مدارات

مسؤولون يكشفون لـ"طريق الشعب" عن واقع مزر في سجون العدل والداخلية

سلام علي
كثيرا ما ترفض وتنتقد الحكومة عبر مؤسساتها الامنية والعدلية التقارير الدولية التي تنتقد واقع السجون في العراق، سواء في توثيقها لحالات تعذيب ام في الواقع الصحي والخدمي والانساني للمساجين في مختلف السجون الحكومية المنتشرة في عموم محافظات العراق.
التقرير ادناه الذي تنشره "طريق الشعب" يكشف وعبر مؤسسات رسمية جزء منها حكومية واخرى مستقلة الواقع "المزري" والمؤلم للسجناء في عدد من السجون، سواء تلك التابعة الى وزارة العدل ام المرتبطة بوزارة الداخلية.
المسؤولون في تلك المؤسسات يؤشرون وبالتفصيل الظروف غير الانسانية التي يعاني منها بعض السجناء، الى جانب عدم التزام الكثير من المعتقلات بالمعايير السجنية المنصوص عليها دوليا.
حقوق الانسان النيابية: سجناء بلا اسرة واغطية
قالت عضو لجنة حقوق الانسان النيابية، ختام الربيعي، لـ"طريق الشعب" امس الثلاثاء، "أن اللجنة رصدت في الفترة الاخيرة بعض الامراض المتفشية في السجون العراقية ومنها سجن العدالة المركزي في بغداد، حيث كان هناك تفشي كبير وواضح للامراض، مثل الامراض الجلدية وكذلك مرض الكبد الوبائي", مضيفة "اضافة الى الاعداد الهائلة من السجناء والاكتظاظ الهائل في تلك السجون".
وأشارت الى ان "اللجنة خاطبت وزارة العدل ووزارة حقوق الانسان لارسال تقارير حول اعداد السجون والسجناء في بغداد وجميع المحافظات, ولم نتسلم اي تقرير حول هذا الموضوع, وخلال هذا الاسبوع سيتم اجتماع مع وزارة العدل وحقوق الانسان لمعرفة الامراض المتفشية وكذلك اعداد المعتقلين الذي تم الافراج عنهم، لكن لا زالوا موجودين في السجن"، موضحة ان زيارتها لسجن العدالة اظهر لها "الكثير من المشاكل التي يعاني منها السجناء, منها االزنزانات المكتظة وكذلك الامراض المتفشية وعدم التزام ادارة السجن بالضوابط والشروط الموضوعة لهم كخروج السجناء ساعتين في اليوم تحت اشعة الشمس حيث ان السجناء اوضحوا انه منذ احداث سجن بادوش (العام الماضي) الى الان لم يروا الشمس وهذه خروقات كبيرة بحق السجناء وحقوقهم".
وأردفت الربيعي ان "السجن يفتقر الى الكثير من الخدمات ومنها ان بعض القاعات لا تحتوي على اسرة او اغطية لهم حيث يستخدمون قناني الماء كوسادة يضعون رؤوسهم عليها ولا يوجد تحتهم شيء يقيهم برد الارض, في الوقت الذي يقول فيه ان وزارة العدل خصصت للسجون مبالغ كبيرة لتحسين واقعهم الخدمي"، منوهة بان "اغلبية السجون تعاني من الاكتظاظ وتفشي الامراض وسوء الخدمات".
واكدت ان "اللجنة رفعت تقريرا الى وزير العدل باعتباره المسؤول عن هذا الموضوع وسيتم مناقشة جميع الامور بخصوص المعتقلات من جميع النواحي".
وبينت عضو لجنة حقوق الانسان النيابية، ان "هناك 14 سجنا تابعا لوزارة العدل, اما المواقف الاحتياطية فعددها 11 موقفا في بغداد وفي المحافظات 17 موقفا تابعة للدفاع والداخلية وكذلك دائرة اصلاح الاحداث في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لديهم 5 دور في بغداد والموصل".
وزارة حقوق الانسان: مواقف مخالفة للمعايير السجنية
قال المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الانسان، كامل امين هاشم, امس، ان "السجون يجب ان تكون ذات بيئة اصلاحية للسجين، لكن للاسف توجد مشاكل كبيرة حول هذا الموضوع, ومنها ان البرامج التوعوية محدودة جدا", مضيفا بالقول "لا توجد هناك معايير سجنية في العديد من المواقف حيث هناك تأخر كبير في بعض المواقف وان بعض المدانين يقضون احكامهم في اماكن سيئة لم تكن مخصصة للتوقيف يتم تحويرها وتحويلها الى مواقف, ومن تلك المواقف موقف وزارة الداخلية وكذلك موقف وزارة العدل في الكاظمية وايضا مواقف محافظة الحلة هذه جميعها لا تتوفر فيها اية معايير سجنية".
