مدارات

عبد المنعم الأعسم: الأزمة هي أزمة إدارة سلطة القرار والتيار الديمقراطي يؤهل نفسه لدور اكثر فاعلية / عبد جعفر

أكد الإعلامي والكاتب عبد المنعم الأعسم أن التيار الديمقراطي يسعى الى توسيع تحالفاته لمضاعفة قواه التصويتية في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكي يلعب مع حلفائه، دورا فاعلا في عملية البناء واستعادة الاستقرار وتصويب السياسات العامة للدولة، جاء ذلك في الندوة التي اقامتها له لجنة تنسيق قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في المملكة المتحدة تحت عنوان ( الأزمة السياسية في العراق ومكانة التيار الديمقراطي في الخارطة السياسية) وذلك يوم 6-7-13 في قاعة المقهى الثقافي وسط لندن.
وفي بداية الندوة رحب الناشط الديمقراطي حسن قاسم حسن بالمحاضر مشيرا أن الأ عسم من خلال معايشته ومتابعاته لديه طائفة من الملاحظات المعلومات المهمة عن طبيعة الأزمة السياسية التي عصف بالوطن ودور التيار الديمقراطي، وما أفرزته الانتخابات المحلية الأخيرة من نتائج مشجعة لكي يتم البناء عليها وتطويرها.
وفي مداخلته اوضح الأعسم ان الأزمة السياسية في العراق هي أزمة الحلقة السياسية في إدارة سلطة القرار، والتي تعكس مجموعة تأثيرات سياسية وفئوية وقومية وطائفية، متأثرة بضغوط الدول المجاورة، وتدخل الارادات الدولية المتصارعة، الامر الذي هدد النسيج الوطني واطلق دوامة من الصراعات بين الكتل السياسية. بين المركز والاقليم. بين الطوائف والاديان. بين المكونات القبلية، ثم بين العراق وجيرانه، وقال: ان سلطة القرار ليست متمركزة كليا بيد رئاسة الوزراء وحده، وإن كان يحتفظ باخطرها، بل هي موزعة بين الكتل المتنفذة الممثلة في الحكومة والبرلمان. في السلطة والمعارضة، وهذا ما يعقد امكانيات حل الازمة.
اما كيف الخروج من هذه الأزمة؟ فقد اشار المحاضر الى هناك تشتت في الرؤى نحو اسباب الازمة وسبل حلها.. فالبعض يرى ان الاحتلال هو سبب الازمة وينبغي انهاء اثاره، والبعض يعتقد ان الارهاب ونشاط القوى المسلحة هو الحائل دون حل الازمة وهناك اراء تعتقد ان الطائفية أو المحاصصة أو تناقضات وهشاشة النصوص الدستورية أو ضعف البناء الديمقراطي أو ضعف الكفاءات الادارية هي اسباب للازمة ومداخل لحلها.
وأضاف الحقيقة ان كل هذه المفردات هي مكونات الازمة السياسية لكن الحلقة الرئيسية فيها هي الجهات التي تقبض على سلطة القرار، فاذا ما التقت وراجعت مواقفها والاخطار المحدقة بالعراق ومستقبلها واحسنت النيات لتجاوزها عبر مبدأ التنازلات المتقابلة، فانه سيسهل سحب الالغام الاخرى، واضاف ان وقائع الصراع السياسي قبل وبعد انتخابات المجالس اكدت على أن المتنفذين في المشهد السياسي جميعا لايريدون مفاقمة الوضع ودفعه الى الحرب الاهلية، ولكن في الوقت نفسه يحرصون على ابقاء الازمة على حالها بين المفاقمة والتهديد والتهدئة وتبويس اللحى، وهو وضع نموذجي لإطراف الأزمة وزعاماتها .
وتحدث الاعسم عن التيار الديمقراطي وتحالفاته في مجالس المحافظات والاجواء التيئيسية التي احاطت مشاركته ونشاطاته الانتخابية، وقال ان الكثيرين يتحدثون في العراق بان الوسط الديمقراطي بكل شرائحه وقواه وشخصياته يمكن ان يقدم بدائل وخيارات للدوامة التي تعيشها البلاد.. اخذا بالاعتبار نمو هذا الوسط بشكل مضطرد ليتشكل كخميرة للتغيير في المستقبل، وقال، ان بعض المعاينات في عمليات التصويت توصلت الى ان التيار الديمقراطي وحلفاءه وانصار الديمقراطية والحريات ومناهضي الطائفية السياسية يمكن ان يحصلوا على مليون صوت في الانتخابات المقبلة اذا ما وحدوا صفوفهم واحسنوا استخدام الاساليب المناسبة للوصول الى الناخبين، واضاف ان التغيير يمكن ان يتحقق، لا على اساس التفاؤل الساذج، لكن على اساس تحليل الواقع وعدم الرضى العام لما وصلت اليه الامور، واعتقد ان التيار الديمقراطي يمكن ان يكون في قلب مشروع التغيير، ويحتاج الى رصد الثغرات والاخطاء التي رافقت انتخابات المجالس.
وقال المحاضر أن التيار الديمقراطي، اذا ما قارناه بنفوذ وامكانيات الكتل الاخرى فهو لا يزال ضعيفا، لكنه يتحرك على الارض بجدية، سيما ان الكتل الاخرى تواجه استحقاقات الازمة السياسية والصراع على السلطة حيث يتراجع نفوذها بين المواطني باضطراد، وحيث أخذ الكثير من المواطنين يشعرون أنهم بخسوا اصواتهم عندما صوتوا لبعض هذه القوى.
الوسط الديمقراطي معول له في تحقيق التغيير من قبل الملايين من العاطلين عن العمل والمهمشين وانصار الديمقراطية والعدالة ، وقد تمكنت هذه الشرائح من تحقيق بعض الإختراقات في إنتخابات مجالس المحافظات . وحيث كشفت هذه الإنتخابات أزمة القوى المنتفذة بشكل واضح وخسارة بعضها الكثير من المقاعد. وهذا مؤشر ينبغي التأمل فيه وتحليله. أنهم سيخسرون الكثير في الإنتخابات التشريعية القادمة، وقال ان المشهد يشير الى نهوض نسبي في التيار الديمقراطي ، رغم أن البعض الأخر يقلل من النتائج التي حققها التيار، ويرى انها عرضة للضياع اذا لم يجر تطوير النشاطات على الارض..

