مدارات

التحديات التي تواجه الحركة المناهضة للفاشية / رشيد غويلب

شهدت العاصمتان اليونانية أثينا والألمانية برلين، في الفترة 11 - 13 نيسان، مؤتمرين لمناقشة التحديات التي تواجه الحركة المناهضة للفاشية، في محاولة للاجابة على اسئلة هامة تواجه هذه الحركة في عموم اوربا منها: ما هو تأثير الازمة الاقتصادية على تصاعد مؤشر اليمين المتطرف في العديد من البلدان الاوربية؟ هل تعاني الحركة المناهضة للفاشية في المانيا من ازمة؟ للاجابة على هذه الاسئلة وغيرها التأم في الجامعة التقنية في برلين مؤتمر بعنوان "هل الحركة المناهضة للفاشية في ازمة؟" نظمته مؤسسة روزا لوكسمبورغ، وشارك فيه 400 ناشط يمثلون 11 بلدا. وفي اثينا انعقد مؤتمر مماثل لمناقشة استراتيجيات مواجهة صعود اليمين. وقد تبادل المشاركون في المؤتمرين التحايا التضامنية عبر شاشة صغيرة وضعت في قاعة المؤتمر.
وقدمت في جلسة الافتتاح في برلين تقارير عن الوضع في اليونان، السويد، فرنسا، وهنغاريا. وتركز النقاش حول مدى نجاح اليمين الأوربي في توظيف الازمة الاقتصادية لتحقيق نجاحات سياسية وانتخابية، ولعل ما حققته "الجبهة القومية" بزعامة مارينا ليبون في انتخابات البلديات الفرنسية خير مثال على ذلك. وتحاول ليبون ان تقدم يمين متطرف لا يحيد عن قيم العنصرية والكراهية الفاشية، ولكنه يرتدي رداء معاصرا بهدف تجاوز عزلته.
وقال هيس كورديليا القادم من العاصمة السويدية ستوكهولم، "لا يلمس المتابع تأثيرا واضحا للأزمة الاقتصادية في تمثيل حزب "السويد الديمقراطي" اليميني الشعبوي في البرلمان، ولكن يعود ذلك لنجاحهم في توظيف النقد للاتحاد الاوربي، واليورو". وعلى عكس ذلك قدم اليوناني أبوستولوس كابساليس عرضا لكيفية استفادة حزب "الفجر الذهبي" الفاشي من الازمة ليصبح القوة الثالثة في البرلمان اليوناني. وفي هنغاريا استطاع حزب "جوبيك" (الافضل) الفاشي الحصول على أكثر من 20 في المائة من الاصوات في الانتخابات التي جرت في أوائل ابريل/ نيسان. ولا ترى آناماريا ارتر القادمة من بودابست علاقة بين هذه النتجة والازمة المالية، بل ان القضية مرتبطة بالتطورات التي عاشتها هنغاريا بعد انهيار التجربة الاشتراكية عام 1989.
وعكست مجريات نقاش اليوم الاول بوضوح عدم امكانية وضع التطورات في البلدان المختلفة في مسار واحد، لذلك فان الاستراتيجيات لمواجهة اليمين المتطرف يجب ان تكون متحركة وحسب خصوصية البلد المعني دون اهمال المشتركات التي توحد الجميع. وعليه جرى توزيع المؤتمرين على ورش عمل لتعميق المناقشات.
وخصص محور آخر لمناقشة احتمال وجود ازمة في الحركة المناهضة للفاشية ذاتها. وخرجت حلقة النقاش الرئيسية في اليوم الثاني باستنتاج مفاده "هناك الكثير الذي يجب القيام به". ومن خلال مجريات المؤتمر برزت اسئلة بخصوص التجربة التاريخية، مثل الكيفية التي كانت تجري فيها تصفية المناهضين للفاشية خلال سنوات العمل السري في عهد الفاشية 1933 - 1945 على الرغم من المعرفة الجيدة بهيكلية وأساليب المنظمات النازية. ولماذا كان صعبا على الحركة المضادة للفاشية التوصل إلى استنتاجات بشأن كيفية التعامل مع الدور الحكومي وأجهزة المخابرات، ومع هياكل النازية الجديدة، ومؤسساتها المجتمعية العنصرية؟ ومنذ خريف العام الفائت لوحظ تصاعد التعبئة العنصرية ضد ايواء اللاجئين. وجرى التأكيد على الاستراتيجيات العملية التي برزت اثناء مواجهة التعبئة العنصرية وحركات النازية الجديدة اثناء احداث منطقة هلرسدورف في برلين، وعلى الرغم من المعرفة المتراكمة خلال عقد التسعينيات لم تستطع الحركة المناهضة للفاشية من تحقيق تغيير مستدام لمثل هذه الأوضاع.
وما الذي على الحركة المناهضة للفاشية القيام به، عندما لا تواجه منظمات نازية جديدة تقليدية؟، كما هو الحال مع حزب "البديل من اجل المانيا" اليميني الشعبوي حديث التأسيس، والذي يحاول دفع الخطاب السياسي في المجتمع نحو اليمين، ولكن بلا ممارسات نازية تقليدية. وهنا لا تستطيع مفاهيم مناهضة الفاشية المعروفة ان تفعل الكثير. وبهذ الخصوص يؤكد جان شلممياير من تحالف "كل شيء" على " يجب علينا تحليل الاشتراكية القومية والشوفينية التي تقف وراء الأشكال الجديدة لليمين المتطرف ونقدها".ان اشكال العنصرية الجديدة كما يقدمها "حزب البديل من اجل المانيا" توفر مادة غزيرة للنقد. وفي نهاية المطاف كان المؤتمر وقفة مفيدة للحوار هناك ضرورة لتعميقها واستكمالها لكي لا تفقد الحركة المناهضة للفاشية امكانيات المبادرة.