ادب وفن

"ماكو مثلنه".. تظاهرة فنية تعيد الى المسرح العراقي دوره الحقيقي / انتصار الميالي

كل الدراسات العراقية والعربية وحتى العالمية تؤكد إن التاريخ العراقي عرف أشكالا كثيرة تعبر عن الطابع المسرحي، وهناك الكثير من الشواهد التي تشير إلى وجود المسرح في العراق قبل الميلاد، وهي معروفة ومتداولة بين المعنيين بالمسرح، وكان للمسرح العراقي الحديث نشاط مميز مجسدا رسائل وأشكالا فنية رائعة ومعبرة وهادفة، ولعب المسرح العراقي في تغذية الروح الوطنية وتأجيجها في سنوات الاحتلال الانكليزي واعتبر سلاحا من نوع خاص لمحاربة المحتلين.
ومر المسرح العراقي بمسيرة طويلة عمرها أكثر من مائة عام بدءاً بالفرق المسرحية في المدارس في فترة الحكم العثماني والانكليزي ثم في المقاهي ، بعدها نما المسرح العراقي واخذ أشكالا كثيرة ومتنوعة وبدأ تأسيس العديد من الفرق المسرحية وظهور كبار الفنانين المسرحين أمثال حقي الشبلي ويوسف العاني وابراهيم جلال وسامي عبدالحميد ومحسن العزاوي وناهدة الرماح وأسماء كثيرة لاتعد ولا تحصى لمعت ولعبت دورا مهما في تاريخ المسرح العراقي الحديث.
"ماكو مثلنه" مسرحية بنكهة عراقية مميزة تعيد الى المسرح العراقي أصالته مؤكدة عودة الحياة للمسرح العراقي الذي تتوق إليه العائلة العراقية كثيراً.
"ماكو مثلنه" عمل فني يعبر عن الحياة اليومية للإنسان العراقي وما يجري ويدور في البلاد من أحداث عبر صور نقدية هادفة وبناءة جسدت حجم الدمار الذي لحق بالعراقيين أرضا وشعبا. جسد فنانوها كوميديا رائعة ورصينة تحاكي الواقع وتحدث النفوس عن كل ما دار ويدور في العراق، هو عمل مسرحي خال من الكوميديا الرخيصة والمبتذلة أحيانا والتي ألحقت بالمسرح العراقي الكثير من الضرر، هي تجربة تحمل الكثير من الرسائل التي تجذب الأسرة العراقية وفيها الكثير من المشاهد الساخرة التي تدعو إلى التغيير ومحاربة الفساد وفضح صوره التي دمرت البلاد.
"ماكو مثلنة" عمل مسرحي عراقي من نوع خاص بالرغم من التحديات ومعوقات العمل إلا أنه جاء برسالة واضحة على أننا قادرون على التغيير الحقيقي على مستوى الفن وعلى المستوى العام في حياتنا اليومية، فأكدت أننا شعب لا يقبل الخنوع أو الرضوخ للفاسدين ولا يعرف الكلل والملل وهي دعوة إلى شحذ الهمم والعزم على مواصلة طريق الإصلاح والتغيير لبناء عراق مدني ديمقراطي تحترم فيه حقوق الإنسان وتتحقق فيه العدالة الاجتماعية.
"ماكو مثلنه" هي عمل ابداعي للدكتور جمال الشاطئ عمل على اخراجه طلال هادي وجسدت شخصياته باقة مميزة من فناني المسرح العراقي هم ايناس طالب وكاظم القريشي وخضير أبو العباس وميلاد سري وأزهار العسلي وعلي عباس وعلي جابر ونزار علوان وصادق الوالي والمطرب فقار سعدي الحلي ونخبة من نجوم الفرقة الوطنية للتمثيل.