ادب وفن

قصيدتان / جواد وادي

(1)
أبي..
كنت وما زلت بوصلتي للحريق
ما عشقت سوى
هامتك المشتعلة دائما
تظل مشعا يا أبي
في صحوي ونومي
وأنت كما دائما تقيم برأسي
مثقلا بالأسى
ها هو صدري كما ترى
تورم من صراخ العراق الذبيح
أراك يا أبي تبحث مثلما دائما
عن بقايا الشوق اللائذ
في مداراتنا والندى
عن رحمة تسقط كما المعجزات عليك
متلفعا ذات الرداء الحريري
حين قبلتك ودمعك يبلل وجنتيك
متى ستأتي الينا ثانية يا ولدي؟
قلت لي:
لا أعرف يا أبي
وأنا الوذ بوجهي لكيلا
أرى بخار دمعك الحارق
واليوم بعد الرحيل يا أبي
عدنا نتصالح مع الافاعي
تلك التي كنت تخشاها
وهي تحج لمواسم النهر الناضب
والحيتان اصطفاها الغزاة
لتعبث بنا كما تشاء
من أين لك
كل هذا النزيف يا أبي؟
خصبا وسديما
معلقا مثل التمائم
في جيد الوطن الذبيح
من النهر الى النهر
وأنت تمد يدك الرحيمة
تحت وسادتي كما كنت دائما
تمسّد شعري وهو يتوق لطراوة يديك
(2)
بغداد..
كيف تعرفتِ على هذا البردي الأنيق
وهو الغائر في زمن الحكايات التليدة
بأرض أسودّ فيها العشب
أما تعلمين
أن الأيام تشيخ مسرعة؟
كلما لا مست
هذا الترف في راحتيك
وهذا الشموخ في حلمتيك
وانا انتصب فائرا
ضدا على جور نفسي
لعلي امتشق يوما
سلاحي القديم
وآتيك فارسا بلا جواد
تدلني بوصلتي لملاذاتك البعيدة
أتوكأ عصاي التي نخرتها الأحزان
وما عرفوا أنك انتزعت روحي
وما انهار كبرياؤك
أبحث في كل مجساتك
فلم أجد ذلك النهر الفائض
حين خبأته في غفلة منك بقلبي
وأنا أرتب لك الأسرة
واسقي وروداً
وافرش الأرض بالأريج
لتكونين لي وحدي
صومعتي
وملاذي الأخير..؟