مدارات

في اوربا وامريكا اللاتينية واسرائيل .. الآلاف يدينون العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة/ رشيد غويلب

العدوان الاسرائيلي المستمر منذ ما يقارب الشهر على قطاع غزة، خلف اكثر من الفي ضحية يشكل المدنيون العزل غالبيتهم العظمى، وخلف دمار طال البنى التحتية، الشحيحة اصلا في القطاع، بفعل الاستمرار الكمي والنوعي للغارات الوحشية. ويبدو واضحا للعيان التعتيم الاعلامي على حركة التضامن مع الفلسطينيين، وعلى حركة الاحتجاج المتسعة في اوربا وامريكا اللاتينية، وبقاع العالم الاخرى،ضد استباحة الدم الفلسطيني، الذي يمارسه اللوبي الداعم لإسرائيل، والمهيمن على المؤسسات الاعلامية، ووكالات الانباء الاكثر تأثيرا في العالم، فضلا عن توظيف الماكنة الاعلامية الاسرائيلية لموضوعة التعاطف مع اليهود، وتحويلها الى تضامن مع الصهاينة، واتهام كل من يوجه النقد لسياسة اسرائيل العدوانية بالعداء للسامية. يضاف الى ذلك موقف الكثير من القوى السياسية والاجتماعية في العالم من طبيعة حركة "حماس"، والمنظومة الايديولوجية المتطرفة التي تتبناها منذ سنوات انطلاقها الاولى. ويبقى، في كل هذا، الخاسر الاول هو شعب فلسطين وقضيته العادلة.

وعلى الرغم من كل ذلك فقد شهد العديد من العواصم الاوربية في نهاية الاسبوع الفائت تظاهرات وتجمعات احتجاج شارك فيها الآلاف، طافت شوارع باريس ولندن، وتل ابيب ، وشهد العديد من المدن الالمانية الكبيرة تظاهرات مماثلة. وقد طالب المتظاهرون بوقف دائم لإطلاق النار، وتحقيق السلام في الشرق الاوسط، ولم تشهد هذه التظاهرات رفع شعارات عنصرية، او معادية للسامية. وفي مقاطعة "هسن" الالمانية طالبت منظمات الجالية الاسلامية الحكومة الاسرائيلية وحركة "حماس" بـ"الكف الفوري عن استخدام العنف"، وفي العاصمة برلين شارك، الاحد الفائت، ممثلو الديانات المختلفة بصلاة جماعية من اجل السلام في الشرق الاوسط.

وفي لندن تظاهر السبت الفائت الآلاف ضد العدوان الاسرائيلي، وتجمع المتظاهرون اما السفارة الفلسطينية في العاصمة البريطانية، وسار باتجاه مقر البرلمان البريطاني، حاملين لافتات كتب عليها: "اسرائيل دولة ارهابية"، و"الحرية للفلسطينيين". وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، على الرغم من منع التظاهر يوم السبت، تجمع المئات للاحتجاج ضد العنف في غزة، وحمل المشاركون الاعلام الفلسطينية، وهتفوا " اخرجوا اسرائيل من فلسطين". وعلى هامش التظاهرة حدثت اضطرابات، واجهتها الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع وقامت باعتقال 40 متظاهرا.

امريكا اللاتينية تحتج ايضا

وانطلقت في العديد من بلدان امريكا اللاتينية حركة احتجاج واسعة ضد العدوان الاسرائيلي، نظمتها منظمات المجتمع المدني في هذه البلدان ، التي اعترفت اغلب حكوماتها بالدولة الفلسطينية، وتتبنى حكوماتها اليسارية نهجا ثابتا في التضامن مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتدعم خيار الدولتين لحل الصراع في الشرق الاوسط.

ومع بدء العدوان على قطاع غزة دعت " لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني"، التي تضم عددا من منظمات المجتمع المدني، الى تجمع احتجاجي امام السفارة الاسرائيلية في العاصمة الارجنتينية بونس ايرس، شارك فيه الف مواطن، ورفع المشاركون في الاحتجاج شعارات مثل: "اسرائيل تكذب"، وطالب المحتجون الحكومة الارجنتينية، باعتبارها عضوا في مجلس الامن في دورته الحالية، بفعل كل ما تستطيع من اجل السلام واعتماد القانون الدولي، وتقدم التجمع اعضاء من الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في الارجنتين.

وفي رسالة هامة لرفض النهج الاسرائيلي ، اصدر 64 مثقفا من مختلف أنحاء العالم، بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان والحائزين على جائزة نوبل للسلام "ادولفو بيريز اسكيفل" من الأرجنتين و "ريغوبرتا منشو" من غواتيمالا، نداء طالبوا فيه اسرائيل بوقف قصف قطاع غزة، كما طالب النداء أيضا الأمم المتحدة بفرض حظر على الأسلحة، وانهاء التعامل العسكري مع اسرائيل ، مشابه للحظر الذي كان معمولا به ضد نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا.

ونظمت الاتحادات الطلابية في العديد من الجامعات الشيلية حركة احتجاجية، وطالب وسائل اعلام تقدمية، وناشطون في منتديات التواصل الاجتماعي بطرد السفير الاسرائيلي من العاصمة الشيلية. ونظمت تظاهرات مماثلة امام السفارتين الفلسطينية والإسرائيلية في العاصمة الفنزويلية كراكاس، وعاصمة السلفادور.

رفض الحرب يتسع داخل اسرائيل

وشارك السبت الفائت 7 آلاف اسرائيلي في التظاهرة، التي دعت اليها قوى اليسار ومنظمات حقوق الانسان في اسرائيل، وطالب المتظاهرون بالخروج من دائرة الحل العسكري للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. ولم يكن واضحا حتى اللحظة الاخيرة ان السلطات الاسرائيلية ستوافق على اجازة التظاهرة، مما ادى الى حرمان الاف اخرى من المشاركة فيها. ولم تعد الدعوة للتظاهر والمشاركة فيه مقتصرة على احزاب ومنظمات اليسار، بل ان دائرة الداعين السلام ورفض العنف تتسع داخل اسرائيل، فقد دعا للتظاهر ايضا حزب "حداش" وهو حزب اشتراكي يضم العرب واليهود، و"منتدى العائلة"، وهو تجمع مختلط يضم ذوي ضحايا الصراع من الإسرائيليين والفلسطينيين ، ومنظمة "مناضلين من اجل السلام" ، وهي منظمة تضم جنودا اسرائيليين سابقين، ومقاتلين سابقين في المقاومة الفلسطينية. ويلاحظ المتابعون تعمق الانقسام في الوسط السياسي الاسرائيلي بين الصقور و "الحمائم"، وان الاحزاب الصهيونية المتطرفة تفقد الكثير من ناخبيها، فضلا عن زيادة تضائل الدعم في اوساط واسعة داخل المجتمع الاسرائيلي لنهج الحرب والغطرسة ، الذي يطبع السياسة الاسرائيلية الى ألآن.