مدارات

السفير الالماني: على العراقيين ان يساعدوا أنفسهم لتشكيل حكومة فعالة

حاورته: تضامن عبد المحسن

كل حرب تمر على العراق يتراجع فيها اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وصحيا وعلميا، وتُضرب البنى التحتية، هذا اضافة الى الارواح التي تزهق والعقول التي تهاجر. رغم ذلك يبقى العراق غنيا بموارده، ولكنه يفتقد ادارة جيدة وسياسة تنظيم هذه الموارد، وما يزيد الطين بلة هو الفساد المستشري في كل مؤسساته الحكومية وغير الحكومية.
ولأن العراق يمثل شعباً وحضارة وارضاً غنية فقد تسابقت الدول الصديقة في ابداء المساعدة لإعادة تنظيم الشؤون الاقتصادية والثقافية والعلمية فتارة تقدم اليابان تجربتها للاستفادة منها في عملية التقدم والبناء، وتارة فرنسا، واليوم المانيا تعلن عن استعداد بلادها لتقديم العون حتى يتجاوز العراق ازمته ويعيد بناء اقتصاده، وذلك لا يتحقق ما لم يتم القضاء على الارهاب ويتوفر الامن والاهم من ذلك القضاء على الفساد.
وقد اكد السفير الالماني (اكهارد بروزه) القادم الى العراق منذ ثلاثة اشهر ليتسلم مهام عمله، على دعم بلاده للحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي واستعدادها لتقديم كل انواع المساعدات ليخرج العراق من ازمته.
جاء ذلك خلال لقائه مع جريدة "طريق الشعب" كأول لقاء له مع الصحافة العراقية في مكتبه للوقوف على طبيعة التعاون الحاصل بين البلدين الصديقين العراق والمانيا بجوانبه السياسية والاقتصادية والثقافية.
حيث اكد ان على الحكومة العراقية الجديدة ان تجمع كل القوى السياسية المشاركة لتتوحد وتتفق من اجل تجاوز التحديات والصعوبات وكذلك تجاوز انعدام الثقة الحاصل لحل الازمة السياسية، خاصة وان هذه الحكومة تتمتع بدعم دولي كبير.
فيما اشار الى قدرة العراق على التقدم لو اعتمد على ما يمتلك من مقومات النجاح الاقتصادية وكذلك العلمية والثقافية، ولما كان العراق يعاني من عدة عراقيل في ادارة شؤونه فإن السفير الالماني اعلن عن استعداد المانيا لتقديم المساعدات لسلك طريق النجاح، كما اضاف (ان على العراقيين ان يساعدوا انفسهم لتكوين حكومة فعالة).
قدمت المانيا مساعدات في مختلف المجالات الانسانية والعسكرية والسياسية وسيكون هناك تبادل اقتصادي من خلال ما ستعرضه على ساحات معرض بغداد الدولي حيث سيكون هناك )اليوم الألماني( على أرض المعرض وذلك في 22/10/2014.
فقد كانت المانيا ثالث دولة في تقديم المساعدات الانسانية للنازحين وغيرهم التي قُدرت بحوالي 56 مليون دولار كما قدمت دعما عسكريا لقوات البشمركة في كردستان العراق، وكانت هناك زيارة لوزير خارجيتها الى حكومة العبادي، الذي قام بزيارة المملكة العربية السعودية لتقريب وجهات النظر بين الدولتين الجارتين، لتقوية الحلف الدولي ضد داعش.
هذا اضافة الى التبادل الثقافي الحاصل من خلال مشاركة المانيا في عدة فعاليات ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 وكذلك التبادل العلمي في قبول المنح الدراسية للطلبة العراقيين المتقدمين للحصول على دراسات عليا في المانيا.
وقال السفير:عندما كان (داعش) على بعد 30 كم عن حدود اربيل وكان الوضع متأزما جدا، قررت المانيا تقديم المساعدات اليها بالاسلحة والمعدات، وهذا الدعم يأتي بعد المشاورة والموافقة من الحكومة المركزية في العراق من خلال التقارير المفصلة، كما ان كل شحنة عسكرية تصل الى العراق كانت تهبط في بغداد اولا ليتم فحصها من قبل الحكومة المركزية ثم تنطلق الى اربيل.
ومن ناحية اخرى، فأن البيشمركة تعتبر وحدة عسكرية فاعلة ويسهل التعامل معها ويمكن تدريبهم على تلك المعدات، وبالنسبة لنا مهم جدا ان لا تقع هذه المعدات في الأيدي الخطأ.
وبينما نحن نجلس هنا، تجري اليوم في المانيا نقاشات حول كيفية تقديم المساعدات للجيش العراقي لقتال قوات (داعش).
وبالمناسبة فأن تقديم المساعدة للبشمركة لا يعني اننا مع انفصال الاقليم عن الحكومة المركزية، بل نحن ندعم وحدة العراق كليا.
يعاني المثقفون العراقيون من صعوبة الحصول على الفيزا الالمانية للدخول الى المانيا اثناء اقامة المهرجانات العالمية، فهل للظروف الامنية التي يعاني منها العراق سبب في ذلك، وهل يمكن ان تشهد الايام القادمة تسهيلات من اجل مد جسور التواصل والتفاعل بين مثقفي البلدين؟
نعم، نسمع ذلك كثيرا حول صعوبة الحصول على فيزا الى المانيا، ربما بسبب قلة الكادر العامل في السفارة، ولكننا منحنا فيزا لعدد من السياسيين لحضور ندوة او مؤتمر حول اللا مركزية، وربما سنقوم بشيء مشابه للصحفيين والمثقفين العراقيين، ومن وجهة نظري فإن من المهم جدا لأية دولة ديمقراطية ان تكون لها صحافة حرة وفعالة ونافذة، لذلك هي السلطة الرابعة.
كما اننا اخترنا 15 طالباً من بين ثلاثين للذهاب الى المانيا ضمن برنامج (افق العراق) وهو برنامج لتنمية الخبرة في المجال الاقتصادي، وكذلك تقديم المنح الدراسية في باب التبادل الاكاديمي الالماني لنيل شهادة الماجستير والدكتوراه. كما يمكن للشباب العراقي ان يعمل على تمتين هذه العلاقات الثقافية من خلال اشتراكهم في الدورات المفتوحة لتعلم اللغة الالمانية في المركز الثقافي الفرنسي.

