مدارات

كوريا الجنوبية.. المحكمة الدستورية تحل حزب اليسار!

رشيد غويلب
أصدرت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، الجمعة الماضية، قرارا يقضي بحل "الحزب التقدمي المتحد"، والذي يمثل قوى اليسار، بامتلاكه خمس مقاعد في برلمان البلاد. وقالت "لي جونغ هي" زعيمة الحزب اليساري، لوسائل الإعلام، ان الحل القسري لحزبها، من قبل أعلى محكمة في البلاد "فتح الباب واسعا للشمولية"، وحول كوريا الجنوبية الى دولة دكتاتورية.
وكانت لي قد خاضت انتخابات الرئاسة في عام 2012 ضد رئيسة الجمهورية الحالية بارك غوين، وذكرتها خلال الحملة الانتخابية، ان والد الاخيرة الدكتاتور الذي حكم كوريا الجنوبية خلال سنوات (1961- 1979)، سبق له وان خدم كضابط في جيش الاستعمار الياباني تحت اسم مستعار هو "تاكاغي ماساو"، وشارك مباشرة باضطهاد شعبه.
وتوقع النائب اليساري لي هو، الذي فقد عضويته في البرلمان نتيجة لقرار المحكمة، أثناء زيارة له للعاصمة الالمانية برلين في الربيع الفائت، ان الدعوى القضائية ضد حزبه، التي قدمتها الحكومة في عام 2013 تهدف للثأر من الحزب بروحية انتقامية.
ورأى ثمانية من تسعة قضاة في المحكمة الدستورية، انه لأمر غاية في الضرورة "إزاحة التهديدات التي تهدد أسس النظام الديمقراطي"، التي يمثلها كما يدعون الحزب التقدمي المتحد. وفي المحكمة اتهم وزير العدل الكوري الجنوبي، الحزب التقدمي المتحد بتنظيم محاولة مسلحة، لإسقاط الحكومة، وإقامة حكومة موالية للشيوعية، وتوحيد الكوريتين تحت سلطة النظام الحاكم في كوريا الشمالية.
وتستند هذه الاتهامات على محاضرة ألقاها لي سوك كي ،احد نواب الحزب التقدمي المتحد السابقين، أمام جمع من أصدقاء الحزب ومؤيديه، أثناء تصاعد التوترات بين الكوريتين في ربيع عام 2013، حذر خلالها لي، من إخطار اندلاع حرب جديدة، واستنتج تعرض القوى التقدمية في كوريا الجنوبية خلالها وعلى أساس تداعياتها للملاحقة، وبالمقابل دعا لي، إلى ضرورة التعبئة السلمية، وفسرت المخابرات الكورية الجنوبية المحاضرة على انها دعوة للتمرد المسلح، واستنتجت وجود "منظمة ثورية"، وحكم على النائب اليساري بالسجن لمدة اثني عشر عاما، وما تزال إجراءات الاستئناف جارية أمام المحكمة العليا.
وبخصوص اتهام الحزب التقدمي المتحد بالعمالة للحكومة في كوريا الشمالية، اوضح الحزب انه يتبنى المصالحة وإعادة توحيد الكوريتين في دولة واحدة، ويقف الحزب صراحة ضد التحالف العسكري بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الجنوبية. وللحزب علاقات مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي، احد اطراف التحالف الحاكم ، بقيادة حزب العمل، في كوريا الشمالية. ولكن الحزب التقدمي المتحد يعارض سياسة التسلح النووي، وتطوير الصواريخ، وكذلك سياسة الحزب الحاكم في كوريا الشمالية. ويدعو الحزب في كوريا الجنوبية الى "ديمقراطية تقدمية" و الى "المساواة الاقتصادية"، ولكن هذه المطالب تفسر من قبل الحكومة في الجنوب على انها شيوعية، وعلاقات صداقة مع حكومة كوريا الشمالية. وتأتي استفادة الحكومة اليمينية في سيئول من لائحة منع الحزب الشيوعي في المانيا في عام 1956 ، لتؤكد على استمرار منطق الحرب الباردة.
من جانبها، اعتبرت منظمة العفو الدولية، في تصريح لـ"روزان رايف" مدير قسم ابحاث شرق اسيا، قرار منع الحزب التقدمي المتحد، الذي يضم حسب معلوماته 100 الف عضو اضطهادا سياسيا واضح المعالم للمعارضة، تحت غطاء الامن القومي. وان قرار المنع يثير"اسئلة جدية بشان علاقة الحكومة بحرية الرأي، وحرية التجمع".