وزاد هاشم في حديث مع "طريق الشعب"، ان "المنظومة السجنية فيها مشاكل وخاصة في قضية البنى التحتية حيث لم تكن السجون مهيئة لاستقبال اعداد كبيرة من السجناء لذلك كانت هناك جملة من المشاكل خلال هذه السنوات"، كما ان "هناك انخفاضا في حسم القضايا, بسبب النقص في عدد القضاة وكذلك التأثيرات السياسية على التحقيق وحالات هروب السجناء حيث شكل خرقا كبيرا لمنظومة العدالة الجنائية".
وذكر هاشم، ان "الوزارة ارسلت تقارير حول موضوع سوء الخدمات والامراض المتفشية في السجون العراقية الى اللجنة البرلمانية, ونحن لا نمتلك اية صلاحية لاتخاذ الاجراءات حول موضوع السجون"، مستدركا ان "الوزارة لديها قسم متخصص وهو قسم مراقبة وتفتيش السجون ومراكز التوقيف الاحتياطي حيث يقوم بزيارات دورية ومفاجئة لتقصي الحقائق وكذلك مراقبة الخدمات المقدمة للسجناء".
مفوضية حقوق الانسان: سجناء توفوا بسبب الاجراءات الطبية
قالت عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان، بشرى العبيدي، لـ "طريق الشعب"، امس، ان "المفوضية قامت بزيارة العديد من السجون في بغداد ومراكز المحافظات ومنها البصرة والحلة والناصرية والعمارة, حيث ان البعض القليل جدا من هذه السجون ملتزم بقواعد الحد الادنى النموذجية التي وضعتها الامم المتحدة في التعامل مع السجناء"، مقرة بان "اغلب تلك السجون تعاني من الاكتظاظ باعداد المعتقلين اكبر من طاقتها الاستيعابية, والابنية قديمة جدا والخدمات الصحية فيها ليست بالمستوى المطلوب وهناك امراض كثيرة ورصدت حالات وفيات فيها، والسبب يعود الى ان تلك السجون تحتوي على مركز صحي، لكنه غير متكامل الاجهزة والكادر الطبي".
واعتبرت ان "الاجراءات المطلوبة في نقل السجين من السجن الذي لا يحتوي على مركز صحي الى المستشفى معقدة جدا وطويلة حيث يتسبب احياناً في موت السجين وتم رصد تلك الحالات في سجن العدالة وكذلك سجن الناصرية وكذلك سجن النساء في بغداد".
ووجدت العبيدي ان "المشكلة الاكبر في تلك السجون هي حالات الاكتظاظ الشائعة فيها حيث ان هناك بعض السجون سعتها 400 سجين ويوجد فيها 600 وكذلك بعض السجون سعتها 2000 ويوجد فيها 3000 سجين والسبب يعود الى ان السجين اما موجود كمعتقل قيد التحقيق وأوراقه لم تصل الى القاضي حتى الان او هو في السجن منذ سنتين او اربع سنوات وغيرها وهذا يخالف القانون، حيث ان القانون ينص على ان مدة التحقيق يجب الا تتجاوز ستة اشهر, او البعض مفرج عنه ولكن لا يزال في السجن بحجة ان الداخلية تتأكد ان كان متهما بقضايا اخرى"، منبهة الى ان "هناك مشكلة اخرى وهي مشكلة تشابه الاسماء حيث ان هناك الكثير من الحالات موجودة بسبب تشابه الاسماء والمخبر السري, وهذه مشكلة يجب ان تقوم الدولة بايجاد حلول لها".
وتسترسل عضو مفوضية حقوق الانسان، في بيان المشاكل التي تعاني منها السجون، قائلا ان "هناك مشكلة اخرى وهي نوعية الطعام حيث ان في بعض السجون تكون نوعية الطعام فيها ليست بالمستوى المطلوب وتم تبليغهم وتسجيل مخالفة عليهم، وارسالها الى الجهة المعنية وهي وزارة العدل".
وبخصوص التعذيب، بينت العبيدي ان "التعذيب يكون في الغالب في مرحلة التحقيق وبعض السجناء لديهم تقارير طبية حول موضوع التعذيب ورصد حالات وفاة بسبب مشكلة التعذيب وهذه الحالات توجد في سجون وزارة الداخلية".