مدارات

تشيكيا.. الشيوعيون يرون فرصا جيدة لتعزيز نفوذهم / رشيد غويلب

قبيل انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، وبلدان، أوربا الشرقية، شهدت هذه البلدان تظاهرات نظمتها القوى المعارضة، مطالبة بالديمقراطية، متهمة الانظمة التي كانت تقودها احزاب شيوعية بالدكتاتورية، وقد لعبت ماكنة الغرب الإعلامية دورا في تصوير الحدث، بانه فشل للاشتراكية وللفكر الماركسي عموما، وان الرأسمالية نهاية للتاريخ، في محاولة منها لغلق الابواب امام اي بديل مقبل للنظام الرأسمالي، ولم تمض فترة طويلة حتى راجع العديد من الأحزاب الشيوعية، واليسارية التجربة السابقة، وبدأت بطرح البدائل، ساعدها في ذلك الفوضى السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية التي سادت هذه البلدان. ولقد نجح العديد من الاحزاب الشيوعية، واليسارية التي خلفت احزاب شيوعية حاكمة سابقة، في استعادة دورها في الحياة السياسية في بلدانها، وانطلقت لتحقيق نجاحات انتخابية، ما كانت لتدور بخلد المتابعين في السنوات الأولى التي اعقبت انهيار التجربة، ولعل تجربة الحزب الشيوعي التشيكي، واحدة من ابرز التجارب لحزب شيوعي، مارس الانفتاح تجاه الناخبين، وقوى اليسار الأوربية، واستطاع تحقيق نجاحات متتالية، كان آخرها احتلاله المرتبة الثالثة في البرلمان، بعد حصوله على 15 في المئة من أصوات الناخبين تقريبا.

وفي عددها الصادر يوم أول أمس الجمعة، أجرت جريدة "اليونغه فيلت" الصادرة في العاصمة الالمانية برلين حوار مع ميلوسلاف رانسدورف، عضو البرلمان الاوربي عن الحزب الشيوعي التشيكي، وعضو كتلة اليسار فيه، تناول فيه إمكانيات تعزيز دور الحزب ونفوذه، في ضوء النجاح الانتخابي الأخير، وفي ما يلي أهم ما تضمنه الحوار.

في البداية اشار رانسدوف الى ان الحزب الشيوعي التشيكي يحتل اليوم 33 مقعدا في البرلمان، وبهذا اصبح القوة الثالثة في البرلمان، وعبر عن قناعته بتحقيق الحزب المزيد من النجاحات في السنوات المقبلة. ويعود ذلك الى خيبة الامل التي اصابت المواطنين من سياسات المحافظين، الذين اعطت استطلاعات الراي في الايام القليلة التي سبقت الانتخابات 10 في المئة فقط، ان الوضع يسير الان لصالح الشيوعيين ،ويعتمد الامر على الكيفية التي يوظف فيها الحزب التطورات الجارية لصالحه، ويعمل على تعزيزها.

لقد مارس المعادون للشيوعية ضغطا هائلا على الرأي العام، ولكن الناس الآن يهتمون اولا بالحاضر الذي يعيشونه، ولا يلتفتون كثيرا للتاريخ، انهم يركزون على ألأزمة الاقتصادية الاجتماعية، فالبطالة وصلت 9 في المئة، وفي شمال البلاد اكثر من ذلك بكثير، ويعاني من البطالة في المقام الاول عمال المناجم، عمال صناعة التعدين، صناعة النسيج، وقطاع الخدمات. ومن المهم معرفة ان مجمل الإنتاج الصناعي في الجمهورية قد تراجع كثيرا، منذ التغيرات العاصفة التي عاشتها البلاد. والسياسة الاقتصادية للحكومة السابقة زادت الوضع سوء. لقد تراجعت جميع فروع الإنتاج الى مستوى الستينيات من القرن الفائت.

والحكومة الحالية غير المستقرة، و ائتلافها هش. و احد اطراف تحالفها "جمعية المواطنين الغاضبين"، التي اسسها رجل الاعمال الثري جدا اندريه بابيس، لتشكل رافعة سياسية، تخدمه في تحصيل مستحقاته غير المسددة ، وهي ليست حزبا سياسيا، وانما مبادرة رجل اعمال لا اكثر.

هناك بعض الجوانب الإيجابية للانضمام بلدان شرق اوربا للاتحاد الاوربي ، مثلا ما عادت الحدود تلعب أي دور، وشبيبة البلاد يستطيعون الدراسة في أوروبا الغربية. وعلى الرغم من ذلك فان خيبة الأمل من الاتحاد الاوربي واسعة النطاق. لقد صوت 74 في المائة، في ذلك الوقت لصالح الانضمام اليه، وفقا لاستطلاعات الراي الأخيرة، فالنتائج معكوسة بالكامل: 74 في المئة من الناخبين سيصوتون اليوم ضد الانضمام للاتحاد.

وعلى الرغم من ان رفض الاتحاد الاوربي، يدفع الكثيرين في البلدان الاخرى لانتخاب قوى اليمين المتطرف، ولكن الامر في جمهورية تشيكيا مختلف، فحتى الان فشل اليمينيون المتطرفون في الاستفادة من ذلك، ولم يحصل "حزب العمال" اليميني المتطرف، رغم الاسم الذي يحمله على سوى 2 في المئة من الاصوات فقط. وليس لهذا الحزب تأثير فعلي، سوى في شمال بوهيميا، حيث يرفع شعارات عنصرية ضد الغجر الذين يعيشون هناك. وتم تصدير اليمين المتطرف الى الجمهورية من الجارة المانيا، وكان في التسعينيات ممثلا لدورة واحدة في البرلمان، وما عدا ذلك ليس له تأثير، ولكن في بلدان الاتحاد الاوربي الاخرى يبدو الوضع اسوء، ليس في شرق اوربا فقط، وانما في النمسا ايضا.

ان مشروع ربط جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بالاتحاد الاوربي فشل، فاوكرانيا لم توقع معاهدة الانضمام للاتحاد، وأذربيجان فلتت من دخول التجربة، وليس هناك مع ألأسف عمل مشترك بين الاتحاد الاوربي وجمهورية روسيا البيضاء، وارمينا وقعت معاهدة عمل مشترك مع روسيا الاتحادية. وهناك تعاون وثيق فقط مع مولدوفا وجورجيا. وفي الختام عبر رانسدورف عن قناعته، بضرورة ترابط روسيا الاتحادية، والاتحاد الاوربي، فهناك حقول كثيرة يمكن التنسيق فيها: التزود في الطاقة، البحث، المواد الخام، وغيرها.