مدارات

معاناة التلاميذ من الدوام الثلاثي ونقص الأبنية المدرسية / عامر عبود الشيخ علي

مياه أسنة ونفايات تملأ الساحة وسور متساقط وأعداد كبيرة من التلاميذ تصل إلى ما يقرب من ألف طالب، تلك هي حال مدرسة "العدالة" الابتدائية في حي النصر، التي تعتبر أفضل حالا من بقية المدارس في المنطقة، التي تقع ضمن الرقعة الجغرافية لمديرية الرصافة الثانية، وحدودها الجغرافية من ساحة بيروت في شارع فلسطين إلى حدود محافظة الكوت، ومن "الجادرية" – "الكرادة، الغدير، بغداد الجديدة، المشتل، البلديات، خان بني سعد"، إلى حدود محافظة ديالى.
"طريق الشعب" زارت مدرسة العدالة الابتدائية وقسم الابنية المدرسية وقسم التجهيزات في المديرية للاطلاع والحديث عن واقع الأبنية المدرسية وصيانتها، وكان لنا حديث مع مدير مدرسة العدالة الابتدائية الأستاذ اسعد محسن لازم، عن اعداد الطلاب وأعمال الصيانة والتجهيزات، قال: "أهم مشكلة نعاني منها هي الدوام المزدوج والثلاثي، إذ كان دوام مدرستنا "مزدوجاً"، ثم بعد ذلك أضيف إلينا طلاب مدرسة ثالثة بعد هدم بنايتها لغرض إعادة بنائها، وبهذا أصبح عدد التلاميذ للمدرسة الواحدة تقريبا (1200) طالب، وان من حسن حظ المدرسة أن عدد الصفوف فيها (24) صفاً وبهذا يتراوح عدد الطلاب (50-_55) طالباً في كل صف، وهذا يعتبر عدداً مقبولاً إذ أن بعض المدارس يصل أعداد التلاميذ في الصف الواحد إلى ما يقارب السبعين طالباً أو أكثر، وبالتأكيد أن تلك الأعداد تؤثر على استيعاب الطالب والمستوى العلمي".

لا صيانة منذ عامين

لازم أضاف:"المشكلة الأخرى التي نعاني منها هي الصيانة حيث لم تتم صيانة المدرسة منذ فترة طويلة من قبل قسم الأبنية المدرسية وشعب الصيانة، وخلال تلك الفترة فقط تم تزويد المدرسة بخزان واحد للمرافق الصحية، وإننا نعتمد على نسبة الإدارة من المبلغ المالي للحانوت وعلى تبرعات بعض المعلمين، لشراء المصابيح والكهربائيات وكذلك شراء الحنفيات للمرافق الصحية، ودائما ما نقوم بتنظيف المرافق، ولكن المشكلة في أرضيتها فهي غير صالحة بسبب مياه الأمطار التي أدت إلى ارتفاع "الكاشي" وبالتالي ينبغي تغييره، ولو كان بإمكاننا تصليح الحمامات لفعلنا ذلك ولكن هذه المشكلة فنية وبحاجة إلى الدائرة الهندسية لصيانتها". وأكد: غالبا ما نقوم بحملات لتنظيف سطح المدرسة من الأنقاض والأوساخ ولكن بعض الأعمال من اختصاص الصيانة كعمل "الماستك" للتسطيح.
مياه تملأ الساحة وسور متساقط
الأستاذ (أسعد لازم) أضاف: "واهم ما تعاني منه المدرسة هو السياج المهدم، وقد زارنا السيد المحافظ والسيدة "جسومة" عضو مجلس محافظة بغداد ومكتب المفتش العام في الوزارة وأطلعناهم على واقع المدرسة والسياج وقد قدمت المدارس الثلاث الموجودة في تلك البناية الكتب الرسمية والوثائق منذ سنتين ولحد الآن لم يتم فعل شيء في حين أصبح ارتفاع السياج نصف متر فقط.
وكذلك أصبحت المدرسة مكاناً لتجمع مياه الأمطار وخاصة في ساحاتها بسبب بيوت المتجاوزين وقد تم سحب المياه من قبل المجلس البلدي من الشارع العام وزودنا بمضخة لسحب المياه من داخل المدرسة ورميها في الشارع ولكن الأهالي رفضوا هذا الإجراء لتأثر منازلهم ولعدم وجود شبكة لتصريف المياه.
ومن المتوقع أن تسقط المدرسة في أية لحظة بسبب تلك المياه ونفقد المدرسة الوحيدة في المنطقة. لذا نتمنى أن يكون هناك حل عاجل للحفاظ على هذه المدرسة وصيانتها.
لا نقص في التجهيزات المدرسية

