مدارات

الإصلاح الزراعي بحاجة إلى قانون موحد / عاصي دالي

بمناسبة مرور 56 عاماً على صدور أول قانون للإ صلاح الزراعي في العراق (رقم 30 لسنة 1958) وبالنظر لأهمية الإصلاح الزراعي الذي يعتبر جوهر الثورة الوطنية الديمقراطية، اذ تناولته أدبيات الحزب الشيوعي العراقي منذ نشأته في 31 آذار عام 1934 بشكل واسع ومكثف، كما نشرت مجلة الثقافة الجديدة في سبعينيات القرن الماضي عدة بحوث ودراسات عن القضية الزراعية وبإسهاب، حيث جاء في احدى النشرات ان الارض الزراعية في العراق كانت ومنذ العصور القديمة بحكم نمط الإنتاج الآسيوي فيها ملكا للدولة وبقى الحال كذلك في صدر الإسلام عندما تقرر في اجتماع شورى المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتح العراق إبقاء ملكية رقبة ارض السواد لبيت المال وفي العهود اللاحقة لذلك.

السرد التاريخي لملكية الارض الزراعية

وبطبيعة الحال لم يسلم مبدأ ملكية الاض لرقبة بيت المال من التعرض من قبل الفئات الحاكمة عن طريق تحويل الأراضي الخراجية إلى عشرية وعن طريق القطائع التي اوجدت شكلا من أشكال الإقطاعيات الواسعة فيه مما هو معروف لدى الباحثين المعنيين بالمسالة الزراعية وملكية الأرض في العراق وبقى الحال على ما هو عليه بعد الاحتلال البريطاني للعراق حيث أعلن القائد العام لقوات الاحتلال بالبيان المرقم 15 في 18 كانون أول لعام 1918 اعتبار الأشخاص الذين بيدهم حجج من الحكومة التركية الحق في تملك أراضي اميرية كمستأجري أراضي طابو لحين تعيين هيئات لتدقيق الادعاءات بشأنها وقد ركزت القوانين التي أصدرها الاحتلال من الناحية الواقعية دعائم نظام شبه إقطاعي إلا أن ملكية رقبة الأرض بقيت للدولة ولم يكن للإفراد فيها إلا حق التصرف باستثمارها بالزراعة أو الرعي من الناحية القانونية.
احصائيات المساحات الزراعية وقوانين الاصلاح الزراعي

في سنة 1932 قدرت الأرض المزروعة المروية سيحاً وسقياً والديمية حوالي 31 مليون دونم فيها 16 مليون دونم اميرية مفوضة بالطابو و15 مليون دونم اميرية صرفة وهذا يعني إن ملكية الدولة 100 بالمائة
وفي سنة 1952 وحسب الإحصاء الزراعي والحيواني الصادر من وزارة الاقتصاد في حينه كانت الأرض المزروعة حوالي (7ر22) مليون دونم منها (914.847) دونم مملوكة ملكا صرفا وموقوفة أي إن ملكية الدولة فيها تمثل 96 بالنائة
وفي سنة 1958 كانت ألارض المزروعة حوالي 30 مليون دونم تمثل ملكية الدولة فيها 3ر96بالمائة وفي نهاية عام 1969 كانت ملكية الدولة تمثل 5ر96 بالمائة ويلاحظ رغم صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والذي اخذ بتمليك الأراضي الصرفة لكن بقيت للدولة اليد الطولى في الاستحواذ على الأرض وبصدور قانون الاصلاح الزراعي الثاني رقم 117 في 1970 والغائه قانون التسوية والتعديلات تغير الوضع وفق ما اقرته نصوصه من إحكام بهذا الشأن ورغم إن الأراضي الزراعية في غالبيتها العظمى تعود للدولة ولكنها متعددة تبعا لتعدد أنواع حقوق التصرف فيها (مملوكة ملكا صرفا للدولة، اميرية صرفة، اميرية مفوضة بالطابو، اميرية ممنوحة باللزمة، موقوفة وقفا غير صحيح تعامل معاملة الاراضي الأميرية المفوضة بالطابو ومتروكة للنفع العام).

دور الجمعيات الفلاحية في قانون الإصلاح

لهذا صدر قانون توحيد أصناف أراضي الدولة رقم 53 لسنة 1976 الذي وحد جميع هذه الأراضي من حيث التسمية وأصبحت تسمى (مملوكة للدولة) وقد اخذ بمبدأ أساسي ومهم وهو عدم منح الحقوق التصرفية في الأراضي المملوكة للدولة بعد نفاذ هذا القانون إلا للزارع الفعلي الذي يتولى زراعة الأرض بنفسه أو بواسطة احد أفراد عائلته المكلف بإعالتها شرعا.
واهم ما جاء في القانون رقم (53) نصت المادة السادسة منه على القيادة الجماعية في القطاع الزراعي وأعطيت للمنظمات الاجتماعية المتمثلة بالاتحاد العام للتعاونيات الزراعية أو الجمعيات الفلاحية دورا مهما فيها بإشراكها في لجان الإطفاء والتقدير وفي قيام المجالس الزراعية في المحافظات والاقضية والنواحي بمساعدة الأجهزة الإدارية والمالية والزراعية واتحاد التعاونيات الزراعية واتحاد الجمعيات الفلاحية بمراقبة التزام أصحاب الحقوق التصرفية في الأراضي المملوكة للدولة باستغلال الأراضي التي تحت تصرفهم وفق أحكام القانون المذكور

لماذا لا بد من تشريع قانون موحد؟

وفي ضوء الأزمة التي تعيشها الزراعة والناجمة عن سياسات النظام المقبور والسياسات الاقتصادية التي اعتمدها الاحتلال وانعدام وجود إستراتيجية تنموية عند القوى التي قادت العملية السياسية بعد 2003 لا بد من بلورة قانون إصلاح زراعي موحد وإصدار قرارات لصالح العملية الزراعية وأهمها:
أ ــ صياغة قانون إصلاح زراعي تعدل فيه القوانين السارية بما يتلائم مع الواقع الزراعي وليس الواقع السياسي وتحديد ملكية الأرض وحيازتها وتمكين الفلاح في استثمار أرضه في المشاريع المختلفة ذات الصلة بالواقع الزراعي.
ب ــ إدخال المكننة الحديثة ذات المناشيء العالمية وذات الجودة والخبرة العالية والكفاءة وكذلك تقنيات الري الحديثة بأسعار مدعومة واستقدام شركات أجنبية لغرض وضع خطة استصلاح لكافة الأراضي لما لحقها من الضرر.
ج ــ حماية الإنتاج الزراعي من خلال فرض الرسوم الكمركية على المدخلات والاستيراد للمحاصيل والخضر الزراعية التي تنافس الإنتاج الزراعي المحلي.
هـ ــ دعم المصارف الزراعية لإقراض المزارع في المشاريع الإنتاجية ذات الفائدة للقطاع الزراعي من خلال المبادرة الزراعية التي أطلقتها الدولة في سبيل النهوض بالواقع الزراعي.