مدارات

التعليم.. والتحديات الآنية والمستقبلية / نعمة عبد اللطيف

نتيجة للتغييرات المتسارعة التي حدثت في الالف الثالثة وما قبلها اصبح التعليم في جميع انحاء العالم يواجه تحديات عديدة. اما في عراقنا الغالي فالتحديات فيه اعم واشمل واعمق لما اصاب التعليم من خلال سنوات تبعيثه وعسكرته ايام الحكم الصدامي ولما لحق به في سنوات الاحتراب الطائفي البغيض التي ولدت الكثير من المآسي والفواجع.
كل ذلك ادى الى تدهور المجتمع العراقي في قيمه وسلوكياته. والتعليم ابن المجتمع وصنيعته واسس تقدمه ورقيه اصابه ما اصاب الوطن من مصائب وعقبات وانعكس عليه كما اثر على المجتمع. فتردت انتاجيته وتخلفت قيمه وساءت اساليبه وتباطأت مسيرته وبدل ان يقدم المجتمع شده الى الخلف. ولهذا كله فمن الطبيعي ان يواجه التعليم في مجتمعنا تحديات متنوعة وعديدة وفيما يلي بعض منها:
اولا: الالتزام بروح المواطنة والسلام الاجتماعي
لقد شبعنا من الدماء والدموع وطغيان المصالح الشخصية والمنافع الذاتية والتعصب والعنف وعدم الشعور بالمسؤولية وعتموا تماما على المفاهيم والقيم التي تتعلق بحرية الفرد ومعتقداته وكل ما يتعلق باحترام التنوع الفكري والحريات الشخصية والتضامن الاجتماعي. وبناء على ذلك تحتم على التعليم امور كثيرة منها.
1- ادخال ونشر مفاهيم جديدة وقيم انسانية تتعلق بالالتزام بمبادئ وحقوق الانسان ومبادئ المواطنة.
2- نشر الوعي السياسي والديمقراطي والتأكيد على حرية الاديان وحرية الرأي والفكر.
3- ازالة كل اشكال التمييز والتعصب ونشر مفهوم التسامح وقبول الرأي الاخر.
4- توجيه التعليم والدارسين نحو حماية هذه الحقوق لتعزيز التعاون والاحترام والتضامن وتنمية الحوار الهادف وروح التفتح واحترام حرية وفكر ومعتقدات الآخرين.
5- يتوجب على التعليم ان يؤكد على مبادئ العدالة والديمقراطية وثقافة التسامح. ونبذ العنف وادانته لنصل الى مجتمع يسوده السلام والعدالة وصيانة جميع حقوق المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم.
ثانيا: المساءلة والشفافية: ويتمثل هذا التحدي بضرورة:
1- تحقيق المشاركة المجتمعية في المسؤولية التربوية ورقابة المجتمع للتعليم بجميع مستوياته وانواعه ومساعدته لتحقيق اهدافه.
2- على التعليم ان يقبل ويرحب بتعاون ومساءلة المجتمع لمؤسساته للتأكد من درجة تمكنها من تحقيق الاهداف المرسومة لها.
3- يستحسن ان ينفتح التعليم على المجتمع وان يؤدي مهماته بشفافية ووضوح وان يتقبل مبدأ النقد والتقويم بهدف تحسين كفاءته الانتاجية وتحقيق اهدافه التربوية لان التعليم لا يستطيع بمفرده ان يؤدي مهماته بل يحتاج الى تعاضد وتعاون جميع المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لدعم برامجه ونشاطاته من خلال ايجاد شراكة حقيقية بين التعليم من جهة والاسرة ومنظمات العمل المدني والاعلام والمؤسسات الثقافية والاقتصادية من جهة اخرى وهناك قول مأثور مفاده ان: (اقرار الحرب قرار خطير لا يجوز ان ينفرد باتخاذه العسكريون وحدهم). وبالمقابل فان القرار التربوي ايضا قرار خطير لا يجوز ان ينفرد باتخاذه التربويون وحدهم. ومن جانبنا ومن منطلق حرصنا على نجاح المسيرة التربوية التعليمية كنا نطمح مشاركة التربويين من خارج وزارة التربية في عملية تطوير المناهج الدراسية لا ان تنفرد وزارة التربية بهذا العمل.
ثالثا: معايير الجودة:
ان التطور الذي حصل على معايير الجودة للمدرسة الفعالة يعتبر من اهم التحديات التي تواجه التعليم. اذ فرض على التعليم ان يطور اداءه ويعمل باستمرار على تحديث مناهجه ورفع انتاجية وزيادة فاعليته من اجل مواكبة معايير الجودة وضمانها.
رابعا: التطور التكنولوجي المتسارع:
يقصد بالتطور التكنولوجي التطور المعرفي في مجال النتاج وهذا فرض على التعليم تحديا جديا وحتم عليه اتخاذ تغييرات جوهرية في مناهج التعليم والاساليب التربوية التعليمية ومضامينها ومراجعة استراتيجيات التعليم والانتفاع بكل ما قدمته التكنولوجيا في المجال التعليمي وتوظيفه من اجل الوصول الى المعلومات والاستفادة منها في مختلف جوانب الحياة.
خامسا: متطلبات التنمية وسوق العمل:
بالرغم من ان مجتمعنا لايزال متخلفا عما حدث في الدول الاخرى من تطورات اقتصادية واجتماعية وعمرانية الا اننا بحاجة الى: ان نطلب من التعليم ان يؤهل الدارسين لممارسة الحياة في عالم متطور لاننا نأمل حدوث تغييرات جذرية في مجال معطيات موارده وامكاناته مهما كان حجمها في سبيل دفعه نحو التقدم والرقي لذا يجب ان نهتم بتوفير نوع معين من التعليم قادر على خدمة اهداف معينة حددها المجتمع لنفسه في مرحلة من مراحل تطوره.