أما بخصوص التجهيزات المدرسية قال الأستاذ اسعد "إن التجهيزات من مقاعد الدراسة "الرحلات" والأثاث المكتبي للإدارة والسبورات والقرطاسية فهو جيد، وليس هناك مشكلة، وان قسم التجهيزات قام بواجبه بشكل جيد، ووزعت القرطاسية والكتب في موعدها، وقد تأخرت مادة أو مادتين ولكن ليس بسبب التجهيزات إنما بسبب المطابع".

في مديرية تربية الرصافة الثانية

بعد ذلك توجهنا إلى مديرية تربية الرصافة الثانية قسم الأبنية المدرسية والتقينا بمدير القسم الأستاذ "إياد" للاجابة عن تساؤلاتنا حول (26) مدرسة تم هدمها ولم يتم إعادة بنائها وتلكؤ الشركات المقاولة والمدارس التي تشغلها مديريات المدارس ودورهم في صيانة الأبنية إذ قال: " عدد المدارس التي هدمت (26) مدرسة لإعادة بنائها بطريقة البناء الجاهز، وتوزعت على شركات القطاع العام الفاو والمنصور والمعتصم وشركة النصر العامة، وللأسف تلك الشركات تلكأت في التنفيذ، ودائرتنا ليس لها علاقة بالتعاقد مع تلك الشركات، إنما التعاقد مسؤول?ة الحكومة والوزارة، ودور قسم الأبنية هو للإشراف على تلك الشركات من خلال دائرة المهندس المقيم في قسمنا، وتم تفريغ تسعة مهندسين تفرغا كاملا لتلك المشاريع بأمر من السيد الوزير".

تلكؤ الشركات المقاولة

وأشار إلى "ان موضوع تلكؤ تلك الشركات وصل إلى مجلس الوزراء وتم الاجتماع بالدوائر المعنية والشركات وتوصلنا إلى قرار بإعطاء الشركات مدة إضافية لغاية 14/9/2014 كموعد نهائي لتنفيذ المدارس جميعها. أما البدائل في بعض المناطق فقد استطعنا ان نوفر مدارس "كرفانية" وقمنا جاهدين بصب الأرضية وبناء سياج ومرافق صحية محاولين أن تفي بالغرض ولو بشكل مؤقت، وبعض المدارس تم نقلها إلى مدارس أخرى ليكون الدوام فيها مزدوج أو ثلاثي".

مديريات التربية تشغل عدداً من المدارس

أما بخصوص المدارس التي تشغلها مديريات التربية فقال: "إن الرصافة الثانية تحتاج حسب الخطة الخمسية لغاية 2015 (790) مدرسة للتخلص من الدوام المزدوج والمدارس الكرفانية، مبينا أن أغلب مديريات التربية هي أبنية مدرسية، وقد تعاقدنا مع احدى الشركات لغرض إنشاء بناية لمديرية الرصافة الثانية في منطقة زيونة وبدأ العمل في الأسس ولكن أيضا توقف العمل بسبب الإشكالات بين الشركة المقاولة وأمانة بغداد، وهناك دعاوى قضائية مرفوعة والعمل متوقف حاليا. أما بخصوص عمليات الصيانة والتي هي ليست بالمستوى المطلوب، كما أن أغلب الصفوف زجاجها محطم، والمرافق الصحية غير صحية إطلاقا، فقد قال: "إن قسم الأبنية المدرسية يتابع كل المدارس ويقوم بعمليات الصيانة ضمن رقعتنا الجغرافية، ولكن الأعداد الكبيرة للطلبة في المدرسة الواحدة يؤدي إلى الإضرار بالمنشأ ودائما ما يتعرض الزجاج للكسر، والكهربائيات للتلف، أما المرافق الصحية فالسبب في ذلك هو بعض إدارات المدارس لعدم التشديد على نظافة هذه الأبنية، كما أن انسدادات أنابيب تصريف مياه الأمطار من السطوح سببت لنا أضراراً كبيرة في الأبنية، ولو قامت الإدارات بمتابعة وتنظيف السطوح لما حدثت تلك الأضرار"!.