واوضح الأعسم ان التيار الديمقراطي دخل الانتخابات مؤكدا ان الفوز ليس هو هدف مشروعه الذي يتركز على كونه حركة مجتمعية تعمل على ترسيخ قيم العدالة في الحياة العامة ، والترويج للفكر الديمقراطي وحمايته من التشويه في الثقافة وفي الإسرة وفي العلاقات بين القوميات وحق العمل والاعتقاد وانصاف الشرائح المهمشة وحق الشباب في المشاركة بادارة الدولة وحق الكرد في تقرير المصير وحق النساء في التخلص من القيود.
وإذ اشار المحاضر الى بعض مظاهر السلبية في الوسط الثقافي من عملية المشاركة بالتصويت، فانه لاحظ ايضا وجود مواقف سلبية لبعض الشرائح الاجتماعية وهي علل تحتاج الى دراسة والتغلب عليها . وأكد على أهمية وضع عقيدة جديدة للتنافس الانتخابي، ومعرفة فن التحالف وعدم التفريط بأي جهة أو شخص في خوض الانتخابات مع التيار الديمقراطي.
وتساءل الاعسم في الختام، هل التيار الديمقراطي ضرورة في الحياة السياسية العراقية؟ الجواب نعم ، وهذه الضرورة معترف بها حتى من الاطراف الاخرى. وقال: كلما يتنامى نفوذ التيار الديمقراطي تكون هذه الضرورة اكثر وضوحا.