مدارات

البرازيل.. اليمين يوظف هزيمة المنتخب في الحملة الانتخابية! / رشيد غويلب

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة في البرازيل، التي ستجري في الخامس من تشرين الأول المقبل، ومع تصاعد حظوظ رئيسة الجمهورية الحالية ديلما روسيف في استطلاعات الرأي لجأ منافسوها الى توظيف الهزيمة المفاجئة والقاسية لمنتخب البلاد الكروي في الدور نصف النهائي أمام ألمانيا، التي ستخوض اليوم المباراة النهائية أمام الأرجنتين، لجأوا إلى تحويل انعكاسات الحدث الكروي الحزين الى موضوعة في ساحة الصراع الانتخابي المتصاعد هناك.
وبدأ سياسيو الحكومة المعارضة بتبادل التصريحات. مرشح اليمين لرئاسة الجمهورية وصف الهزيمة الكروية بـ "الإهانة" وأعلن عن ضرورة التغيير السياسي الفوري في السياسة في البرازيل، وكتب الثلاثاء الفائت، على صفحته على التويتر: "ليس من الضروري إعادة النظر في وضع المنتخب الوطني فقط، وإنما في وضع البرازيل ككل".
ووجد كراتسيانو وهو منافس من الحزب الديمقراطي الاجتماعي يقف على يمين حزب العمل البرازيلي الحاكم كلمات قاسية لوصف هزيمة بلاده الكروية: "من المؤكد ان الذنب يتحمله لويز فيليبي سكولاري" (مدرب المنتخب البرازيلي)، ومن الواضح ان اللاعبين فشلوا، ولكن كل ما قاما به لولا وخلفه ديلما كان خطأ، وكل شيء في البرازيل يجب ان يتغير" في إشارة منه الى السياسات التي اعتمدها الرئيس البرازيلي السابق "دي لولا" ورئيسة الجمهورية الحالية "دليما روسيف".
من جانبها، ردت الحكومة على تحميلها المسؤولية، وانتقدت تعامل المعارضة مع الهزيمة، وصرح خوسيه إدواردو كاردوزو، وزير العدل في حكومة حزب العمال، بعد المباراة مباشرة: " من يحاول ان ينقل الهزيمة الكروية الى ملعب الحملة الانتخابية، فانه يسجل هدفا في مرماه، وان هذا التسييس مثير للسخرية". ورد زير شؤون المؤسسات ريكاردو، على تصريحات المعارضة: من حيث التنظيم، تعتبر بطولة وكأس العالم بلا شك نجاحا، ولكن عانت البرازيل من هزيمة غير متوقعة، و الذي يريد الآن توظيف ذلك سياسيا، سيتلقى رد الناخبين.
وبدت رئيسة الجمهورية ديلما روسيف حزينة جدا للهزيمة، وطالبت البرازيليات والبرازيليين بـ"النهوض ونفض الغبار عنهم والنظر الى أمام". وعلى الرغم من النقد ستقوم بتسليم الفائز في مباراة اليوم كأس البطولة.
وكانت الحكومة قبل هزيمة المنتخب الوطني قد عبرت عن سعادتها بسير مجريات البطولة، وأكد استطلاع للرأي نظمه معهد مختص عن ارتفاع حظوظ رئيسة الجمهورية بولاية ثانية خلال أيام المسابقة العالمية من 34 في المائة الى 38 في المائة. ولكن العديد من المراقبين يتوقعون انخفاض هذه النسبة. فبعد نهاية مباراة البرازيل وألمانيا حدثت اعمال شغب في العديد من المدن البرازيلية، وقام مجهولون في ساو باولو باحراق 20 حافلة وتسبب الحادث في إحداث خسائر كبيرة جدا.
وفي هذه الأثناء غيرت الشرطة من استراتيجيها، التي يمكن ان تعيق موجة جديدة من الاحتجاجات، حيث تم اعتماد إجراءات استباقية مثل محاصرة التظاهرات قبل انطلاقها، والقيام بحملات تفتيش واعتقالات، وزيادة عديد قوات الشرطة المشاركة في مواجهة المحتجين. وينتقد استير سولانو غاليغو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ساو باولو ما يحدث بالقول: "ان الحوار الذي كان قائما، لا وجود له بعد الآن. والأجواء قد تغيرت كثيرا. وبالكاد يتم التسامح مع الاحتجاجات وسيكون هناك المزيد من العنف".
يذكر ان بطولة كأس العالم كانت مناسبة لتحريك موجة احتجاجات جديدة في البرازيل، والبرازيليون لم يحتجوا ضد اللعبة، ولكن ضد أداء الإدارة العامة للاستعدادات والفعاليات وما رافقها من فساد وتلاعب. لقد وصلت الاستثمارات في تنظيم البطولة الى 8.2 مليار يورو، والناس يعتقدون، انه كان بالإمكان توظيف هذه الميزانية لبناء مدارس، ومساكن، ومستشفيات افضل. ولأهمية كرة القدم وتأثيرها الواسع في الرأي العام داخل البرازيل وخارجها، قاموا بتوظيفها لإثارة انتباه حكومتهم والرأي العام العالمي، وبهذا المعنى كان كأس العالم إمكانية لفضح الفساد الذي رافق عملية بناء المرافق الرياضية.