ادب وفن

ادباء البصرة يحتفون بـ«محمود عبد الوهاب» / علي أبو عراق

احتفى أدباء البصرة، السبت الماضي، بالذكرى الثانية لرحيل الروائي والقاص محمود عبد الوهاب في احتفالية استذكارية أقامها اتحاد الأدباء، طالبوا فيها بضرورة تخصيص متحف للقاص والروائي الراحل محمود عبد الوهاب وجمع تراثه «مكتبته ومخطوطاته» فضلا عن تسمية أحد شوارع البصرة باسمه وفاءا لما قدمه من منجز إبداعي أغنى به الثقافة العراقية، وخلف فيها بصمات مؤثرة وخصوصا في السرد العراقي.
وقال رئيس الاتحاد كريم جخيور:» كان الراحل الكبير محمود عبد الوهاب علامة دالة في الثقافة العراقية منذ منتصف القرن الماضي، وعلى الرغم من قلة ما خلفه من كتب مطبوعة لكنه ترك آثارا لا تمحى في السردية العراقية وخصوصا من نواحي الحداثة والتجديد والحضور الدائم والمشع في المشهد الثقافي العراقي، فضلا عن كونه من القامات الباسقة في تاريخ الثقافة البصرية». وأضاف:»لكل ذلك ووفاءا لهذا المبدع نطالب الحكومتين الاتحادية والمحلية بتخصيص متحف لجمع آثاره الأدبية ومكتبته ومخطوطاته وتسمية أحد شوارع البصرة باسمه وهو جزء من رد الدين الذي لم يستوفه المبدع الراحل بحياته على الرغم من استحقاقه لهذا».
وأكد جخيور على «ضرورة تخصيص جائزة أدبية باسمه في القصة والرواية «.
من جانبه قال الأديب المبدع الكبير محمد خضير، صديق الراحل المقرب ورفيق رحلته في كلمته بعنوان «رأس برأس»، جاء فيها: «نجتمعُ ثانيةً على محبّةِ محمود عبد الوهاب، والوفاءِ لذكراه. فاتَ عامان ِعلى رحيلِ محمود عبد الوهاب، وأصبحتْ ذكرى رحيلِهِ أقلَّ كلفةً علينا، كما أنَّ ترابَ قبرِهِ صارَ أخفَّ وطأةً على جسدِهِ.».
وأضاف» نحن نعرِفُ اليومَ مدى صِدقِهِ مع نفسِهِ ومع الآخرين، ومع ربِّه الذي لم يطلُب ْمنْهُ الشيءَ الكثير. فقد قالَ للملاكِ الذي جاءَ لقبْضِهِ، حينَ سألَهُ ماذا يُريدُ قبلَ أنْ يرحل في أقطارِ السَّماء: «رأسٌ برأس، هذا ما أُريدُهُ يا ملاكي!»
ويفسّرُ المفسّرونَ هذا القولَ المأثورَ عن أحدِ الزاهدين، أنَّهُ عَنَى بمكافأةِ الرأسِ بالرأس: كما جئتُ عارياً للدنيا، أطلُبُ أنْ أخرجَ عارياً منها.»
وأوضح خضير «ويعرِفُ الذين شَهِدوا الساعةَ الأخيرةَ من وفاةِ محمود في غرفةِ العنايةِ المركّزة بالمستشفى التعليمي أنَّهُ ماتَ نصفَ عارٍ إلا من قميصِ «بيجامة» تصدّقَ بهِ ممرضو الغرفة ليرتديَهُ لمّا بلِيَتْ ملابسُهُ كلُّها».
واستطرد «آثَرَنا محمود ُبحياتِهِ فتركَ لنا حياتَنا لنعيشَه بعد وفاتِهِ، وكان كريماً بأدبِهِ فلم يتركْ نصوصاً كثيرةً تزحَمُ نصوصَنا وتسلِبُ منا شهرتَنا وبريقَ أسمائِنا الأدبية. بل إنّه لم يكنْ يملِكُ سلطةً من أيّ ِنوعٍ، فتركَ لنا بلادا ًتتقاتلُ على رؤوسِ أموالٍ زائلة وتجارةِ سلطاتٍ بائدة. كان أبيقورياً سعيداً بأشيائِه الصغيرة، إلا أنّه بلغَ حدَّ الكفاف حين أزِفَ موعدُ الرحيل».
وخلص محمد خضير «كانت ثروتُهُ مكوَّنةً من مجموعةِ قصصٍ واحدة، وروايةٍ منشورةٍ واحدة، وكتابِ مقالاتٍ واحد، وأوراقٍ ناقصةٍ لم تستوعبِ الثمانينَ التي بُلِّغَها على مراحلَ من الهدوءِ والاضطراب والسفرِ والوَحدة. فكأنّه كان من أصحابِ الواحدة، أولئك الذين ملؤوا سماءَ الأدبِ العربيّ بمأثرةٍ أدبيةٍ واحدة،وأولئكَ الذين عادَلوا طولَ العُمُر ِبقِصَرِ الأثَر. وكأنّ لسانَ حالِهِ يصدِقُ قولَ الطغرائي في لاميتِهِ:» مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ».
وتحدث رفيق الراحل الكبير الشاعر كاظم الحجاج فتناول جانب الطرافة في حياة الراحل ورأى أن « النكتة هي نص إبداعي وكانت حياة عبد الوهاب تزخر بالكثير من الطرافة، فهو رجل طريف يمتلك حس النكتة بشكل كبير «. وأضاف:»هناك كتاب كبار كثر اعتمدوا السخرية في كتاباتهم فكانت نصوصا إبداعية هامة، لكن محمود لم يستغل موهبته العظيمة في الاستفادة من هذا الجانب وظلت كتاباته بعيدة عن الطرف والمفارقات التي كانت تحفل بها حياته».
كما قرأ كل من الدكتور سلمان كاصد والناقد جميل الشبيبي والكاتب جاسم العايف وعزيز الساعدي أوراقا نقدية واستذكارية تناولت حياة الراحل ومنجزه الإبداعي، وقرأ كل من الشعراء حسين عبد اللطيف ومجيد الموسوي وكاظم اللايذ واحمد الجاسم ومحمد صالح عبد الرضا وفوزي السعد قصائد بالمناسبة.
ووقع الشاعر كاظم اللايذ كتابه «دفتر على سرير الرجل المريض.. محمود عبد الوهاب شاعرا».
أدار الحفل القاص رمزي حسن.