصال النفسي بين المثقف والمجتمع الذي ينتمي اليه. ومعروف عن هذا النوع من الاغتراب انه يوصل صاحبه الى انعدام الأمل ويجعله يعيش طقسا سيكولوجيا في مأتم يجمع بين جلد الذات والنقمة على الناس.
الثاني: صنف وصل الى قناعة بأن مواصلة مشوار التغيير لا تجدي نفعا، وانه معذور.. يكفيه ما خسره نفسيا وماديا في عشر سنوات، وان الرهان على الشعب قضية خاسرة. وبما ان من في السلطة باق رغم الشعب.. وان الحاكم محتاج للمثقف.. فان عليه ان يغير السكة ليعيش.
الثالث: صنف وصل الى قناعة بأن من اوصل الفاسدين الى الحكم هو الشعب، وانه سيعيد انتخاب نفس الوجوه أو أخرى هي "كوبي بيست".. وان شعبا بهذا التدين الغبي والتطرف المذهبي سيبقى ينتخب لصا ارتدى جلباب الدين ولن يسمع صوت المثقف حتى لو دعاه الى انتخاب بروفيسور في الاقتصاد الدولي.
ان المثقف الحقيقي ليس ذلك الذي يشيع الإحباط والناس في محنة، ولا الذي ينصب مآتم رثاء النفس وجلد الذات بتغريداته وأشعاره في طقوس عزاء ادمن عليها نفسيا، بل هو اشبه بالنبي.. يظهر حين تتردى الأخلاق ويشتد ظلم الناس مبشرا بالخلاص عن يقين، ولدينا من هؤلاء "الأنبياء" جمع كبير يتمتع بالجرأة والشجاعة بينهم من وضع كفنه على راحتي يديه متحديا فاسدين يمتلكون السلطة والثروة والقتلة،وان اصطفافكم معهم يقرّب ساعة الخلاص لشعب اوصله استفراد احزاب الاسلام السياسي بالسلطة والثروة الى ان يعيش بائسا مع انه يعيش في وطن يمتلك كل مقومات الرفاهية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
**********
مداخلة احمد جبار غرب
السادة الحضور الكرام
السلام عليكم
لقد جاءت الورقة ملبية للطموحات وحاجات المثقفين والثقافة عموما وملبية لرغبتنا في الاصلاح الثقافي وقد شخصت كثيرا من الامور بدقة متناهية في ما يخص البنى التحتية والاندماج المجتمعي وتكريس الفعاليات الثقافية لاجل التغيير المنشود الذين نتطلع اليه، لكن هناك بعض الامور التي ارتأيت ان ابينها إلى حضراتكم:
1- لم تتطرق الورقة رغم تميزها وحبكة صياغتها الى المثقف نفسه خالق هذا التطور والاصلاح من حيث الاهتمام به ورعايته وجعله انسانا حقيقياً يعيش بكرامة وعزة ونحن نرى كل يوم رحيل مثقف وآخر بسبب المرض او ما شابه. ارى ان تتضمن الورقة جانبا من الاهتمام والرعاية للمثقف للعيش بكرامة فيما اذا استطعنا تغيير الحرس القديم الذي اخفق في النهوض بل اشاع الخراب واليأس في نفوس الشعب ولا اعني هنا الشكل المادي فقط للاهتمام وانما جعله محط رعاية في الجانب الصحي واحتضان قدراته وتطويرها من خلال اطلاعه على مديات التطور العالمية.
2- كل ما جاء في الورقة وهو محط تقديرنا لا يمكن تحقيق أهدافه دون التغيير السياسي وخلع البطانة القديمة التي كرست مفاهيم جديدة على المجتمع العراقي ادت به الى حالة من الاحتراب والصراع وانهيار كل المنظومات الاجتماعية والاقتصادية وفي جانبنا الثقافي تعرض الى اسوأ حال كبنى تحتية، إذ لا توجد دار سينما واحدة في بغداد والمحافظات باستثناء المولات التجارية التي بنيت لاغراض تجارية وليست ثقافية في حين كان في العراق ما يقارب الـ 120 دار عرض سينمائي وافتقارنا إلى قاعات المسارح التي تمارس عليها مختلف الفعاليات الفنية والجماهيرية وكما اشارت اليه ورقتكم وشخصته وكما جاء في البند الثاني من الورقة.
