مدارات

انتخاب اول رئيس وزراء يساري لولاية المانية

رشيد غويلب
شهدت مدينة ايرفورت عاصمة ولاية تورنغن الالمانية وهي احدى الولايات الخمس التي كانت تشكل جمهورية المانيا الديمقراطية السابقة، شهدت امس الاول الجمعة انتخاب بودو روميلو القيادي في حزب اليسار الالماني، ورئيس كتلة الحزب في برلمان الولاية، رئيسا لحكومة الولاية الجديدة، والتي شكلها تحالف قوى الوسط واليسار، وهي حزب اليسار الالماني، والحزب الاجتماعي الديمقراطي، وحزب الخضر. وبهذا ابعد الحزب الديمقراطي المسيحي، حزب المستشارة الالمانية ميركل، عن سدة الحكم بعد 24 عاماً من الهيمنة عليها،أي منذ انهيار التجربة الاشتراكية، وبلا انقطاع.
واستطاع روميلو الحصول على الاكثرية المطلوبة في جولة التصويت الثانية، عندما صوت لصالحه 46 نائبا يمثلون كتل التحالف الجديد، من اصل 91 يشكلون مجموع مقاعد برلمان الولاية. وفي جولة التصويت الاولى حصل روميلو على 45 صوتا فقط. ولم يدخل الديمقراطيون المسيحيون سباق المنافسة، بسبب قناعتهم بعدم امكانية الفوز برئاسة الحكومة. وسينتقل حزبهم اليميني التقليدي الآن الى مقاعد المعارضة.
وكانت انتخابات برلمان الولاية التي جرت في الرابع عشر من ايلول الفائت قد اسفرت عن حصول الحزب الديمقراطي المسيحي على 34 مقعدا، يليه حزب اليسار 28 مقعدا فيما حصل الديمقراطي الاجتماعي على 12 مقعداً، تلاه حزب البديل من اجل المانيا، وهو حزب يميني متطرف تشكل حديثا بـ11 مقعد، وجاء حزب الخضر اخيرا بعد حصوله على 6 مقاعد فقط. وعلى اساس هذه النتائج لم يستطع الديمقراطيون المسيحيون المحافظة على الاكثرية التي تؤهلهم لتشكيل الحكومة الجديدة، والتي تمتعوا بها في الدورات السابقة، في حين نجحت القوى الديمقراطية في وصول الى تحالف بقيادة حزب اليسار، وهو حدث عده المتابعون والمحللون "تاريخيا"، لانه مثّل اعترافا من الاحزاب التقليدية بحزب اليسار، بعد ان عملت طوال السنوات السابقة على عدم الاعتراف بأهلية حزب اليسار لقيادة الحكومة، انطلاقا من التمسك بأعراف ومفاهيم الحرب الباردة.
وقاد الديمقراطيون المسيحيون حملة هستيرية لاعاقة وصول اليسار الى قمة الحكومة في الولاية، موظفين المخزون الموروث من تقاليد معاداة الشيوعية، بالاضافة الى تنظيم تظاهرة شارك فيها 1500 متظاهر فقط في عاصمة الولاية، ضد ما اسموه عودة الحزب الاشتراكي الألماني الموحد، الذي قاد السلطة الاشتراكية السابقة الى السلطة مجددا. واقدم قادة اليمين التقليدي في البرلمان الالماني الاتحادي في برلين على التضامن مع حملة زملائهم المتعارضة مع قيم الديمقراطية ، ولكنهم شددوا على استمرارهم في العمل مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي شريكهم في التحالف الذي يقود الحكومة الاتحادية.
ومن المعروف ان مشاركة حزب اليسار في حكومات الولايات، التي تحدث للمرة الثالثة. فقد سبق للحزب المشاركة في حكومة العاصمة برلين المحلية، وهو يشارك الان كذلك في التحالف الحاكم الذي يقوده الاجتماعي الديمقراطي في ولاية برندنبورغ. ودار ويدور نقاش داخل وخارج الحزب حول موضوعة المشاركة في السلطة. ففي حين ترفض احزاب اليمين والوسط التحالف مع الحزب على صعيد الحكومة الاتحادية، نراها اضطرت، نتيجة لثقل الحزب الانتخابي، للاعتراف به شريكاً لها في حكومات الولايات. ويتركز اعتراض الاحزاب التقليدية على عدة قضايا منها رفض حزب اليسار لسياسة الغزو، ولاعتماد الحرب وسيلة لفض النزاعات الدولية، كذلك موقف الحزب الثابت في المطالبة بتوزيع عادل للثروة، وتقليص حقيقي للهوة بين الأغنياء والفقراء.
كما يدور في داخل حزب اليسار القائم على التعددية الفكرية والتنظيمية، حول سجال موقف الحزب من المشاركة في الحكم. ففي الوقت الذي ترفض فيه المجاميع المشدودة للماضي فكرة المشاركة في الحكم جملة وتفصيلا، تطالب تيارات اخرى داخل الحزب بضرورة المشاركة على اساس شروط الحزب، او البقاء في المعارضة، فيما يتبنى التيار الإصلاحي داخل الحزب فكرة المشاركة في الحكم، والتحالف مع قوى الوسط الممثلة بالحزب الاجتماعي الديمقراطي، والخضر، لازاحة اليمين التقليدي الذي يتناغم مع اليمين المتطرف من السلطة. وهناك محاولات يتوقع الكثيرون لها النجاح في وصول قوى يسار الوسط الى تحالف، بعد الانتخابات العامة في خريف 2017 ، يزيح هيمنة اليمين التقليدي على الحكومة الاتحادية