مدارات

اتفاقية الجزائر .. سجال سياسي وبرلماني حول موافقة العراق عليها

بغداد – محمد الحكمت
سجال كبير تشهده الساحة السياسة العراقية، حول اتفاقية الجزائر وموقف الحكومة منها، برلمانيون وسياسيون اختلفت مواقفهم، بين مؤيد لها باعتبارها حلا وسطيا لإنهاء خلاف دام أكثر من ثلاثة عقود، وبين معترض يرى أنها ستتسبب بخسائر كبيرة للعراق وضياع مساحات واسعة من أراضيه ومياهه لصالح إيران.
الطرف المعترض يشدد على ضرورة أن تعرض الاتفاقية على البرلمان، بوصفه الممثل الشرعي للشعب، وهو من سيقرر قبولها أو رفضها أو تعديلها.
وائل عبد اللطيف، النائب والوزير السابق، قال في حديث إلى "طريق الشعب"، أمس الأحد، إن "الاتفاقية بشكل عام لا تصب في مصلحة العراق، حيث وقعت هذه الاتفاقية بسبب اشتداد المعارك بين حكومة المركز والحركة القومية شمالي العراق وقرر صدام حسين إعطاء نصف شط العرب لأجل إفشال الحركة القومية الكردية وفعلاً حصل له ذلك لكن بعد ذلك ندم على ما أعطاه لإيران"، مضيفا أن "هذا الموضوع بقي على حاله من عام 1980وحتى عام 2003 حيث بدأت إيران تلوح بضرورة العودة إلى اتفاقية الجزائر وإيران بلد مستفيد طيلة الفترة الماضية، حيث حصلت على مسافات جديدة من شط العرب، وهذا اثر على العراق بشكل كبير جداً".
وأعلن وزيرا خارجية العراق هوشيار زيباري وإيران محمد جواد ظريف في طهران، الأربعاء الماضي، عن اتفاق البلدين على تنفيذ اتفاقية الجزائر الموقعة بين صدام وشاه إيران عام 1975 والخاصة بترسيم الحدود البرية والنهرية.
وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية أن الجانبين توصلا إلى تفاهمات واتفاقات حول كيفية المضي قدما وفق المعاهدة الخاصة بالحدود والبروتوكولات الملحقة والمبرمة بين البلدين عام 1975.
وتركزت المباحثات بين الوزيرين على تطوير العلاقات الثنائية، وحل جميع الملفات العالقة الخاصة بالحدود النهرية في شط العرب، والحدود البرية، والأنهار الحدودية المشتركة، بشكل يضمن مصالح وحقوق كلا الطرفين، من خلال إعادة خط الحدود (التالوك) إلى سابق عهده، وتنظيف وكري شط العرب وإزالة الغوارق، ومنع التلوث، والحفاظ على بيئة شط العرب، وتنظيم الملاحة لمصلحة موانئ البلدين، كما تم الاتفاق على استكمال العمل على الحدود البرية، والأنهار الحدودية المشتركة، وتقاسم مياهها، بحسب بيان الوزارة.
وبين عبد اللطيف أن "الاتفاقية مؤسسة على خط التالوك وليست مؤسسة على خطوط الطول والعرض، وبالتالي إيران تستفيد سنوياً من عملية ضم الأراضي إليها والحكومة العراقية ساكتة منذ عام 2003 إلى اليوم"، لافتا إلى أن "رئيس مجلس الوزراء صرح أثناء زيارته إلى إيران، بان اتفاقية الجزائر لعام 75 قائمة. فاذا كان الموضوع هكذا كان من المفترض على المالكي أن يطرح هذا الموضوع على مجلس الوزراء أولا ومجلس الوزراء يخرج بقرار، ولكن مجلس الوزراء ابقى على الاتفاقية على حالها سواء كانت معدلة أم غير معدلة ولا نعلم بذلك".
وشدد عبد اللطيف، على ضرورة أن تعرض على "مجلس النواب ليناقش من قبل ممثلي الشعب وهذا لم يحصل"، مشيرا إلى أن "الحدود البرية العراقية خسرت أكثر من خمسة كيلو متر ومساحات واسعة طولاً".
وتباينت الآراء في الأوساط البرلمانية حول الاتفاق العراقي الإيراني بشأن ترسيم الحدود وفق اتفاقية الجزائر، التي وقعها نظام صدام وتراجع عنها ليعود إليها مرة أخرى بعد انتهاء حرب الثماني سنوات.
النائب عن دولة القانون علي الشلاه قال لـ"إذاعة العراق الحر"، إن الوقت مناسب الآن لإعادة النظر باتفاقية الجزائر التي أضرت كثيرا بالمصالح العراقية.
ودعا النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون إلى ضرورة إرسال اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين وفق اتفاقية الجزائر إلى البرلمان العراقي للاطلاع على تفاصيلها، وهو الرأي الذي ذهب إليه وائل عبد اللطيف.
إلا أن واثق الهاشمي، المحلل السياسي، قال إن "اتفاقية 75 كانت في صالح العراق ولكن كثيرا من المتواجدين في المشهد العراقي كانوا يعترضون عليها باعتبار أنها تقسم نصف شط العرب وقد تكون الحدود المائية متفق عليها في هذا الاتجاه ونستفيد من الاتفاقات الدولية في قضية الدول المتشاطئة فيما بينها لحل هذه الأزمة"، مؤكداً إن "الوضع سيكون في صالح العراق وعلى الأقل نستطيع أن نؤمن نصف مياه شط العرب بما يسما بخط التالوك بين البلدين بما يحقق الاستقرار وعدم التدخل في شؤون البلد".
وأضاف لـ"طريق الشعب" أمس الأحد، إن "الاتفاقية اعتبرت حلاً وسطاً بين بلدين لإنهاء أزمة استمرت بينهما لأكثر من 700 عام واتفاقيات كثيرة توجد لم يكتب لها النجاح واليوم هذه القضية تأتي لتجاوز الكثير من المشاكل العالقة بين الطرفين، ولو ضمان الحدود الدنيا لاتفاق بين الطرفين"، معتبرا الاعتراضات التي أثيرت حول نية العراق التوقيع على الاتفاقية بأنها "من سياسيين لا يتفقون على أي شيء في كثير من القضايا فالعراق يريد أن تكون له علاقات متميزة مع إيران ويأمل من جانب أن تحل بقية المشاكل العالقة مع دول الجوار".
وبين الهاشمي "اعتقد أن قضية الحدود البرية لا تزال عالقة ولهذا السبب ذهب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إلى إيران للتفاوض بشأن هذه الإجراءات حيث أن وقتها مناسب، فالجانب العراقي يعتقد أن إيران تحاول أن تنفتح على العالم وتخلق أجواء جديدة"، مسترسلا "كما أن إيران تعتبر أن العراق وقف معها في قضية المفاعل النووي واستضافة 5 زائد واحد وكان له دور في تقريب وجهات النظر مع الجانب الأميركي في المفاوضات الأخيرة، لذلك يحاول العراق أن يستغل هذا الظرف للتأثير على صانع القرار في إيران من أجل الاتفاق على حدود دنيا بين الطرفين"، لكن الهاشمي اعترف أن "مشكلة الحدود ومشكلة الأراضي المختلف عليها ووجود حقول نفطية بين البلدين ستبقى قضية عالقة بينهما ونحتاج إلى مفاوض ماهر لديه خبرة دولية لحل هذه الأزمة".
أما في إيران فالأجواء تبدو أكثر تفاؤلا، إذ أعرب كبار المسؤولين الإيرانيين عن ارتياحهم لما تم التوصل إليه من نتائج ايجابية خلال المحادثات الخاصة بالحدود النهرية في شط العرب، والحدود البرية، والأنهار الحدودية المشتركة.
وفي مقابلة هاتفية أجرتها معه إذاعة العراق الحر أشار مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان إلى زيارة مرتقبة خلال الأسابيع القليلة المقبلة لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى بغداد للتوقيع على مذكرة تفاهم مشتركة لتنفيذ اتفاقية الجزائر.