ادب وفن

في الذكرى الخمسين لوفاته .. لانغستون هيوز: صوت الطبقة العاملة من أجل المساواة والسلام والاشتراكية

جويل فيشمان، بيبلز وولد
لا توجد له قصيدة ولا قصة ولا كتاب لم يتحدث فيه ضد القمع العنصري وينعش الآمال في مواطَنة من الدرجة الأولى للأفارقة الأمريكيين، وقد ارتبطت عنده قضية المساواة بقضية النضال الطبقي والدفاع عن جميع المضطهدين، داخل الوطن وخارجه. نشأ في عائلة عمالية مكافحة، ومن أول عمل حصل عليه وهو في المتوسطة كمنظف في فندق حتى بلوغه الثلاثين عندما أصبح قادرا على التفرغ للكتابة، عمل في مهن مختلفة، وفي الوقت نفسه عبر في كتاباته عن حياة وثقافة الأفارقة الأمريكيين. كتب من الأربعينيات الى الستينيات بانتظام عمودا لجريدة "شيكاغو ديفندر"، وهذا العمود مكون من محادثات متخيلة مع عامل أسود في هارلم: "هل يعني أنك أحمر إذا سعيت لكسب أجرة؟ هل يعني أنك أحمر إذا حافظت على عملك؟ ولم ترغب في أن يطردك رب العمل؟".
انتمى فكرا الى أممية الطبقة العاملة والى دور العمال في التغيير الجذري للمجتمع. عندما استلمت الطبقة العاملة السلطة في روسيا في العام 1917 وانسحبت من الحرب العالمية الأولى أقام لانغستون هيوز وزملاؤه في المدرسة الثانوية احتفالا بالثورة وبقائدها فلاديمير لينين. كتب عن الاتحاد السوفييتي الذي زاره في الثلاثينيات: "تصور الصحف اليومية البلاشفة بوصفهم أخطر أشرار الأرض، ولكني لا يمكنني تصور كيف يمكن أن يكونوا هكذا وقد خلصوا شعبهم من الحقد العنصري والإقطاعية، وهما شرّان عرفتهما عن كثب".
لم يخف إعجابه بالشيوعيين وقد قال عن الأم "إيلا ريف بلور" القائدة الشيوعية التي شاركت في تأسيس الحزب الشيوعي الأمريكي: "قاتلت الرأسماليين بأسنانها وأظافرها لمدة سبعين عاما"، كما انخرط شخصيا في الدفاع عن شباب سكوتسبورو مع الحزب الشيوعي والمكتب العالمي للدفاع عن العمال، وكانت قصيدته "سكوتسبورو" صرحا شعريا حيّا بها الحركة التي أنقذت حياة شبان سود أبرياء من عقوبة الإعدام. تتجلى شجاعة هيوز في معارضته للحروب الإمبريالية، وفي قصيدته "الجندي الملون" يقول أنه يفترض أن تكون الحرب من أجل الديمقراطية ولكن الجنود السود العائدين يجري استقبالهم بالمشانق، وفي قصيدة "اعطونا السلام" يرى بناء الجيش على حساب المدارس والسكن اللائق. ساند الجمهورية الإسبانية "1936-1939" ضد الفاشيين وقد عمل مراسلا في إسبانيا لصحافة الأفارقة الأمريكيين ورافق لواء إبراهام لنكولن في الجبهة أثناء احتدام المعارك. عندما هزمت الجمهورية تفهم هيوز الأسباب والنتائج ولم تعن له الهزيمة إلا مواصلة القتال ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية بالتزامن مع النضال ضد العنصرية. قال في قصيدة "ما رأيك فيها يا ديكسي"؟: "الحرية لا تعني مجرد الانتصار هناك، إنها تعني الحرية في الوطن أيضا، الآن... وهنا!".
بعد الحرب عندما نشطت معاداة الشيوعية والعنصرية واستهدف المتعصبون هيوز ردّ عليهم بالإكثار من الأحاديث والكتابة كما أدلى بشهادته في العام 1963 قائلا: "المنظمات التي هاجمتني هي على الأغلب الجماعات الأكثر معاداة للزنوج واليهود والعمال". قدّم شعره في الستينيات دعما لنضالات المقاومة والمساواة. في قصيدته "برمنغهام ساندي" 1965: "أربع فتيات صغيرات، قد يستيقظن قريبا على أغان تحملها النسائم من بين أشجار المغنوليا". وفي قصيدة "إذا أردت" يقول: "يمكنك أن توقف صافرة المصنع، تمنع آلات المناجم من العمل، تمنع القنابل الذرية من الانفجار، تمنع السفن الحربية من التحميل، تمنع سفن التجار من الإبحار، تمنع مفاتيح السجن من الدوران في القفل، تستطيع... لو أردت" .
كتب في واحدة من أواخر قصائده "حلم الحرية": "يقاتل هذا الحلم اليوم وظهره الى الجدار، إن إنقاذ هذا الحلم يجب أن يكون للجميع وليس لشخص، إنه حلمنا بالحرية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مجلة الثقافة الجديدة العدد: 390- 391
عن جريدة الحزب الشيوعي الأمريكي