مدارات

مجداً لك أبا كفاح*

يتعرض مناضلو الأحزاب الشيوعية في شتى اصقاع الأرض الى التضييق والمراقبة والقمع والتصفية الجسدية، بسبب سعيهم لتغيير المجتمع، والانتقال به من حالة التخلف والركود الى التقدم وتحقيق ما تصبو اليه الجماهير الكادحة في العيش الرغيد والسلام والديمقراطية.
وفي سبيل هذه الاهداف النبيلة، يقدم الشيوعيون، وسائر دعاة الحرية والعدالة الاجتماعية، تضحيات جمة وغالية الى ابعد الحدود، لقناعتهم الراسخة بعدالة قضيتهم، وشرعية كفاحهم ضد الجور والظلم والاستغلال الطبقي، دون ان تثنيهم السجون والمعتقلات والتعذيب وكل أنواع الحرمانات عن تصدر مسيرة الشعوب الظافرة، تتقدمهم مواكب الشهداء، الذين ضحوا بحياتهم التي لا أثمن ولا أغلى منها، غير المبادئ السامية التي تشربتها عقولهم المتفتحة وأفئدتهم المترعة بحب الشعب والوطن، فحولتها الى قيم انسانية رفيعة، والى اصرار وعناد ثوريين ضد الاضطهاد والعسف والاستبداد، باي ثوب تزيأ، وبأي خطاب اعلن عن نفسه.
أنها البطولة بعينها، وقد أبت إلا ان تكون لصيقة بهم، فهم القدوة والنموذج والمثل الأعلى لكل من يعتز بآدميته، وبقدرته على الفكاك من اسر الذات والبحث عن الخلاص الفردي، وسط أكداس الخراب والدمار والويلات التي تعصف بالجماهير الشعبية الغفيرة ولكل من يناضل من أجل تحقيق احلام الكادحين في الوطن الحر والشعب السعيد.
أنهم الملائكة الحاملون بشرى الانتصار القادم لامحالة الى الشعب الذي ينظر اليهم بمنظار المقدس القادر على تحقيق امانيهم وطموحاتهم المشروعة على ارض الواقع وليس في الخيال.
ان موكب الشهداء الشيوعيين، وسائر القوى الوطنية والديمقراطية لا تعد ولا تحصى، ولم تبخل الحكومات المتعاقبة وجلاوزتها بدءاً من حكومة نوري السعيد، الى هذا الزمن الرديء الذي نعيشه الان وإرهابه المنفلت، مرورا بحكم الطاغية صدام حسين باضافة اعداد وقوافل جديدة من هؤلاء الفدائيين.
اليوم نستذكر بمهابة وتقدير عال، واحداً من هؤلاء البواسل، هو الشهيد البطل "سعدون" الذي اغتاله البرابرة البعثيون والظلاميون يوم 13/11/2004 اثناء توجهه الى كردستان لزيارة عائلته، وهو استذكار واحتفاء بكل شهدائنا وشهداء شعبنا وحركتنا الوطنية والديمقراطية.
لقد كان سعدون مثالا للالتزام الحزبي، حيث لا قضية لديه أهم وأغلى من مصلحة حزبه وشعبه، ودفاعه عن الفقراء والمحرومين. كان يتابع كل شاردة وواردة، ويكرس جهوداً استثنائية لرعاية رفاقه وعوائلهم، وبنكران ذات يقترب من التصوف. كما جعل العلاقة بالجماهير في صلب اهتمامه ونضاله.
كان يمتلك عقلا موسوعيا/ أشبه بالكومبيوتر، لا ينسى ولا يهمل شيئاً، واستطاع خلال مدة وجيزة، ان يطور امكاناته وقدراته الفكرية والسياسية والتنظيمية بصورة تدعو الى الاعجاب، والى ضرورة اتخاذها نموذجاً وقدوة لكل المناضلين من رفاق حزبه ودربه.
اما دوره في حركة الأنصار الشيوعيين، فالجميع يعرف انه كان من أفضل وأشجع القادة الانصاريين عسكرياً وادارياً وجماهيريا، وقد أحبه الناس لشجاعته وذكائه ودفاعه المستميت عنهم. كما أحبه رفاقه واصدقاؤه دون استثناء، وكانت علاقاته حميمية مع الجميع.
انه مفخرة من مفاخر حزبنا الشيوعي الكثيرة، وحري بنا استلهام كفاءته المتميزة ومواقفه وبطولته في الدفاع عن الحزب، وتجسيده لقب الشيوعي، التزاما وشجاعة وحبا للرفاق، وقدرة فائقة على ربط الأقوال بالأفعال، وهو احد المعايير الأساسية للشيوعي بغض النظر عن موقعه الحزبي.
مجدا لك أبا كفاح ولكل شهداء حزبنا وشعبنا الابطال.
الخزي والعار للقتلة المجرمين الذين حرموا الحزب من عطائك الفذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كلمة الحزب الشيوعي العراقي في حفل التأبين التي ألقاها الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب.