مدارات

بعد الاقتحام الوحشي لحديقة غيزي في اسطنبول .. شهود عيان: "لقد كانت حربا حقيقية" / رشيد غويلب

اقتحمت الشرطة التركية حديقة غيزي في قلب اسطنبول بعد أن استخدمت أعدادا هائلة من قوات الشرطة والطوارئ المسلحة بأحدث وسائل القمع والمطاردة. وقال مراسلو وكالات الأنباء العالمية إن الشرطة أخلت الحديقة من المتظاهرين.
وقال أعضاء وفد ألماني ضم برلمانيين و نقابيين وصحفيين ونشطاء اجتماعين سافروا إلى اسطنبول في نهاية الأسبوع، بينهم عضو كتلة حزب اليسار الألماني هابكه هنزل، إن الشرطة استخدمت الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه، ونشرت صور على الانترنيت تبين كيفية اقتحام الشرطة لخيمة للمساعدات الطبية الموجودة في الحديقة. وقال صحفيون تواجدوا في مكان الحدث إن الشرطة هاجمت الحديقة في وقت كانت فيه مئات العوائل مع أطفالها تعيش أجواء احتفالية بهيجة.
وكانت الشرطة التركية قد اندفعت بأعداد هائلة، ووفق خطة معدة مسبقا ضد 10 آلاف محتج تجمعوا في الحديقة، مستخدمة خراطيم المياه والقنابل الغازية، ثم دخلت الساحة حفارات وشاحنات البلدية لإزالة آثار كل ما أقامه المحتجون خلال أسبوعين في الساحة.
وعبرت زعيمة حزب الخضر الألماني كلاوديا روت، التي عاشت عملية الاقتحام عن قرب، عن صدمتها: وقالت في وقت متأخر من مساء أمس الأول لوسائل الإعلام: "إنها الحرب. لقد طاردوا المحتجين في الشوارع، وأطلقوا عليهم قنابل الغاز بشكل مباشر ومقصود". وكتب سونكه ريكس عضو البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في موقعه على التويتر: "إن حرية التعبير والتجمع من الحقوق الأساسية، واردوغان يواجهها في اسطنبول بالعنف، وهذا ما يجب إيقافه فورا".
يذكر أن حزب اليسار الأوروبي قد اصدر بيانا تضامنيا مع المحتجين وأدان العنف الذي تمارسه الحكومة التركية. وصدر عن مؤتمر حزب اليسار الألماني الذي عقد في نهاية الأسبوع لإقرار برنامجه الانتخابي قرارا للتضامن مع الحركة الاحتجاجية في تركيا وقامت الشرطة بملاحقة الفارين والجرحى في الفنادق والأبنية القريبة من الساحة، وطوقت الشرطة المكان بالكامل ومنعت الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام من تغطية ما جرى. وكتب مراسل جريدة "تاتس" (الجريدة اليومية) الألمانية على موقعه في التويتر أن "أردوغان يمثل الخطر الأكبر على امن تركيا، وعلي? إيقاف العنف ضد شعبه"، وقال مراسل القناة الثانية في التلفزيون الألماني "لقد منعونا من دخول المكان".وقد تلقى رئيس الحكومة التركية نقدا من شركائه الغربيين على خلفية استخدامه العنف الوحشي ضد المحتجين. ووفقا لتقارير اتحاد الأطباء الأتراك فقد قتل أربعة محتجين، وبلغ عدد الجرحى 7500 منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في نهاية أيار الفائت.
وقد أدان تحالف المحتجين في ساحة التقسيم "تضامن التقسيم" الهجوم الحكومي واصفا إياه في بيان أصدره أمس بـ"الهجوم الوحشي"، داعيا إلى الإيقاف الفوري للعمليات القمعية التي تمارسها شرطة أردوغان. فيما استمرت المناوشات خلال الليل بين مجموعات صغيرة من المحتجين وقوات الشرطة.
وأعلنت الحكومة عن إجراءات صارمة ضد المحتجين. ونقلت جريدة "حريت ديلي نيوز" عن وزير شؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي باغيس قوله، ستتم معاملة كل من يدخل ساحة تقسيم على انه إرهابي. وسبق للوزير أن انتقد بقوة الأربعاء الفائت، تقارير وسائل الإعلام العالمية بشان الحركة الاحتجاجية، وكرر مرات عديدة انتقاده لما سماه التدخل الخارجي في الشؤون التركية.جاء تدخل قوات الأمن بعد أن كان أردوغان هدد بالإخلاء القسري لمتنزه "غيزي" بميدان تقسيم في اسطنبول، وقال "غدا الأحد إذا لم يخل المحتجون ميدان تقسيم، فإن قوات الأمن ستعرف ك?ف تخليه". وكان المحتجون قد تعهدوا بمواصلة احتلال متنزه (غيزي) بمدينة اسطنبول، ردا على فشل الحكومة في التعامل مع مطالبهم المشروعة، بما في ذلك الإفراج عن المتظاهرين المعتقلين وإقالة قيادات الشرطة التي نفذت العنف ضدهم.
ومن المعروف أن الاحتجاج ضد إزالة حديقة غيزي قد تحول إلى شرارة أشعلت فتيل احتجاجات واسعة للمطالبة بالعدالة الاجتماعية، وضد استبداد حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، وسعي رئيس الوزراء إلى الاستمرار في سياسة قضم الحريات العامة واسلمة النظام السياسي في تركيا التي عرفت بتقاليدها العلمانية منذ تأسيس الجمهورية الحديثة فيها في مطلع عشرينيات القرن العشرين.