قبل عام 2003 كانت الساحة الثقافية العراقية تشهد اسابيع ثقافية فرنسية ويابانية وغيرها من الدول، هل يمكن ان تكون هناك اسابيع ثقافية المانية نشهد فيها عرض افلام سينمائية او عروض مسرحية او رقصات شعبية او معارض تشكيلية؟

في الوقت الحاضر وبسبب الظروف الامنية من الصعب جدا ان تأتي الى العراق اية فرق فنية، وشخصيا يؤسفني ذلك كثيرا. وانا مهتم بالجانب الثقافي كثيرا لذلك اقمت اول دعوة للمثقفين العراقيين في السفارة الالمانية بعد ثلاثة اسابيع من تسلمي للمنصب، كما التقيت بمايسترو الفرقة السمفونية العراقية وانوي اقامة حفل موسيقي في السفارة اذ من الصعب دعوة الموسيقيين الالمان الى العراق في ظل الظروف الامنية القلقة، ولكننا نأمل في المستقبل وعند استتباب الامن ان يكون هناك تبادل ثقافي بين الدولتين.
من الممكن ان تتحسن الظروف الامنية والسياسية بشكل تدريجي، فلتحقيق الامان لا بد من وجود وزيري الدفاع والداخلية وتحسن الوضع الامني سيؤدي إلى تحسن الوضع الاقتصادي الذي حتما سيؤدي الى تحسن الوضع الثقافي.
ومقاتلة (داعش) لا تكون من خلال السلاح فقط، بل بتماسك السلطة وسيادة القانون، واذا حققت الدولة الامن وتم تطبيق الدستور وسيادة القانون سوف يؤدي ذلك الى التقدم الاقتصادي والثقافي وسيكون حافزا للمواطن العراقي للدفاع ومحاربة الارهاب على الاراضي العراقية.
اما من ناحية التبادل الاقتصادي بين البلدين فقد اشار السفير الالماني (اكهارد بروزه) الى: (ان المانيا على استعداد لفتح الباب امام التبادل الاقتصادي، طالما العراق يتمتع بموارد اقتصادية هائلة لم يحقق الاستفادة منها لغاية الآن بسبب الانشغال بالحروب وصد الارهاب، كما ان اقتصاد الدولتين يكون متكاملا في حال فتح باب التعاون، فالعراق يمتلك الموارد ويفتقد الخبرات، بينما المانيا تمتلك الخبرات والمعدات، ونحن نسعى لتقديم المساعدة للعراق في ايجاد البدائل عن النفط، وتطوير الصناعات العراقية، ولألمانيا خبرة واسعة في هذا المجال، وصعوبة تحقيق ذلك الآن يتوقف على مسألتين وهي الوضع الامني، والاهم هو الفساد المستشري في المؤسسات، فمثلما المنتجات الالمانية جيدة ودقيقة، كذلك تعاملنا مع الجانب العراقي يجب ان يكون دقيقا وصحيحا.