3- وفي البند الثالث من ورقة الاصلاح وفيما يتعلق بالتخصيصات الحكومية للثقافة ارى ضرورة ان تعطي الثقافة نسبة 1في المائة من الموازنة السنوية للدولة ورغم ان الطموح اكبر لكننا نكتفي بهذا الرقم كبداية ومن ثم نرفع من قيمته لانجاز المشاريع الثقافية الكبرى والنهوض الثقافي في كل مجالات الثقافة التي تعاني القصور والاهمال في ظل حكومة تتنازعها الصراعات وعملية سياسية كسيحة بنيت على اسس عرجاء ولدت الكثير من الامراض المستعصية.
4- فيما يتعلق بوزارة الثقافة وفشلها في وضع الاستراتيجيات الشاملة للنهوض بالواقع الثقافي ارى من الانصاف عدم الاكتفاء بتسجيل نقاط الضعف ضد الوزارة ومؤسساتها رغم الكم الهائل من السلبيات التي ترافق عملها انما بحكم النظام التوافقي سيئ الصيت والذي يمنح الاشخاص متدني الكفاءة قيادة مواقع غير جديرين بها وبالتالي تتدهور العملية الثقافية اضافة الى ان محاربة الفساد في اي مرفق في وزارة الثقافة يحتاج الى جهد كثيف وهذا مرتبط بالاعين الرقابية التي بدت خاملة في الكشف والمراقبة والمتابعة وهذه كلها من مسؤوليات المفتش العام في الوزارة.
5- جاء في البند الخامس عدم تطرق الورقة إلى المؤسسات التعليمية والاكاديمية والبحثية من مدارس ومعاهد ومراكز وجامعات. في الواقع ان الثقافة تدخل في كل الميادين حتى في الجيش وهنا لا اريد ان اقحم المثقف والثقافة في امور قد تبدو بعيدة لكن حقيقة الامر ان الثقافة يجب ان تكون حاضرة في المدارس بكل مراحلها والكليات والجامعات وارى ضرورة ان تكون هناك مادة باسم "الاخلاق الثقافية" او الثقافة لرفع مستوى النظر لهذا المفهوم والمفاهيم الانسانية الاخرى كالحرية والعدالة وحقوق الانسان والديمقراطية تضعها كفاءات متخصصة واعتباره منهاجا تربويا كبيرا وهو ما نفتقر اليه حالياً.
6- وفي البند السادس فيما يتعلق بالثقافة هناك تغييب واضح للثقافة وعدم اهتمام بكل مرافقها وهذا واضح للعيان وللأسف ان المسؤولين عن هذه المحافظات هم من يسئ الى الثقافة باعتبارها مصدر وعي ونضج الشارع الذي يؤشر سلبيات المسؤولين واخفاقاتهم وانطلاقا من النظرة الثيوقراطية التي تهيمن على القرار السياسي والثقافي في المحافظات وان كانت هناك جهود ومبادرات ثقافية تأتي بقدرات فردية وذاتية وتطويع الممكنات لبث الروح في جسد الثقافة الذي اعتل واصبح عرضة للمرض في تلك المحافظات. وللمفارقة ان ما يصرف للمؤتمرات التي تخص النظام السياسي مبالغ خالية اضافة الى نخرها بفساد مستمر وكما حدث في مشروع النجف عاصمة للثقافة.
7- في البند السابع لم تشر الورقة الى البيوت الثقافية وهي تابعة لوزارة الثقافة والتي تقوم بنشاطات ممتازة ووفق الممكن الموجود فهي تنظم ثلاث فعاليات استضافة لمبدعين عراقيين في كل شهر وهذا يعزز ويكرس جمهرة الثقافة والقاء الضوء على مبدعين من كافة الاختصاصات وايضا تحتاج الى تطوير في القدرات الذاتية والثقافية لكي تستطيع ان تكون قاعدة ارتكاز مهمة وفاعلة في الوسط الثقافي.
8- في البند العاشر حول وسائل الاعلام لا تأشير هنا وارى ان الاعلام لعب دوراً كبيراً في التحفيز والتحريض الايجابي للثقافة ضد المسؤولين في مختلف الوسائل ومنها التواصل الاجتماعي التي ارى ان نعطيها اهتماماً خاصاً ونثقف من خلالها لما لها من تأثير خطير في الواقع الذي نعيشه وكما اكدتم في ورقة الاصلاح الثقافي وارى ضرورة ان يكون المسؤول الاعلى عن الثقافة من الكفاءات الثقافية المتميزة حتى يتناغم مع المثقف في معرفة احتياجاته ومتطلبات نجاح فعالياته الثقافية وان تعيين شخص بعيد عن الثقافة يعني تدهور هذا القطاع وانصهاره في بوتقة النظام السياسي العام ونحن نريد للثقافة الاستقلالية التامة دون اي تدخل سياسي كما اشرتم في ورقتكم الموقرة.
ولدي مقترح متواضع لتعميم الجماهيرية في الارياف من خلال مراكز متخصصة تأخذ على عاتقها تطوير قدرات الافراد ثقافياً وانتشالهم من واقع التخلف والنظرة القاصرة لمجمل امورنا العامة وهذا ما عملته مصر في السبعينات وقد لاقى صدى واسعا واهتماما بالغا انعكست نتائجه على الواقع المصري.
***********
كيف لنا ان نؤسس لثقافة حقيقية / رياض الغريب
وأنا أقرأ ورقة الاصلاح الثقافي تمثلت امامي سنوات من الحيرة تمتد منذ عام 2003 حتى الآن، ولا اريد ان اشير إلى ما قبلها بين مفهوم الثقافة ومنتجها وكما معلوم لدينا ان الثقافة نتاج في واحدة من تعريفاتها وهذا النتاج يحتاج الى مؤسسات رصينة وقوية قادرة على دعم ومساندة وتطوير هذا النتاج والسؤال الذي نطرحه اليوم: هل نحن فعلا لدينا مؤسسات حقيقية قادرة على فعل النتاج الثقافي بوصفه فعلا خادما وقادرا على المساهمة في التغيير الذي حصل في العراق؟ والجواب كلا، لاننا لا نملك البنى الحقيقية لمؤسسات فاعلة بسبب الاهمال وعدم وجود القوانين والتشريعات التي تضمن بناء مؤسسات كهذه، والسبب ان ثقافة التجهيل وتغيير التركيبة الاجتماعية للمجتمع والبحث عن وسائل للتصادم والانشقاق بين ابناء الوطن الواحد واهمال التربية والتعليم بشكل مقصود جعلنا نبحث عن مخارج كمهتمين بالشأن الثقافي لهذا ارى ان اي اصلاح للثقافة يجب ان يبدأ بقمة الهرم للسلطات التي تتحكم بالبلد ومؤسساته واعني هنا السلطة التشريعية والتنفيذية فهي قادرة على سن القوانين التي تنهض بالثقافة والمؤسسات المعنية بالثقافة متى ما آمنت بالثقافة.
من خلال عملي وتقديم البرامج الثقافية والتفاعلية في الاذاعة اكتشفت ان المواطن غير مهتم وغير معني بالثقافة ويعتبرها بطرا في ظل ما يعيشه من ظروف صعبة على المستوى المعاشي وتوفير لقمة العيش التي يجب ان تتوفر بدون عناء في بلد يعد واحدا من اكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط، لهذا اصبحت الثقافة عند الناس هما ثانويا لا يشكل قيمة عليا، لهذا علينا اولا ان نسعى جميعا ومن خلال الضغط وبشكل سلمي الى القضاء على الفساد الذي يستشري في جسد مؤسسات الدولة من خلال القائمين عليها ومن ثم السعي الجاد إلى اعادة ثقة المواطن بالمثقف والثقافة.
لهذا اقترح التالي:
1- التركيز على المؤسسة التربوية من خلال اعادة المكانة إلى المكتبة المدرسية وايضا درس التربية الفنية.
