مدارات

سعدون الانسان.. والقائد.. سعدون رجل الدولة والتشريع

عزت ابو التمن
عرفت سعدون وألتقيته منذ انعقاد الكونفرنس الحزبي الخامس في كردستان.. وقبل ذلك سمعت الكثير عن نشاطه ضمن فصائل الانصار الشيوعيين.
علاقتي بسعدون ارتبطت بثلاث مهمات حزبية جمعتنا عضويتي في اللجنة المركزية معه: المهمة الاولى انسانية حيث كنت مسؤولاً عن صندوق دعم عوائل الشهداء في خارج الوطن وكان سعدون مسؤولاً عن ايصال ما نجمعه الى عوائل المناضلين الذين ضحوا بحياتهم من اجل الحزب والشعب.. كان مسؤولا عن تنظيم الفعاليات التي يعتبرها واجباً وطنياً وانسانياً لرد الجميل ووفاءً من الحزب ورفاقه لهذه العوائل التي فقدت اعزاءها.
ولم تقتصر حملة توزيع الدعم على العوائل الموجودة في كردستان بل حرص سعدون على ان يصل هذا الدعم الى كافة انحاء العراق وخاصة في ظروف الحصار الاقتصادي السيئ الصيت. انها مأثرة انسانية تحسب له ولرفاقه في لجنة دعم عوائل الشهداء في الداخل.
ما يتميز به سعدون هو عند لقائك به وحديثك معه وخلال فترة وجيزة في الوقت يجعلك تشعر بالثقة بنفسك قبل ان تتولد الثقة به وباحاديثه وبمصداقيته.. مستمع جيد لا يجعلك تشعر باي تردد او صعوبة في طرح أية مشكلة او طلب العودة والمساعدة منه، وببساطة يجعلك تشعر بان لا شيء عصياً عن حل مهما تعقدت المشكلة وباختصار يُعزز ثقتك به ويعزز الثقة بنفسك.
والان اود ان اتحدث عن سعدون بما لا يعرفه عنه الكثيرون، عرفت سعدون ممثلا لحزبنا في المؤتمر الوطني العراقي الذي ترأس فيه وفد حزبنا الرفيق ابو داود وابو سمير عن الحزب الشيوعي الكردستاني، حيث سبق انعقاده التهيئة والتحضير التي شارك الرفيق سعدون فيها وساهم في اختيار المندوبين. حضر المؤتمر (1300) مندوب من مختلف القوى السياسية المشاركة في العملية السياسة، وكان آنذاك بوظيفة مستشار لرئيس المؤتمر الدكتور فؤاد معصوم الى جانب الرفيق طيب الذكر الدكتور شاكر الدجيلي باعتباره مستشاراً اقتصادياً للرئيس.
ومن المؤتمر انبثق المجلس الوطني العراقي المؤقت الذي ضم في عضويته (100) من السياسيين ومثل حزبنا والحزب الشيوعي الكردستاني فيه الى جانب الرفيق ابو داود الذي انتخب نائبا لرئيس المجلس. كان هناك الرفاق كمال شاكر، سعدون، د. خيال الجواهري، د. حكمت حكيم وصبحي مال الله، وجرى تعييني رئيساً لديوان المجلس الوطني.
كان سعدون الداينمو المحرك واليد اليمنى للرفيق ابو داود في عمل المجلس الوطني، انتخب عضوا في لجنة العلاقات الوطنية ولعب دورا مهماً في تعزيز العلاقة مع كافة القوى المنضوية في المجلس، وعمل جاهداً على تعزيز دور الشيوعيين الى جانب رفاقه الآخرين في عمل ونشاط المجلس عبر تقديم المقترحات وورقات العمل والنقاشات للتوصل الى قرارات لصالح الشعب. وفي طيلة الفترة التي كان فيها عضوا بالمجلس لم يغب عنه وكان حريصاً على حضور كل الجلسات الى جانب اجتماع لجنة العلاقات الوطنية.
ولم يبخل لا بجهده ولا بوقته اتجاه رفاقه في قيادة الحزب ولا الحزب ككل فقد كان حريصا على تقديم تقارير دورية لمجريات اعمال المجلس ويعاد طبعها وتوزع على اعضاء (ل. م) والهيآت المسؤولة وكان حريصاً ان يقدم خلاصة اخرى حية في لقاءات اللجنة المركزية التي كانت تنظم كل عشرة ايام او اسبوعين الى جانب ما يقدمه الرفيق ابو داود.
عرفت سعدون سكرتيراً للجنة التنظيم المركزية التي كنت عضوا فيها ومساهماً الى جانب رفاقه في اعادة بناء تنظيمات الحزب مطبقا ومنفذا بابداع السياسة التنظيمية الجديدة التي اقرها اجتماع ل.م في شباط 2003 عشية اسقاط نظام صدام حسين. فالى جانب تنظيم المقرات واستقبال المواطنين والقوى الاخرى فقد كان منظما لثلاث فعاليات وسيبقى تأثيرها كبيرا للحزب.. مبادرة توزيع اول جريدة علنية بعد سقوط نظام الطاغية «طريق الشعب» وتنظيم مسيرة الاول من آيار 2003 وتنظيم مسيرة 14 تموز 2003.
ان هذه الفعاليات الثلاث اثبتت ان الحزب الشيوعي العراقي حزب جماهيري ينتشر في الشارع في اول وهلة تتوافر فيها الظروف المناسبة.
سعدون الانسان كان ملهما ونموذجا في التفاني ونكران الذات والاخلاص لقضية الحزب والشعب.. حزبيا بالقول والفعل شيوعيا باخلاقه ومنفذا مبدعا لسياسة حزبه. من موقعه القيادي في الحزب وموقعه في المجلس الوطني تميز بالحكمة والصبر. سخر جل حياته وطموحاته من اجل رفع مكانة الحزب ولم يدخر جهدا ولا وقتا ولا طاقة من اجل اعادة بناء تنظيمات الحزب.
كان مترفعا بحق وحقيقة على الصغائر وسلوكه الشيوعي كان ينتقل الى من يعمل معه، كان حريصا على وحدة الحزب وحريصا على ان يكون قائدا جامعا وبمبدأية عالية.
سعدون كان ممثلا حقيقيا لحزبه ورفاقه ومواطنيه الكادحين ومعبرا عن طموحاتهم المشروعة في مجال وساحة عمله في الحزب والمجلس الوطني.
نحن بأمس الحاجة اليوم الى قدرة سعدون وامكاناته في مساعدة ودعم من يقودهم ومن التوصل الى المشتركات معهم وتأكيده على الاولويات في النشاط. تراه طموحاً متفائلاً وسلساً حتى في اقسى واصعب اللحظات وبصورة موضوعية.
واخيراً نقول دائما ان للحزب مدرسة وان احد معلمي هذه المدرسة هو سعدون الذي تعلمت منه الكثير..
تحية لذكراه العطرة.. وسنبقى اوفياء للقضية التي استشهد من اجلها سعدون.