تعاقب المدارس على بناية واحدة خلال اليوم الواحد

الجولة الأخيرة كانت إلى قسم التجهيزات في مديرية تربية الرصافة الثانية، إذ تحدث الأستاذ (وسام ناهض)، مدير قسم التجهيزات المدرسية قائلا: "تم التعاقد لتجهيز (٢٠٠٠٠) رحلة، جهز منها لغاية الآن أكثر من (4500) رحلة والتجهيز مستمر وهذا العدد سيغطي كل الحاجة في الرصافة الثانية خلال الأيام القليلة القادمة، مبنيا ان الرحلات المجهزة هذا العام من النوع الممتاز وتمت إضافة تعديلات عدة على نوع الرحلة مما يضمن تحملها لفترة أطول، يبدو أن من أسباب تحطم واستهلاك الرحلات هو تعاقب أكثر من مدرسة على الدوام في نفس البناية، وكذلك عدد الطلبة الكبير في الصف، وبهذا يكون عمر الرحلة أقصر مهما كانت جودتها، ولهذا تم إنشاء ورشة صيانة في هذا العام في مخازننا وستكون جاهزة للعمل قريبا".

تجهيز (٢٠٠٠) حاسبة وسبورات إلكترونية

وأكد وسام ناهض: "يوجد في المديرية العامة قسم للحاسوب وهو معني بما يتعلق بالحاسوب وكذلك قسم الشؤون الفنية ويعنى بالمختبرات العلمية والمكتبة لذلك تم تجهيز نحو ألفي حاسبة في العام الماضي وقمنا بتجهيز حوالي (80) مدرسة بسبورات إلكترونية مع نظام كامل حديثة جداً ".

الكتب والقرطاسية وزعت في مواعيدها المحددة

وأكد السيد ناهض "أن تجهيز القرطاسية مركزي، أي من مخازن الوزارة وحسب معلوماتنا تسعى الوزارة إلى تحسين وزيادة حصة الطالب من القرطاسية وقد أضيف هذا العام القلم والممحاة والمبراة إلى الدفاتر. والوزارة جادة في زيادة الحصة بما يتناسب مع الموازنة المقررة لها" مبينا:" تم توزيع كل الكتب والقرطاسية بمواعيدها المحددة ولا يوجد نقص في الكتب المدرسية هذا العام، في تربية الرصافة الثانية بالتحديد ولا علم لي في باقي المديريات العامة حيث تميزت الرصافة الثانية للعام الثالث على التوالي بأنها أول مديرية في استلام وتجهيز الكتب ?غم أنها أكبر مديرية في العراق"، وأشار إلى "أن عملية التعاقد لطبع الكتب مركزية ولا دخل للمديريات بعمل وآلية طبع الكتب إذ أن أقسامنا هي مسؤولة فقط عن توزيعها وليس طباعتها".

هامش

إن نقص البنايات المدرسية وضعف الصيانة، يفاقم وضع العملية التربوية إذ تعتبر الأبنية المدرسية من الأركان المهمة لهذه العملية، إضافة إلى الطالب والمعلم اللذين تكتمل بهما العملية التربوية لتصل إلى مستوى عال من العلم والمعرفة. إن مسألة الأبنية المدرسية تحتاج إلى دراسة وخطط استراتيجية ليس من قبل وزارة التربية فقط، بل تشترك بها كل مؤسسات الدولة وان تكون لها ميزانية خاصة وان تكون هناك آلية مقرة لتدوير الأموال وعدم استرجاعها إلى الموازنة العامة، كما لابد من إشراك القطاع العام والشركات الرصينة لوضع تصاميم وإنشاء مدارس مثالية.