2- بناء مؤسسات ثقافية خارج منظومة وزارة الثقافة قادرة على انتاج ثقافة حقيقية بعيدا عن ثقافة الشارع السائدة اليوم والتي تقودها مؤسسات تجاوزت كل المؤسسات المعنية بالثقافة.
3- الضغط على مجالس المحافظات وخاصة اللجان الثقافية فيها وتحويل الاموال المخصصة لتلك اللجان الى المؤسسات المعنية بالثقافة فعلا.
4- ايجاد برامج تخصصية لحماية الشباب من التطرف وهذه البرامج يساهم فيها المثقف الحقيقي وليس المثقف المأزوم طائفيا ومناطقيا.
5- السائد الثقافي يرغب به الجميع لهذا يجب ايجاد الوسائل والسبل لكسره وايجاد البديل.
6- تشجيع القدرات الذاتية للمجتمع لانتاج ثقافة مغايرة عن السائد والمتعارف عليه والذي اصبح امرا مسلما به.
***********
اشارات / ميسون الدملوجي
اتوجه بالشكر الجزيل إلى القائمين على هذا المؤتمر، وادناه بعض ملاحظاتي على ورقة الاصلاح الثقافي، وهي جهد متميز لا بد من الثناء عليه:
1- ينبغي النظر إلى الثقافة على انها جزء من واردات الدولة، وبمقدورها ان ترفع بعض العبء عن كاهل الخزينة اذا ما توفرت البنى التحتية المناسبة، بدلا من ان تكون عالة عليها، فالسينما والفنون التشكيلية والمسرح والكتاب والدراما تجد طريقها الى الاسواق العالمية وتفتح لها الابواب الموصدة بوجود البنى التحتية والتشريعات المناسبة.
2- غاب عن الورقة دور الاتصالات والمواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي، والتي بمقدورها نشر وتسويق المنتج الثقافي العراقي.
3- غاب عن الورقة ما حصل للآثار العراقية ولا سيما الدمار الذي طالها على يد التنظيمات الارهابية في نينوى ومحافظات العراق الاخرى.
4- غاب عن الورقة قضية الارشفة والتوثيق.
***********
ملاحظات / لاهاي عبد الحسين
للاسف ليس لدي حاسبة لأكتب شيئا منتظما ولكني من خلال الاطلاع على الوثيقة استطيع تسجيل ما يلي:
1- الوثيقة عامة جدا وفيها تركيز على وزارة الثقافة.
2- ظهر لي ان هناك اهمالا للمؤسسة الاكاديمية وهذا يعني استبعاد شريحة مهمة خاصة، الشباب من حملة الشهادات العليا او المشتغلين عليها وهؤلاء يمثلون شريحة واعدة وطاقة كامنة يمكن تثويرها واشراكها في النشاط.
3- اعتقد اننا بحاجة إلى تنظيم حملات مؤثرة تستخدم اكثر من قناة وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي للعمل على تصعيد الوعي بمساوئ النظام السابق كطريقة للاشارة الى النظام الحالي وتصورنا عن نظام المستقبل. وفي هذا اذكر بما اقترحته د. سلوى زكو بالدعوة العامة لتقديم تجارب شخصية عن معاناة العراقيين في الداخل والخارج خلال فترة الحصار في التسعينيات وقبلها من احداث مروعة حورب فيها الرجال والنساء من ذوي الكفاءات ومن خلالهم تعرية الانظمة السابقة والحالية.
4- نحن بحاجة إلى العمل بطريقة غير مباشرة ودون اعطاء تصور بان هناك جهة مركزية تدير العمل من حيث ان طريقة استخدام سلطة التوعية غير المباشرة تعتبر اكثر فعالية واكثر مصداقية واكثر تأثيرا.
اعتذر عن هذه العجالة بالرد وارجو قبول خالص تمنياتي بالنجاح لان طريقنا طويلة وعلينا الا نستعجل النتائج وبخاصة اذا ما اردنا للشعب ان يقلب الطاولة على الفساد والفاسدين.