مدارات

الشيوعي الياباني يدعو للدفاع عن مواد السلام في الدستور / رشيد غويلب

طالب " كازو شيى" زعيم الحزب الشيوعي الياباني الحكومة اليمينية اليابانية بقيادة "الديمقراطيين الليبراليين" الى سحب قرارها بشأن تفسيرها المستقبلي لمفهوم "الحق في الدفاع الجماعي عن النفس"، الوارد في الدستور.ومن المعروف، ان القرار الحكومي الصادر في الاول من تموز الجاري، يعتبر عالميا، واحدا من أكبر التغييرات السياسية، في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
واتفقت احزاب التحالف الحاكم على "تفسير جديد" للدستور، لا يسمح فقط بزيادة وتعزيز كبير للقوات المسلحة اليابانية وتسلحيها، بل يسمح ايضا بمزيد من العسكرة من البلاد وسياستها الخارجية، ويفتح الابواب امام تدخل الجيش الياباني في الصراعات الدولية، وخارج حدود بلاده التي الزمه الدستور حصرا بالدفاع عنها.ويتضمن الدستور الياباني، الذي وضع في اعقاب مأساة القصف الوحشي الامريكي بالقنابل النووية لمدينتي هيروشيما و ناكازاكي في 6 و 9 آب 1945 ،يتضمن في مادته التاسعة، تخلي الشعب الياباني " وفي جميع الاوقات عن الحرب كحق سيادي للامة، وعن التهديد واستخدام القوة كوسيلة لحل النزاعات الدولية" وتتضمن المادة ايضا "ومن اجل تحقيق الهدف الوارد في الفقرة السابقة، سوف لا يتم تمويل قوات مسلحة في البر والبحر والجو. ولا يعترف بحق الدولة في شن الحروب"، وبهذا يكون الدستور الياباني في حينه، قد تجاوز في مضمونه السلمي دستور المانيا الاتحادية، الذي اقر بعد هزيمة النازية الالمانية نهائيا.
ومن الجدير بالذكر ان هذا المضمون السلمي قد تم تجاهله بشكل تدريجي في اجواء الحرب الباردة في خمسينيات القرن الفائت، عندما تم في عام 1954 تحت تأثير الولايات المتحدة وتدخلها المباشر تأسيس "قوات الدفاع الذاتي" . وعبر "اتفاقية الأمن" مع الولايات المتحدة تم جر اليابان في اطار الخطط العسكرية الامريكية في الشرق الاقصى. وتحتفظ الولايات المتحدة الى يومنا هذا بقواعد عسكرية كبيرة في الجزر اليابانية، على الرغم من الانهاء الرسمي للاحتلال الامريكي لليابان منذ عقود. ولكن نشاط الجيش الياباني ظل محصورا رسميا في الدفاع عن بلاده في حال وقوع اعتداء خارجي عليه.
والآن تريد الحكومة إعادة تفسير المادة الدستورية، بشكل يتيح اشتقاق مشاركة القوات اليابانية في "العمليات العسكرية الجماعية" من مفهوم "الحق في الدفاع الجماعي عن النفس" ، مشاركة الجيش الياباني في العمليات العسكرية خارج الحدود البرية والبحرية اليابانية، جنبا إلى جنب مع "الحلفاء" أو في إطار الأمم المتحدة ،على الرغم من عدم تعرض اليابان نفسها للهجوم. ويلاحظ المتابعون تخوف الحكومة وترددها في الاقدام على تغيير دستوري ترفضه الغالبية العظمى من اليابانيين، أي تغيير او الغاء المادتين اللتين تنصان على الالتزام بالسلام في الدستور. وفور اعلان الحكومة عن تفسيرها الجديد، تظاهر الآلاف ضد التوجه الحكومي.
وشدد زعيم الحزب الشيوعي الياباني في تصريحه على ان توجه الحكومة لتجاوز مضمون الدستور الاساسي بقرار منها، يتعارض مع كل ما عاشته البلاد في العقود التي تلت نهاية الحرب العالمية، ويجعل من اليابانيين امة تمارس القتل وتقتل. وسوف لن يؤدي ذلك الى حماية البلاد، ولكنه سيجبر الشباب الياباني على" إراقة الدماء خدمة لحروب الولايات المتحدة الامريكية، ويدفعهم سوية مع الجيش الامريكي لاشهار السلاح بوجه شعوب بلدان أخرى". وفي ما يتعلق بقضايا الحرب والسلام يجري دفع اليابان الى "نقطة حرجة" في سنوات ما بعد الحرب. وان مسار النضال حول هذه القضية سيحدده "الرأي العام والحركة الشعبية"، لهذا يدعو الحزب الشيوعي الياباني الى "توحيد اصوات جميع المواطنين العقلاء، الذين يتصدون للتوجهات الحكومية الرامية لتدمير المادة التاسعة من الدستور، التي تمثل انجازا وطنيا رائعا تفتخر به اليابان". و لتحقيق اوسع مشاركة يدعو الحزب الشيوعي الياباني الى توحيد الرأي العام، والى والمشاركة في هذا الجهد النضالي.