مدارات

اسبانيا .. الحزب الشيوعي والتحالفات الجديدة

رشيد غويلب
تعيش اسبانيا ما يطلق عليه "عام الانتخابات"، الذي سيشهد العديد من الجولات الانتخابية، اهمها انتخابات مجالس البلديات، التي ستجري في الربيع المقبل ،والانتخابات النيابية العامة، التي ستجري في نهاية العام، بالاضافة إلى ذلك تشهد الساحة السياسية عموما، واليسارية على وجه خاص حراكا على صعيد التحالفات الانتخابية، بسبب الصعود السريع لحزب "نحن قادرون" حديث التأسيس والخارج من معطف حركة "الغاضبون" الاحتجاجية التي اجتاحت البلاد ردا على سياسة التقشف القاسية التي اعتمدها حكومة حزب الشعب اليميني لمواجهة الازمة المالية. وجاء الانتصار التاريخي لحزب اليسار اليوناني، وتشكيله الحكومة الجديدة، ليشكل زخما جديدا لليسار الاسباني الصاعد على طريق مساعيه الرامية لإزاحة حكومة اليمين ومحاكاة التجربة اليونانية الوليدة.
وأدت هذه المتغيرات الى اختلافات داخل اليسار الاسباني المتحد من التحالف مع الحزب الجديد. واليسار الاسباني المتحد يجمع بين شكلي الحزب والتحالف السياسي، ويشكل الحزب الشيوعي الاسباني قوته الرئيسية، ويحتفظ باستقلاليته التنظيمية في اطاره. وتأسس اليسار الاسباني المتحد قبل ثلاثين عاما تقريبا، وارتبط بالاحتجاجات التي سادت اسبانيا ضد دخولها لحلف الناتو. وبالرغم من ان حزب "نحن قادرون" لا يرغب في التحالف مع الاحزاب التقليدية، ويعتبر اليسار المتحد جزءا منها، فان اليسار المتحد منقسم على نفسه بخصوص التحالفات. فهناك اكثرية داخله تدعو للعمل المشترك مع "نحن قادرون"، والاندماج في التحالفات المدنية التي ينشط الاخير داخلها، استعداد للانتخابات البلدية، التي ستشهدها اكثر من 100 مدينة اسبانية في أيار المقبل.
وحسب متابعين ، فان "نحن قادرون" (بوديموس) قرر دخول هذه الانتخابات البلدية من دون اسمه وشعاره، لأسباب عده أهمها عدم جاهزيته تنظيميا حيث لم يمض وقت طويل على تأسيسه، وتحقيقه فوزا لافتا في الانتخابات الاوربية، لذا قرر دخول الانتخابات البلدية بصيغتين، الاولى تشكيل قائمة مفتوحة، والثانية الدخول في تحالف انتخابي مع قوى يسارية من ضمنها اليسار المتحد ، اطلقوا علية اسم "غانيموس" (دعونا ننتصر)، وهي صيغ لا تحمل اسمه او شعاره الصريح، بهدف جذب أوسع الأوساط للتصويت لصالحه.
وفي هذا السياق اعلنت منظمة الحزب الشيوعي الاسباني في العاصمة مدريد، في بيان مشترك مع قيادة الحزب دخول التحالفات اليسارية الجديدة مباشرة، ودون المرور بقوائم اليسار الاسباني المتحد، الذي يسعى بعض قادته في مدريد الى دخول الانتخابات بقوائم مستقلة.
واعلنت قيادة الشيوعي في مدريد، انها لا تعترف بقيادة اليسار الاسباني المتحد في عموم منطقة مدريد ذات الحكم الذاتي، وطالب البيان باقالة قياديين في اليسار المتحد في المنطقة، وهما المتحدث باسمه غريغوريو غوردو، وقيادي آخر هو وأنخيل بيريز، وتشكيل قيادة جماعية تعددية الطابع،"للتغلب على القطيعة الحالية"، وان الشيوعي في مدريد قرر بشكل قاطع العمل مع قائمة "دعونا ننتصر"، والقوائم الاخرى، وينسجم هذا القرار مع التوجهات المركزية للحزب الشيوعي، واليسار المتحد على الصعيد الوطني، وعزز موقف الشيوعيين في مدريد، تأسيس تانيا سانشيز مرشحة اليسار المتحد لمنصب عمد مدريد، ورئاسة الحكومة المحلية لمنطقة الحكم الذاتي، التيار الجديد الذي يحمل اسم "الوحدة الشعبية"، وتوجهها الى قائمة "دعونا ننتصر".
ومعروف ان غريغوريو غوردو، وأنخيل بيريز شخصيات مرفوضة من الحزب الجديد بسبب شمولهم بفضائح فساد طالت قياديين من الاحزاب السياسة التقليدية في فترات سابقة، وسبق للحزب الشيوعي ان أبعدهما من صفوفه، بسبب "انتهاكات خطيرة" ، كما جاء في البيان.
ويهدف الحزب الشيوعي الاسباني، والداعون الى التحالف مع "نحن قادرون" داخل اليسار المتحد، الى تحقيق اوسع تحالف يساري قادر على ازاحة اليمين من السلطة، وهو توجه تدعمه قيادة اليسار المتحد على الصعيد الوطني أيضا.
ويمكن القول ان نتائج الانتخابات المحلية ستنعكس بشكل مباشر على مستقبل اليسار المتحد، وإمكانية استمراره، كما يمكن لها ان تكون بداية لتحالفات يسارية واسعة لخوض الانتخابات البرلمانية العامة نهاية العام الحالي.