ادب وفن

طلال حسن: الطفل الحلقة الأضعف بين شرائح الشعب / حوار: عبد الكريم العبيدي

وجه، كل ملمح فيه يجتر من طفولة دائمة، وقبل أن تتناغم تلك الملامح الطفولية لتطلق كلمة، لابد أن تمهد لابتسامة "طفل كبير" أولا، كأنه خلق ليبقى طفلا مبدعا موهوبا.من ربوع الموصل الخضراء فاحت اشراقته، فتفاعلت مع أزاهير من فضاء الإبداع العالمي وغدت وهجا يشار له بالبنان.
ورغم كتابته للكبار في حقول معرفية عديدة، الا أنه عكف على أدب الطفل، وتفرد في الكتابة له قصة وسيناريو ورواية ومسرحاً، بدءاً من مسرحية " الأطفال يمثلون " عام 1971"، ثم توالت إبداعاته في الرواية والمسرح وغيرها، حتى كانت حصيلة إبداعه أكثر من 21 كتاباً.
والمئات من الكتابات المتعددة التي شملت أجناساً أدبية كثيرة.
نشر الكثير من أعماله في عدة دول عربية، وفاز بجوائز عديدة، تكريما لمنجزه الإبداعي المميز، انه الكاتب المبدع طلال حسن، الذي أجاب، في حوارنا هذا على أسئلة ربما ستكشف بعض محطاته الإبداعية التي لا يعرفها البعض.
سألناه، أولا:
بدايتك مع النشر، هل كانت في فضاء القص أم المسرح؟، أين نجد إطلالة "طلال" الأولى؟.
ـ إطلالتي الأولى، في عالم النشر، لم تكن للصغار، وإنما للكبار، ففي عام " 1964 " على الأغلب، شاركت في مسابقة للقصة القصيرة، أقامتها جريدة " فتى العراق " في الموصل، بقصة اسمها: "النبتة التي تتنفس"، ورغم مخالفتها لأحد شروط المسابقة، إلا أنها فازت بالجائزة الثالثة.
•اذن، يبدو أن فوزك هذا هو فاتحة لجوائز عديدة حصلت عليها لاحقا.
ـ نعم، بالإضافة إلى هذه الجائزة، التي ذكرتها، فزت بعدة جوائز في مجالي مسرح الأطفال وسيناريو الأطفال، ففي عام " 2000 " فزت بالجائزة الثانية في مسابقة مسرح الطفل العربي في الشارقة، عن مسرحية "الضفدع الصغير والقمر"، وفي عام " 2008 " فزت بالجائزة الثانية في مسابقة سيناريو الأطفال، في دار ثقافة الأطفال ببغداد، عن سيناريو بعنوان " لصوص التاريخ "، وفي عام " 2009" فزت بالجائزة الثانية في مسابقة مسرح الطفل، في دار ثقافة الأطفال، عن مسرحية بعنوان " وداعاً جدي "، وفي عام " 2010 " فزت بالجائزة الأولى في مسابقة مسرح ال?فل، في دار ثقافة الأطفال، عن مسرحية بعنوان " النملة الصغيرة والصرصار"، وأخيرا فزت بالجائزة الثانية في مسابقة دار ثقافة الأطفال، في عام " 2012 " عن مسرحية بعنوان "مدينة عند مشرق الشمس".
•الحصيلة الابداعية لمنجزك كثيرة ومتعددة، نود أن نتعرف على أهم ما صدر لك من كتب خارج العراق، ربما لا يعرفها البعض.
ـ صدر لي خارج العراق تسعة كتب، سبعة منها في دمشق، خمسة من هذه الكتب صدرت عن اتحاد الكتاب العرب، أهمها: عش لاثنين، ومسرحية انكيو، ومسرحية الإعصار، وكتاب صدر عن مجلة اسامة للأطفال بعنوان "حكايات قيس وزينب"، وكتاب آخر صدر عن دار التوحيدي في حمص بعنوان "داماكي والوحش"، كما صدر لي كتاب في عمان بعنوان "حكايات ليث"، وأيضا صدرت لي مسرحية للأطفال في أبو ظبي بعنوان" "الضفدع الصغير والقمر".
مثلك حتما عنصر فاعل في نشاطات وحراك ثقافي مؤثر، أي النشاطات التي شاركت فيها؟.
ـ لأسباب معروفة، لم أدعَ قبل التغيير حتى إلى المربد، ولكن بعدها حضرت مؤتمرات كثيرة، وشاركت في بعضها مشاركة فعالة، داخل محافظة نينوى وخارجها، ولعل أهم مؤتمر شاركت فيه بفاعلية هو مؤتمر المثقفين في بغداد، الذي شارك فيه " 500 " مثقف من جميع أنحاء العراق، يقودهم، وبفاعلية كبيرة، الأستاذ مفيد الجزائري، وكان وقتها يشغل منصب وزير الثقافة.
الملاحظ أن انطلاقتك كانت في بداية السبعينيات، حدثنا عن ما نشرته قبل هذه الفترة؟.
ـ نعم ، نشرت بعض القصص والمقالات النقدية في الستينيات، فقد كنت متابعاً نشطاً للحراك المسرحي خاصة، وقد نشرت عن هذا الحراك مقالات عديدة، كما نشرت مقالات أو متابعات بسيطة عن القصة والشعر وخاصة في الموصل.
