مدارات

"نيويورك تايمز" تنصح اوباما: يجب إنهاء الحصار على كوبا

رشيد غويلب

بعد مرور اكثر من خمسين عاما على الحصار الجائر الذي فرضته الولايات المتحدة الامريكية على الثورة الكوبية، نصحت جريدة "نيويورك تايمز"، في عددها الصادر يوم الاحد الفائت الرئيس اوباما برفع الحصار.
وقالت الجريدة ان الحصار فرض لإغراض سياسية واقتصادية استراتيجية. وان الوقت قد حان "لتسجيل حدث تاريخي". ولكن يبدو ان علاقات الولايات المتحدة الثنائية السيئة مع بلدان امريكا اللاتينية والجنوبية، هي السبب الرئيس وراء التفكير بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، بالإضافة الى ذلك تعتقد الجريدة، ان الاقتصاد الامريكي، الذي يعاني من مصاعب، يحتاج من البيت الأبيض توفير تسهيلات للشركات الأمريكية للاستثمار في كوبا.
وفشل هدف الحصار المتمثل بـ "ازاحة حكومة كاسترو" ، فشل بوضوح، ولذلك فمن الضروري في المستقبل إقامة علاقات دبلوماسية مباشرة بين البلدين. ويبدو ان ذلك هو المدخل الأفضل لـ"ممارسة الضغط من اجل إصلاحات ديمقراطية في كوبا". وبهذا الطريقة فقط يمكن انهاء الصراع المستمر منذ عام 2009 بشأن اعتقال الناشط الكوبي "آلان غروس"،الذي يقبع في السجون الأمريكية، "وهو امر يتعارض مع استقلال وسيادة كوبا".
و اكثر من هذا، دعت الجريدة الرئيس الأمريكي للاشتراك في القمة السابعة لبلدان امريكا اللاتينية في نيسان 2015 ، على الرغم من دعوة كوبا رسميا لاول مرة للاشتراك في اعمالها. والخطوة المهمة الأخرى هو رفع اسم كوبا من قائمة البلدان المتهمة بتمويل الإرهاب.
و أثارت مقالة ال"نيويورك تايمز" موجة من الانتقادات صادرة من الاوساط السياسية الرسمية، وفي هذا السياق قال السيناتور الديمقراطي "روبرت مينينديز" "هذه النصائح السياسية والاقتصادية طائشة" ، ولا" تمثل قيم أمريكا، وسوف لن تكون في توافق مع المصلحة الوطنية".
وفي كوبا اكد زعيم الثورة الكوبية فيدل كاسترو على ضرورة توظيف التنسيق المكثف في مجال التحولات المناخية، والرقابة على حركة الأسلحة. وذكر كاسترو ان الولايات المتحدة الامريكية تعترف بان كوبا " هي البلد الاعلى مستوى في مجال التعليم والتاهيل في المنطقة". وكذلك اشار الى التقييم الإيجابي للجهود التي تبذلها كوبا لانجاح محادثات السلام بين الحكومة الكولومبية، والقوات المسلحة الثورية "فارك". ووصف كاسترو نعت الحكومة الكوبية بـ"المستبدة"، و انها ما تزال "تضطهد المعارضين وتعتقلهم"، "بالقصور" في رؤيتها للحصار.
وفي عدد آخر ابرزت الـ"نيويورك تايمز" التأثير الايجابي الذي تضمنته مساهمة كاسترو في المجتمع الكوبي، والذي ادى الى الاستشهاد، واقتباس شبه كامل لمقالة الجريدة من وسائل الاعلام الكوبية، ادى الى مناقشة واسعة للقضية من قبل المواطنين الكوبيين.
يذكر ان الجمعية العامة للامم المتحدة قد ادانت، في العديد من القرارات، الحصار الأمريكي ضد كوبا، وكذلك طالبت مئات المؤسسات والشخصيات العالمية بانهاء الحصار، بما في ذلك بابا الفاتكان، و تزايدت هذه المطالبات بعد نهاية الحرب الباردة، و تفكك الاتحاد السوفيتي، وحل حلف وارشو. وفي المقابل استمرار وتوسع وتطوير الامكانات العسكرية الهجومية لحلف الناتو. ولكن النقاش الجاري اليوم في العالم بشأن الحصار ضد كوبا يعكس حقيقة ان المتغيرات الايجابية التى فرضتها نجاحات اليسار في امريكا اللاتينية، والمراجعات والنهوض اليساري في العديد من بلدان العالم. والرفض الدولي لعالم احادي القطب، والمحاولات الجدية الجارية لعودة روسيا الاتحادية، وبالتحالف مع الصين، مجموعة "البريكس" الى دور القطب الدولي المنافس للبلدان الغربية، قد صعد من ضرورة مراجعة الموقف الامريكي الرافض لرفع الحصار داخل الولايات المتحدة وخارجها.