مدارات

جنوب افريقيا.. المؤتمر الوطني الافريقي يفوز في الانتخابات البرلمانية / رشيد غويلب

فاز المؤتمر الوطني الافريقي مجددا في الانتخابات البرلمانية الخامسة، وفي انتخابات المجالس الوطنية في المحافظات، التي جرت في جنوب افريقيا في السابع من الشهر الحالي، ويقود الحزب الذي تزعمه وقاده نيلسون مانديلا للفوز في اول انتخابات ديمقراطية شهدتها البلاد، على اثر نهاية نظام الفصل العنصري في عام 1994، يقود تحالفا حاكما يضم الى جانبه الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا، واتحاد نقابات العمال..
وحصل المؤتمر على 63 في المائة من اصوات الناخبين، في الانتخابات التي بلغت نسبة المشاركة فيها 73.1 في المائة من 25 مليون مواطن يحق لهم التصويت. وحافظ المؤتمر الوطني الافريقي على نتائجة في اول انتخابات شهدتها البلاد في عام 1994 ، ولكنه خسر نسبة طفيفة لا تتجاوز 3 في المائة مقارنة بآخر انتخابات عامة في عام 2009 . وعلى الرغم من ذلك يظل المؤتمر الوطني الافريقي بالنسبة للملايين في جنوب افريقيا الحزب الذي هزم نظام الفصل العنصري، وحرر البلاد وقادها الى الحياة الديمقراطية.
واستطاع المؤتمر الفوز بنسبة تتراوح مابين 70 - 80 بالمائة في جميع محافظات البلاد، باستثناء محافظة "الكاب الغربية"، التي يحكمها، منذ عام 2009 "التحالف الديمقراطي" اليميني المعارض، الذي حصل على 22 في المائة من اصوات الناخبين في عموم البلاد، وفشل في الوصول الى هدفه المعلن، والذي حدده بـ 30 بالمائة على الاقل، ولكنه استطاع الحفاظ على اكثريته في محافظة الكاب الغربية. وبهذا يصبح هدف "التحالف الديمقراطي" في الوصول الى سدة الحكم في انتخابات 2019 صعب وبعيد المنال.
وحل ثالثا حزب "مناضلي حرية الاقتصاد" بزعامة يوليوس ماليما الرئيس السابق لشبيبة المؤتمر الوطني الافريقي، بحصوله على 6 في المائة في اول انتخابات يشارك الحزب فيها. واستطاع الحزب احتلال المرتبة الثانية في محافظتين، بالاضافة الى حصوله على 13 في المائة من الاصوات في محافظة شمال الغرب التي عاشت اضرابا استمر ثلاثة اشهر لعمال مناجم البلاتين في عام 2012 ، وشهدت صدامات بين الشرطة والعمال المضربين ادت الى استشهاد 34 من عمال المناجم، ويبدو ان حزب "مناضلي حرية الاقتصاد"، الذي يتبنى خطابا "يساريا" نجح في استقطاب الغاضبين على الحكومة، على خلفية ما حدث.
لقد استطاع الرئيس الحالي ان يقود المؤتمر الوطني الافريقي الى انتصار جيد، يسمح له بادارة البلاد في الخمس سنوات القادمة ولكن عليه ان يتجاوز المصاعب التي عاشها في دورة رئاسته الاولى نتيجة لتداعيات الازمة المالية - الاقتصادية العالمية، التي كلفت البلاد فقدان مليون فرصة عمل. وكذلك عليه تجاوز فضيحة الفساد التي طالته، لكي يستطيع قيادة البلاد، بعد 20 عاما من نهاية نظام الفصل العنصري، الى مرحلة التحول الجذرية، التي يطالبه بها حلفاؤه في الحزب الشيوعي واتحاد نقابات العمال. وسيكون توازن القوى داخل التحالف اليساري الحاكم حاسما في تحديد توجهات الحكومة. ويطالب الحليفان الرئيسيان للمؤتمر الوطني الافريقي، الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا، و اتحاد نقابات العمال، بتغييرات جوهرية في خطة التنمية الوطنية، التي تنوي الحكومة انجازها حتى عام 2030 ، والقضايا الرئيسية المختلف عليها، هي حقوق العمال، وتعزيز عملية تصنيع البلاد، وتحولات اقتصادية جذرية تزيل التعارض بين سلطة سياسية يقودها اليسار، ونظام اقتصادي ما زالت تهيمن عليه الشركات الرأسمالية. وبهذا الخصوص اقر المؤتمر الاخير للحزب الشيوعي في جنوب افريقيا "برنامج العشر سنوات" وهي وثيقة شاملة تفصيلية تقيم تجربة الحكم السابقة، وتضع برنامجا للتحول الجذري صوب الاشتراكية.