هناك جزئية محورية واضحة في منجزك الابداعي، تتمثل في تفاعلك المميز بعالم الطفل وفضاءاته، ما الذي دفعك إلى أدب الأطفال؟.
ـ حبي للطفولة، ومعايشتي للأطفال من خلال عملي كمعلم، وشعوري بأني أستطيع أن أعبر عما أريده، من خلال أدب الأطفال، أكثر من أدب الكبار، كل هذا وغيره جعلني أركز على أدب الأطفال، لكني لم أهجر تماماً أدب الكبار، فما زلت أكتب وأنشر للكبار قصصاً قصيرة ومسرحيات، وسأواصل ذلك.
 ما هي المؤثرات التي صنعت منك مبدعاً كبيرا؟،ً وما الذي تقوله لمن ينشغل، أو يود احتراف أدب الأطفال؟.
ـ يبدو أن لي قدراً من الموهبة للكتابة للأطفال، لكن ما صنع مني أديباً إلى جانب المبدعين الكبار في هذا المجال، هو عملي اليومي المستمر، وتعلمي من كبار الكتاب العرب والأجانب، وفي مقدمتهم ايسوب اليوناني وكريلوف الروسي والكتاب الإنسانيين السوفيت ومتابعتي المستمرة لتراث الإنسان في كل زمان ومكان.
إن هذا التراث هو تراثي وتراث الجميع، أما أهم ما أود أن أقوله للأدباء الشباب: فهو أن يرعوا هم بأنفسهم موهبتهم، ويثقوا بها ويعملوا على تطويرها، وإلا انطفأت كما تنطفىء الشمعة، التي يمكن أن تبدد بضوئها ظلام الليل.
 ما بين المسرح والقصة وغيرهما، أيهما الأقرب إلى الكاتب المبدع طلال حسن؟
ـ للأطفال، وخلال أكثر من أربعة عقود، كتبت القصة والسيناريو والرواية والمسرح، ولكل نمط من هذه الأنماط الأربعة، أهميته ودوره وجمالياته، ولكن يبقى لمسرح الأطفال أهميته الكبيرة عندي، وقد نشرت حتى الآن في هذا المجال أكثر من 260 مسرحية للأطفال، من بينها أكثر من 60 مسرحية للفتيان.
 كيف تنظر إلى الطفل العراقي؟، ما الذي يحتاجه من الأدب والثقافة؟
ـ منذ عقود وعقود، والشعب العراقي يعاني من أوضاعه السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي المقدمة بين شرائح الشعب، حلقته الأضعف: الطفل. ولا شك أن وضع الطفل في العراق لن يتحسن إذا لم يتحسن وضع العراق، ويقف معافى في بداية طريق التقدم، وإلى أن يأتي هذا اليوم، والذي أتمنى أن لا يكون بعيداً، فعلى وزارة الثقافة أن تولي ثقافة الأطفال اهتماماً جدياً، وترصد لأنشطتها المختلفة ما يمكنها من تقديم ما يستحقه الأطفال وما يحتاجونه في مجال الثقافة.
محطات وأشخاص علقوا في ذاكرتك؟.
ـ خلال هذه العقود الأربعة، التي انغمست خلالها في مجال أدب الأطفال، عرفت الكثير من الأدباء والفنانين، يأتي في مقدمتهم الراحل الكبير مؤيد نعمة، والفنان المبدع نبيل يعقوب، والفنانة الكبيرة انطلاق محمد علي، والمبدع الغائب المتغرب، الذي رسم لي بشكل رائع كتابي الأول " الحمامة " عام 1976 ، إنه المبدع صلاح جياد، كما عرفت من الفنانين وباعتزاز طالب مكي وعبد الرحيم ياسر ومنصور البكري وهناء مال الله، أما أبرز الكتاب الذين عرفتهم فهم مالك المطلبي وفاروق يوسف وفاروق سلوم والساحر شفيق مهدي وحسن موسى وزهير رسام، وكذلك الش?راء المبدعين جليل خزعل ومحمد جبار حسن وكفاح عباس وغيرهم كثير.
هل هناك دعم ما، لمسته خلال مسيرتك؟.
ـ أدب الأطفال خاصة، وثقافة الأطفال عامة، لن يعيشا ولن يتقدما في بلد مثل بلدنا، وفي ظروف مثل ظروفنا، بدون دعم كبير ومدروس، وعلى أيد مخلصة ومدركة ومجربة. وإلا فسنبقى نراوح في مكاننا، إن لم نعد القهقرى إلى الوراء.
ما جديد طلال حسن ؟
ـ إنني أكتب كلّ يوم تقريباً، وخلال السنوات الأخيرة، أعطيت جلّ اهتمامي لمسرح ورواية الفتيان، أما في مجال النشر، فلي كتاب في دار مدارك، ومسرحية ستصدر قريباً عن دار ثقافة الأطفال، أما عن دار براق في النجف، وهي من أفضل دور النشر للأطفال، ليس في العراق فقط، وإنما في الدول العربية، فلي فيها تحت الطبع أربع روايات للفتيان.
وأربع وثلاثين قصة للأطفال ستصدر في ستة كتب، وخمسين مثلاً وحكاية ستصدر في ستة كتب أو أكثر.