مدارات

لنتعلم من كارل ليبكنخت

رشيد غويلب
مرت في صيف هذا العام الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الاولى، التي كانت تسمى حتى عام 1939 عام اندلاع الحرب العالمية الثانية ، الحرب الكبرى.
وفي الثاني من كانون الاول عام 1914 طرحت قضية الموافقة على قروض الحرب للتصويت في البرلمان الالماني، انفرد كارل ليبكخنت عضو الكتلة الاشتراكية الديمقراطية حينها، واحد اهم الشخصيات المؤسسة، الى جانب روزا لوكسمبورغ، للحزب الشيوعي في المانيا في السنوات اللاحقة، انفرد في رفضه الموافقة على قروض الحرب،وكان الحزب الاجتماعي الديمقراطي قد عقد هدنة مع حكومة القيصر الالماني، وتخلى عن سياسته الرافضة للحرب. وعقابا على هذا الموقف ارسل كارل ليبكنخت الى جبهات القتال. وبعد فشل "ثورة نوفمبر" عام 1918 تواطأ قادة الحزب الاجتماعي الديمقراطي مع المؤسسة العسكرية الموروثة من النظام القيصري وقاموا بتصفية كارل وروزا، اللذين غديا منذ يوم استشهادهما رمزين اممين كبيرين لليسار الالماني والعالمي.
وفي بداية كانون الاول الحالي ، استذكر حزب اليسار مرور مئة عام على اول رفض برلماني للحرب في تاريخ المانيا الحديث في فعالية كبيرة تحت شعار "1914 -2014 ، اليوم كما في الماضي نقول لا للحرب". وكان في مقدمة المشاركين فيها غريغور غيزي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار ونائبته سارا فاكنكنخت ، واوسكار لافونتين الرئيس السابق للحزب. ولا تمثل الفعالية بالنسبة لحزب اليسار احتفاء بحدث تاريخي، بل تعني تاكيدا مستمرا على موقف الحزب الرافض للحرب، وسياسة الغزو الخارجي. والحزب هو القوة الوحيدة داخل قبة البرلمان الالماني، التي لا تزال تنفرد بهذا الموقف ، في مواجهة تحالف غير معلن، يضم جميع الكتل البرلمانية الاخرى. وفي كلمة الافتتاح قالت النائبة اليسارية سيفم دغدلن: " لا تزال الـ"لا"، التي اطلقها كارل ليبكنخت قبل 100 عام، تلقي الضوء على الكثيرين الذين قالوا "نعم" في الماضي، واولائك السائرين اليوم على تقاليدهم".
ومن المعروف ان الموقف من قضية الحرب والسلام يمثل موضوعا للنقاش داخل حزب اليسار، فهناك من يدعو الى الموافقة على مشاركة الجيش الالماني في عملية تدمير الاسلحة الكيمياوية في سوريا ، او في تسليح القوى الكردية المسلحة التي تقاوم داعش. وتناول غيزي في مساهمته هذه القضية بقوله : " ان داعش يعود جذوره الى القاعدة، ومن أسس القاعدة؟ انها الولايات المتحدة". في حين وجه لافونتين نقدا حادا "لمسير المستشارة في اثناء النوم"، ولكنه وجه كذلك نقدا للذين يحاولون تبرير المشاركة في التدخل الخارجي داخل حزبه. والفنان اليساري الالماني المشهور " قسطنطين فكر"، الذي اعتذر عن المشاركة في الفعالية بسبب المرض ، حيا الفعالية، وتمنى ان يستمر الحزب في الالتزام بسياسته الرافضة للتدخل الخارجي.
وذكرت ساره فاكنكنخت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية، ان الحكومة الالمانية في تحالف مع الولايات المتحدة الامريكية والناتو، وهي بهذا المعنى طرف مشارك في الحرب " انها مخيلة مجنونة، تلك التي تفكر باشراك قوات التدخل السريع في شرقي اوكرانيا". وانتقد بوريس كاغاريلسكي مدير معهد "بحوث العولمة والحركة الاجتماعية" في موسكو، انتقد الحملة التي تشنها وسائل الاعلام التقليدية ضد روسيا بقوله : " نجد توافقا كبيرا بين الدعاية الاعلامية التي رافقت اندلاع الحرب العالمية، وتلك التي نعيشها اليوم". وكانت الفعالية مناسبة اكد فيها قادة حزب اليسار الالماني تمسك الحزب بسياسة السلام التي تمثل احدى الركائز الاساسية التي يقوم عليها ، ورفضه نهج اعتماد الحرب وسيلة لفض النزاعات الدولية.