مدارات

السلفادور.. مرشح اليسار يكتسح جولة الانتخابات الأولى / رشيد غويلب

بدأت في الأحد الفائت ما يطلق عليه في أمريكا اللاتينية عام الانتخابات الرئاسية اذ ستجري في سبعة من بلدان القارة انتخابات رئاسية هي: كوستاريكا، السلفادور، بنما، كولومبيا، البرازيل وبوليفيا.
وكانت البداية في كوستاريكا والسلفادور، التي استطاع فيها مرشح جبهة التحرير الوطني اليسارية سلفادور سانشيز سيرين الحصول على اكثر من 49 في المئة، وعلى الرغم من تحقيقه نتيجة لافتة، الا انه لم ينجح في تحقيق الأكثرية المطلقة (50+1 ) ، والتي كانت ستحسم السباق الانتخابي لصالحه، دون الحاجة لخوض جولة الانتخابات الثانية. وحصل نورمان كيخانو مرشح تحالف ARENA القومي اليميني على اقل من 39 في المئة، وجاء انطونيو ساكا مرشح قائمة "الاتحاد" ثالثا بحصوله على 11,39 في المئة. وستشهد جولة الانتخابات الثانية في 9 آذار المقبل ?واجهة حاسمة بين اليسار واليمين. وكما كان متوقعا توجه نورمان كيخانو الى قائمة "الاتحاد" وناخبيها بغية ضمان التصويت له في الجولة الثانية، مقابل وعده لهم باشراكهم في الحكومة، واخذ توجهاتهم السياسية بنظر الاعتبار، ساعيا الى تشكيل تحالف انتخابي جديد.
وبلغ عدد اللذين يحق لهم التصويت 5 مليون ناخب توزعوا على 1591 مركزا انتخابيا، بالإضافة الى حوالي 10 آلاف ناخب خارج البلاد. وكانت التوقعات قبيل الانتخابات، قد اعطت اليساري سلفادور سانشيز سيرين تقدما واضحا على منافسيه.
ويقول المتابعون للأوضاع في السلفادور، إن الحملة الانتخابية الأخيرة كانت أفضل من سابقاتها لأن المواقف المختلفة والمتعارضة طرحت برصانة. وبالتأكيد ساعدت على ذلك النجاحات التي حققتها جبهة التحرير الوطنية في فترة ولايتها المنتهية، مقابل الانقسامات التي عاشتها المعارضة اليمينية، جراء تورط بعض سياسييها المعروفين بفضائح فساد. ولقد صوت اكثرية الناخبين لصالح توجه يأملون منه تحسين ظروفهم المعاشية.
ويعتبر سانشيز سيرين، وهو احد ابز قادة الكفاح المسلح في سنوات الحرب الأهلية، ونائب الرئيس الحالي، و نائبه المقترح اوسكار اورتيز شخصيات عالية النزاهة، وقادرة على مواصلة الإصلاحات الجارية بنجاح، في مجال التعليم والرعاية الصحية والسلامة العامة والقضايا الاقتصادية. ويمكنهم كسب اكثرية السكان، على اساس برنامجهم الذي يهتم بتفاصيل الحياة وحاجاتها اليومية مثل: مواد تعليم مجانية، وقدح حليب لتلاميذ المدارس، دعم الاقتصاد الزراعي، وإنشاء المراكز الصحية اللامركزية، وخلق فرص عمل جديدة.
وعبر سلفادور سانشيز سيرين في كلمة ألقاها بعد إعلان النتائج الأولية عن ثقته بحسم الجولة الثانية لصالحه ايضا: "لقد فزنا في الجولة الأولى، ونحن واثقون من أننا سنفوز بفارق أكثر من عشر نقاط". وخلال جولاته في الحملة الانتخابية "كنا نرى الأمل الفرح ونأمل أن تستمر هذه العملية من اجل التغيير".
وفي المقابل لم يحظ نقد المعارضة واستخفافها بتقديم قدح الحليب اليومي بتفهم الاكثرية، فضلا عن تداعيات فضائح مدير حملتها الانتخابية ورئيس السلفادور السابق فرانسسكو فلورس، الذي واجه عام 2001 القضاء على خلفية اختلاسه 10 ملايين دولار، والذي حاول الهرب الى غواتيمالا، ليتجنب جلسة استجواب في البرلمان، وتم التعرف عليه على الحدود بين البلدين، واعيد الى العاصمة.
ان تحالف الاتحاد، الذي استبعد من التحالف اليميني بسبب فضائح فساد، والذي رشح ايضا رئيسا سابقا للسلفادور هو انطونيو ساكا، لم يلعب سوى دورا ثانويا في جولة الانتخابات الاولى، ولكن يمكن ان يقلب الموازين في جولتها الثانية، ولكن النظام الانتخابي في السلفادور يلزم المتنافسين الاعلان عن تحالفاتهم قبل الانتخابات، وعليه ينتظر السلفادوريون والمتابعون الجولة الثانية من الانتخابات بكثير من الترقب.
ومن المعروف ان جبهة التحرر الوطني قد خاضت كفاحا مسلحا ضد الحكومات الدكتاتورية في الفترة من 1980- 1994 ، بعدها انتقلت للعمل السياسي السلمي والعلني على اثر المفاوضات التي خاضتها الجبهة مع الحكومة السلفادورية حينها، وكان مرشحها الحالي سلفادور سانشيز سيرين احد قادة وفدها المفاوض، وسيرين يمثل الجناح اليساري الاكثر جذرية في الجبهة، واعلن في كانون الاول الفائت، في حالة فوزه برئاسة البلاد أنه سيعمل على دعم تعزيز وتعميق توجه الحكومات اليسارية في امريكا اللاتينية.