مدارات

الدكتور عقيل الناصري يُنصف ثـورة 14 تموز الوطنية / د. مجيد مسعود

نحتفل هذه الأيام بالذكرى الخامسة والخمسين لثورة 14 تموز 1958 الوطنية، "هذه الثورة التي دشنت سياقاً تاريخياً ( كما كتب كامل شياع في الثقافة الجديدة ع. 310 )، يختلف جذرياً عما سبقه من نواحي القضايا التي تبنتها، والقوى المحركة لها ، والأفق التاريخي لمشروعها التحريري ".
هذه الثورة المغدورة قد صدرت عنها _ معها وضدها_ العديد من المؤلفات والأبحاث والمذكرات إلا أنها كانت تـُعبر عن الكم ونقصُُ فاضح في كشف الحقيقة لما جرى خلال تلك المرحلة التموزية \ القاسمية.
ولهذا فقد تعهد الباحث الجاد الدكتور عقيل الناصري أن يخصص كل خبرته البحثية وبعمل دؤوب استمر اكثر من عقدين من الزمان ولا يزال .ليساعدنا والأجيال الجديدة من شابات وشباب الوطن، في " فهم حقيقة واهمية الظاهرة التموزية \القاسمية. والرقيّ بها دراية وتحليلاً، بـُغية وضعها في مسارها الصحيح، وتحديد المسؤولية التاريخية للقوى والشخصيات التي اعاقت اكتمال هذه التجربة ، وتشخيص الخلل الموضوعي والذاتي لتلك الأحداث.
يتكون مشروع الدكتور عقيل الناصري البحثي هذا من :
المرحلة الأولى: التي درس فيها ما استطاع الوقوف عليه من سيرة عبد الكريم قاسم منذُ ولادته لغاية 14 تموز عام 1958، مـُقسمة إلى خمسة فصول . وقد صدرت بكتاب ( 475 صفحة من القطع الكبير )، بعنوان : " عبد الكريم قاسم – من ما هيات السيرة الذاتية ".
المرحلة الثانية : يحاول فيها دراسة المفاصل الأرأسية لسيرة قاسم من خلال إدارته للحكم وضبطه للصراع الاجتماعي وبوصلته بتحديد مساراته ومواقفه على ما اثرته الثورة من تغيير للبنى الاجتصادية ( اجتماعية _ اقتصادية )، ومن علاقات اجتماعية عامة وتأثيرها على واقع ومستقبل العراق كوحدة جغرافية وتركيبة اجتماعية . (وهو قيد الإعداد حالياً).
المرحلة الثالثة : بحث تمحور حول استشهاد قاسم، الذي سبق له أن أتمه ونشره بكتاب يحمل عنوان :" عبد الكريم قاسم " في يومه الأخير – الانقلاب التاسع والثلاثون".
لقد استخدم الباحث الدكتور عقيل الناصري كماً لا بأس به من المصادر والدراسات العلمية والبحوث التي توفرت له عن واقع العراق الاقتصادي والسياسي ببعديهما التاريخي .وكذلك العديد من أدب المذكرات للسياسيين العراقيين والضباط الأحرار ، وعن تاريخ بعض الحركات والأحزاب السياسية المؤثرة في الظاهرة التموزية /القاسمية. كما قام بإجراء العديد من المقابلات الشخصية من مستويات اجتماعية مـُتباينة ومن أجيال عـُمرية مختلفة كانوا شهوداً أو مساهمين أو مراقبين للحدث.
مع كل التقدير والاعتزاز بهذا الجهد البحثي الموضوعي قدر الإمكان، الموثق بالمتوفر المـُتاح من المصادر. علماً بأن الوثائق الرسمية للمرحلة القاسمية ضمن ارشيف الدولة المحفوظ لدى المركز قد تم اتلافه بالكامل ، وبصورة مقصودة مع سبق الاصرار من قبل عناصر يبدو أنها مُخصصة لذلك العمل التخريبي . كما صرح بذلك مدير المركز الوطني لحفظ الوثائق ، بعد سقوط النظام المناوئ لقاسم عام 2003.
ولهذا واستكمالاً لهذا الجهد الكبير اقترح على التيار الديمقراطي الوطني العراقي أن يتبنى تأسيس مركز بحثى مـُتخصص بالمرحلة التموزية / القاسمية، وذلك بالتنسيق مع الدكتور عقيل الناصري والمهتمين الآخرين من أمثاله.