مدارات

بابا الفاتيكان: ضحايا "لاهوت التحرير" في اميركا اللاتينية.. شهداء

رشيد غويلب
يستمر البابا فرنسيس بإرسال رسائل الاعتدال، في محاولة منه لإصلاح موروث الفاتيكان. وجاءت الرسالة هذه المرة من المجلس اللاهوتي لمجمع القديسين، الذي اعتبر مؤتمره المنعقد في نهاية الاسبوع الفائت احد مؤسسي حركة "لاهوت التحرير"، التي ما تزال فاعلة في أمريكا اللاتينية، ورئيس الاساقفة أوسكار أرنولفو روميرو، الذي تمت تصفيته من قبل فرق الموت الفاشية في السلفادور شهيدا.
وعلى الرغم من إن بيان المؤتمر لم يشر إلى حركة "لاهوت التحرير" بالاسم، إلا انه أكد على ان روميرو قتل على أيدي فرق الموت، التي اعتمدت الكراهية للدين. ويمثل التكريم الخطوة السابقة لما يعرف بالعرف الكنائسي (التطويب)، الذي يعد هو الاخر الخطوة التي تسبق "التقديس".
وأشار تقرير لجريدة مؤتمر الاساقفة الايطاليين، الى ان "التطويب" للشهيد كان قد اعتمد من قبل "ابرشية" سان سلفادور عام 1990، ولكن البابا الاسبق باول الثاني والمشرفين تباعا على إدارة مكتبه، المعروفين بمحافظتهم الشديدة، وعدائهم لحركة "لاهوت التحرير" وكل ما هو تقدمي ويساري، أهملوا القرار القادم من العاصمة السلفادورية.
والقرار الجديد يتطلب موافقة البابا فرنسيس، والتي تعد بحكم المتحققة، لان البابا هو من اصدر امراً باعادة دراسة الملف، ناهيك عن كونه ارجنتينياً ومتعاطفاً مع التطورات الجارية في امريكا اللاتينية. وكما تشير الجريدة الايطالية، فان البابا قد اصدر امرا في آب 2014 باستذكار روميرو خلال الثلاث سنوات التالية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاده في عام 2017 تكريما لعمله كرئيس اساقفة في العاصمة السلفادورية، وجهوده القيمة للدفاع عن المضطهدين والمحرومين.
وكان روميرو واحدا من مؤسسي "لاهوت التحرير"، منذ مؤتمر الأساقفة في عام 1969 في مدينة ميديلين الكولومبية، ونشره في القارة، حيث يعيش ما يقرب من نصف الكاثوليك في العالم.
وتلقت الحركة الدعم من حركة التحرر الوطني في القارة، وخصوصا الثورة الكوبية، والحركة المسلحة في نيكاراغورا، والتجربة الثورية المغدورة في تشيلي.
و"لاهوت التحرير" سياسيا، حركة تقدمية تتبنى العدالة الاجتماعية، وقيم اليسار في الإطار العام، اما كنسياً فتنطلق الحركة من ان يسوع المسيح ضحى في سبيل ازالة الفقر والاضطهاد، والكنيسة مجبرة على اتباع نفس المسار.
وقد وقف الكثير من اساقفة امريكا اللاتينية الى جانب شعوبها المناضلة، واكد روميرو البديهية: "بيننا من امتلك البيت تلو الآخر، والحقل تلو الآخر، حتى أصبحوا يملكون البلد بمفردهم". ودعم الاسقف نضال جبهة التحرير الوطني في السلفادور، التي خاضت الكفاح المسلح ضد الدكتاتوريات الحاكمة، والتي أعاد السلفادوريون العام الفائت الثقة للمرة الثانية بمرشحيها لرئاسة البلاد. وقدم الأدوية والمواد الغذائية للمقاتلين، وأكد ان الدفاع عن النفس "باستخدام العنف ضد القمع"، لا يتعارض مع تعاليم الله.
وفي مؤتمر اساقفة امريكا اللاتينية، في عام 1979، في مدينة بويبلا بالمكسيك، طرح روميرو نداء كشف فيه طبيعة الارهاب الفاشي في بلده، ووقع على النداء 50 من الكرادلة والأساقفة، الذين شاركوا في المؤتمر.
وبعدها بدأت حملة لكراهية ضد روميرو، وهددت فرق الموت الفاشية، والمدعومة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية علناً بتصفية الأسقف جسديا علنا. وتم تفجير الإذاعة التابعة للكنيسة، ووضعت القنابل في الكاتدرائية. وفي الثالث والعشرين من آذار عام 1980، قرأ روميرو في خطبة صلاة الاحد قائمة بأسماء 110 ضحية تمت تصفيتهم خلال اسبوع. وطالب الجنود الحاضرين بعدم تنفيذ أوامر القتل. فاتهمته قيادة الجيش بـ"التحريض على التمرد"، وفي اليوم التالي واجه الاسقف رصاص القتلة. واكتفى البابا في حينها